مقالات سياسية

مقترح عملي لكيفية تمويل مشروع صرف صحي و مجاري للعاصمة

حسين عبدالجليل

مما يتفق عليه سكان العاصمة المثلثة و ضواحيها هو أن مدينتهم تحتاج بصورة ملحة لشبكة حديثة للصرف الصحي والمجاري . كل الحلول المؤقتة التي أتبعتها أدارات العاصمة المتعاقبة في العقود السابقة لتصربف مياه الامطار فشلت فشلا ذريعا. كما وان اعتماد الغالبية العظمي لسكان العاصمة علي مراحيض موصلة ب آبار في منازلهم أدي لتلوث المياه الجوفية في مناطق متعددة من العاصمة المثلثة .

كلنا يعلم بأن الحل الجذري يكمن في أنشاء شبكة صرف صحي حديثة متكاملة تغطي كل العاصمة و ضواحيها كما هو الحال في معظم عواصم بلاد العالم, الا أن مايحول بينننا و بين تطبيق هذا الحل الناجح هو التكلفة الباهظة له , والتي في الغالب ستفوق المليار دولار . فأين لنا بمثل هذا المبلغ الباهظ ؟ . في هذا المقال أقترح حلا أري أنه سيمكن حكومة ولاية الخرطوم من جمع المال المطلوب دون تحميل المواطن المنهك أقتصاديا أي تكلفة في مرحلة الانشاء .

في أثناء تجوالي بمدينة الخرطوم في بداية الشهر الحالي بحثا عن شراء شقة أو منزل صغير متواضع ذهلت عندما علمت من السماسرة والعاملين في مجال العقارات بتكلفة شراء دار صغيرة بالخرطوم , وهم دوما ما يسعرون الارض , المنزل , أو الشقة بالدولار الامريكي في بلد عملتها الجنيه السوداني . ربما يفعلون ذلك نسبة لتقلب سعر الجنيه السوداني والتضخم المالي المتسارع بالبلاد .

لاعطاء القارئ فكرة عن اسعار العقارات حاليا بالخرطوم أقول بأني زرت شقة بالجريف شرق مساحتها الاجمالية أقل من 150 متر مربع وهي معروضة بسعر 130 الف دولار . زرت مجمع الرواد وهو مجمع ضخم بمنطقة اللأماب بحر أبيض تم بيع كل شققه بالدولار. أحبرني أحد القائمين علي المجمع بأنهم بصدد بناء عمارات جديدة سيترواح سعر المتر المربع للشقة فيها مابين 900 دولار للمتر المربع للشقة في الطابق الارضي , و يزيد السعر للطوابق العلوية ليصل الي 1350 دولار للمتر المربع . كما و أخبرني أحد المحامين العاملين في مجال تسجيل العقارات بأن متوسط قيمة الارض (ولايشمل ذلك قيمة المبني المقام علي الارض ) بحي الصحافة جنوب الخرطوم هو مائة الف دلار !

الغرض من هذه الرمية, كما يقول الاستاذ البوني هو أن ولاية الخرطوم يمكنها الاستفادة من هذه الاسعار الفلكية للاراضي أن هي وضعت يدها علي مساحة شاسعة من الامتار المربعة في موقع استراتيجي بالخرطوم , و استحوذت عليها ومن ثم وقامت ببيعها بهذه الاسعار الخيالية لتمويل مشروع
الصرف الصحي .

قطعة الارض التي أقترح علي ولاية الخرطوم الاستحواذ عليها لهذا الغرض هي ميدان سباق الخيل بمدينة الخرطوم . هذا الميدان الضخم (مساحته عشرات الالوف من الامتار المربعة) و الذي يقع غرب الديوم – النزهة و شرق ابوحمامة كان في الماضي يوصف بأنه يقع في جنوب الخرطوم . ولكن مع تمدد الخرطوم في السنوات الماضية أصبح الميدان يقع في قلب مدينة الخرطوم , و ويباع سعر المتر المربع في الاحياء المجاورة له بأسعار فلكية . أنا علي يقين بأن الولاية أن فعلت ذلك فيمكنها جمع مايزيد علي المليار دولار أن هي باعت ارض سباق الخيل في مزاد .

كل حكومات العالم (حكومة مركزية, فدرالية , او ولائية) لديها قانون يسمونه بالانجليزية eminent domain يتيح لها انتزاع أي قطعة أرض , تقع داخلها , من أي جهة بغرض المصلحة العامة. و بالتأكيد ستكون لولاية الخرطوم و لحكومة السودان مثل هذا القانون . ليس لدي علم بمن يمتلك ميدان سباق الخيل بالخرطوم حاليا؟ هل هو ملكية عامة للولاية؟ أم ملكية خاصة؟ ولكن ماأعلمه هو أن المستفيدين منه من المراهنين و ملاك الخيول هم من أغني أغنياء الخرطوم و و يمكنهم امتطاء سياراتهم الفارهة و قيادتها لميدان آخر تعوضهم به الولاية و يكون في أقصي المدينة .

نحتاج للتفكير خارج الصندوق ان أردنا تطوير البنية التحية للخرطوم بسرعة و أعتقد أن هذا المقترح المتواضع يمكن أن يكون حلا جذريا لمشكلة المجاري و الصرف الصحي . لو كنت في مكان والي الخرطوم الحالي أو القادم لنفذته بلا تردد و لاعقبت ذلك بالتفاوض مع الجهات المعنية بالجيش بغرض الاستحواذ علي مساحات شاسعة من الامتار المربعة , في مختلف مناطق الخرطوم , يسخدمها الجيش لاغراض مختلفة . و لعوضتهم بدلا عنها بارض في مناطق طرفية و لقمت ببيع تلك الاراضي و استخدام قيمتها لانشاء نظام مواصلات عامة يتكون من قطارات ترولي كهربائية و مترو معظمه فوق الارض و جزء منه تحت الارض مشابه لمترو مدينة اسطمبول المبسط .

بقليل من الجهد يمكننا جعل الخرطوم من أجمل عواصم العالم وهي بلاشك مدينة تمتلك كل مقومات الجمال من ماء وخضرة و وجوه حسنة و شعب سوداني من أسمح شعوب العالم !

[email protected]
__________________
مدونتي:
https://hussein-abdelgalil.blogspot.com

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..