من تواضع لله رفعه..!ا

أجــندة جريــئة.

من تواضع لله رفعه..!!

هويدا سر الختم

حكومة شمال السودان وحكومة جنوب السودان كل منهما تقلل من أهمية انقطاع البترول.. حكومة شمال السودان تقول على لسان وزير الدولة برئاسة الجمهورية الدكتور أمين حسن عمر.. عقب قرار جنوب السودان بإيقاف إنتاج وتصدير النفط عبر الشمال: (إن كمية النفط الموجودة بالأنابيب والمستودعات ستوفر مبلغاً كبيراً من ديون السودان على الجنوب).. وحكومة جنوب السودان قالت على لسان وزير رئاسة مجلس الوزراء دينق ألور: (حكومة الجنوب تمتلك احتياطياً نقدياً يكفيها مدة خمس سنوات من الآن.. وأن اقتصاد الدولة لن يتأثر بإيقاف إنتاج النفط لحين أنشأ الخط الجديد). دولتان بائستان.. دولة قديمة ولكنها لا تبعد كثيراً عن خط الصفر الذي تقف عنده دولة جنوب السودان حديثة التكوين.. مورد البترول بالنسبة لشمال السودان مهم جداً.. خاصة في غياب الموارد الأخرى والتي يعتبرها الخبراء (الأكثر أهمية) مثل الزراعة والرعي والصناعة.. ولكن حينما فصلوا السودان و(طار) معه البترول قالوا عنه كما قالت القطة حينما لم تستطِع الوصول إلى اللبن (أصلوعفن ومكشكش). والآن البلاد تمر بضائقة اقتصادية لم تشهدها في تاريخها.. ولا يحس بها أحد من المتمكنين.. ربما لذلك تأخذهم الأنفة والكبرياء في التعامل مع الأمور.. فمن يأكل أربع إلى خمس وجبات في اليوم لا يستطيع أن يدرك معنى أن ينام أحدهم ومعدته خاوية.. وفي- حالة أخف ضرراً- يجمع أحدهم جهوده المالية كلها في وجبة لأطفاله تاركاً بقية الضروريات وفي كثير من الأحيان لا تقل عن أهمية الوجبة.. دولة جنوب السودان الحديثة.. أيضاً يعتبر البترول مهم جداً لها خاصة في هذه المرحلة من عمر الدولة الوليدة، التي تحتاج إلى (استخدام المعلبات حتى تهيء مطبخاً للطبخ). فالدولة لا قبلة لها غير البترول، ولا أظنها تملك أي احتياطي نقدي أو غذائيّ.. وشعب جنوب السودان حالته أسوأ من شقيقه شعب الشمال.. فهو أيضاً مثل الدولة الحديثة يبني نفسه من جديد بعد أن اعتاد سنوات طوالاً على الحياة الجاهزة في الشمال وهناك في الجنوب لا توجد أبسط مقومات البناء.. ربما مدينة جوبا العاصمة أفضل حالاً.. غير أن بقية الولايات تعيش أوضاعاً مأساوية خصوصاً بعد الانفصال.. الشعبان هنا في الشمال وهناك في الجنوب هم ضحية سياسيين خرق.. وسياسات خرقاء.. ظلوا لسنوات طوال ينتظرون بارقة أمل في الأمن والاستقرار والنوم ملء جفونهم دون خوف من مصاعب الحياة التي توارثها الأجيال.. غير أن الساسة هنا أو هناك يجعلون هذا الحلم صعب المنال.. فالحياة في كلتا الدولتين تمر بتحديات ضخمة.. لا يمكن تخطيها بسهولة ونجاح مالم تتحلّ قيادات الدولتين بالمسؤلية والمصداقية والواقعية.. الآن حكومة الشمال تسير أمورها (تلاقيط) تركز فيها على الدعم الخارجي أكثر من الموارد الداخلية.. لأن الموارد الداخلية لم يتبقّ منها غير الرسوم والضرائب الرسمية منها.. وربما غير ذلك.. إذن تحتاج حكومتنا إلى التواضع قليلاً- ومن تواضع لله رفعه- حتى تستطيع تقييم الأمور بطريقة صحيحة ومن ثم وضع الحلول لها أيضاً بطريقة صحيحة تقي هذا الشعب الصابر المرابط شر المزيد من المعاناة والألم..

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..