مقالات وآراء

وما أدراك ما إكسبو – الجزء 16

عبدالدين سلامه
لقاء وزير المالية الذي انعقد في القنصلية السودانية  بدبي ،  والذي جمع مختلف شرائح الجالية ، كان أريحيا سلسا رغم العديد من التناقضات التي شابته ، ورغم خروج البعض مغاضبا ومحقا في مغاضبته ، فالحاضرون قدّموا خارطة طريق حقيقية  لو استفاد منها الوزير الذي قال أن اللقاء يعدّ أنموذجا للسودان المرتقب الذي يجسّد النظرة القومية البعيدة عن اي انتماءات لغير الوطن ، بعكس ذلك المسؤول غير المسؤول الذي وصف تجّار الجالية بالفلول .
الجالية السودانية ممثلة في ممثليها المتحدثين من رؤساء الأندية طرحت بكل وضوح مشاكل المغتربين لا المهاجرين السودانيين ، وطرحت الحلول التي قالت أنها مستعدّة لتنفيذها لو تم اقرارها دون أن تكلّف الحكومة مليما واحدا ، وحتى مشكلة المواني أكّد رجال أعمال الجالية استعدادهم الفوري لحلّها بإنشاء أكثر من ميناء على شريط البحر الأحمر وبالشروط التي تريدها الحكومة ودون ان تدفع من خزينتها شيئا .
ورغم إلحاح منظمو اللقاء بطرح المقترحات الايجابية دون السلبية ، إلا أن جالية الامارات على مرّ التاريخ لم يسجّل لها سكوت عن الحق مهما كان موجعا ، خاصة وأن وزير المالية استحق دخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية باعتباره أول سوداني بعد اللجنتين الشرعية وغير الشرعية ، المسؤلتان عن جناحنا (الكسير) ، أشاد بالجناح واعتبره مبهرا يشبه الوطن ، ماجعل الموجودين في القاعة يستغربون للمقاييس التي بنى عليها الوزير رأيه ، وكأنه لم يمر في طريقه للجناح بأجنحة الدول الأخرى التي تبهرك بالعجائب من تصميم ومحتوى وموجودات .
النقطة الأهم التي تطرّق لها الوزير حول السؤال عن كيفية إنفاق الخمس مليون دولار التي تمّ إعلانها في مؤتمر صحفي  رسمي بالخرطوم ، كميزانية للجناح (المكسور) حتى الآن ، والتي قال أن  المالية لم تسلّمها  للجنة المنظمة حتى الآن ، ماجعل الحدقات تتسع عن آخرها ، فالوزير المفوّض قالت قبل أقل من شهر في ذات القاعة ، ومن ذات المكان الذي يتحدث فيه الوزير ، أن تأخّرها في القدوم لدبي كان بسبب الترتيبات المالية ، وأنها جاءت بعدما استلمت الميزانية وأودعت جزء منها بالعملة المحلية في الخرطوم ، وبعض آخر بالعملة غير السودانية في بنك النيلين بأبوظبي ، والحديث تم بثّه على قناتنا الرسمية وغيرها من القنوات ، وتمت تغطيته في الصحف المحلية وغير المحلية ، فمن نصدّق ياترى ؟ لأن حديث الوزير يعني أن الميزاية التي أعلنت عنها سعادة المفوّض العام للجناح لم تخرج من وزارة المالية ولاعلم للوزارة بها !!! ما يفرض سؤالا هاما هو كيف تم إنتاج المحتوى المدسوس عن المعرفة حتى الان؟؟ وكيف تم بناء الجناح طالما اللجنة لم تستلم مالا ، ولم يوضّح الوزير أسباب عدم دفع المال للجنة حتى الآن وإكسبو قارب افتتاحه الشهر ؟؟!! غير أن عدم علم الوزير بما يجري في وزارته ليس جديدا ، فقد سبق أن قال بأن لاعلم له بما أودعته لجنة التمكين في المالية ، والأمثلة لاتنضب !!!  وهناكاحتمال آخر هو أن تكون اللجنة قد تبرعت بالتكاليف أو جمعتها خارج ولاية المالية ولو صحّ الاحتمال فعلى اللجنة توضيح  الأسس والضوابط فمن حق كل سوداني أن يعرف فعهد الثورة يحتاج الشفافية لا الغموض .
الأنكأ من ذلك أن إحدى الشخصيات النافذة في الجناح ضاقت ذرعا بالانتقادات التي تم تقديمها للجناح واعتقدتها لشخصها ، وقالت أمام الجميع أنها (تربية خواجات) ، دون أن تذكر بأن أجنحة الخواجات الذين اعتزّت بتربيتهم ، لاتشبه جناحنا المعاق في شيء ، وناسية أيضا أن هذا الجناح ملك لتربية من طردوا الخواجات من السودان ، وقدّموا رأس غردون باشا ترجمة لذلك الرفض ، وهزموا كتشنر وهكس وغيره من مردة الخواجات في ذاك الزمان  عندما  حاولوا (تخويج) ما يخصنّا ، وعندما تم حذف تلك الشخصية من قروب فريق المساندة الاعلامية بالجالية باعتبارها لاتنتمي لها  أو إعلامييها ، قالت أنها لاتتشرف أصلا بوجودها في ذلك القروب الذي لايتشرف هو الآخر بوجودها معه ، لأنه تربية سودانية وطنية خالصة ، ومعظم من فيه نخب كانوا من المحرّكين للثورة والداعمين لميدان الإعتصام بأموالهم وحضورهم بل وجرحاهم وشهداءهم  ومنصّاتهم الإعلامية المختلفة التي لازال أرشيفها معلقا في أروقة الأنترنت الذي صنعه أولئك الخواجات ، والمفوّض العام التي أذرفت دموعا غالية علينا بسبب الإنتقاد الحاد للجناح من مختلف الأطراف ، لها أن تعلم بأن الإنتقاد ليس موجها لشخصها فقد استلمت الجناح في وقت متأخّر ووجدت نفسها ضحيّة لكل العلل القديمة التي لم تكن طرفا فيها ، ولازالت تحتاج منها الكثير من العمل لإصلاح مايمكن إصلاحه قبل الإفتتاح الرسمي الذي أكّده وزير المالية في السابع والعشرين من هذا الشهر ، وفات عليها أيضا أن المنتقدون بمختلف فئاتهم يميزون بين النقد والواجب ، فمن يتصدّى للعمل العام لن يسلم من النقد خاصة في حال مائل كحال جناحنا اللغز .
جناح الباكستان يستقبلك فيه الوزير المفوّض عند الباب ، ويقودك لابتكارات لم نسمع عنها في جناحنا سوى في اللقاءات التلفزيونية ،  وجناح الجارة مصر يستقبلك فيه الفنانون بترحاب وحفاوة ، وجناح الصومال واثيوبيا واريتريا وجنوب السودان  وغيرها من الدول تكفي زيارة واحدة لأي منها لنحس بالفرق .
الجالية كلها مهما كان رأيها حول الجناح لابد لها من الوقوف مع المفوّض العام التي جاءت خصيصا لأجل إنجاحه ، ولابد للجالية بمختلف مكوناتها من دعمه وتعويض الفارق بالفعاليات ، فالجناح ملك للجميع ومركب يحمل  ماء وجه الكل لا الجزء ، وابتعاد أو إبعاد الجالية عنه هو ما أخرجه بهذه الصورة الهزيلة التي استنكرها الكل إلا وزير المالية المهذّب الوقور ، ويجب على  رؤساء الأندية حشد الطاقات في مناطق تواجدهم لأجل الاستفادة من الخمسة أشهر المتبقية التي  تحتاج تكاتف يحقق كافة اهداف المشاركة
وقد بلغت .
كسرات :-
•       للشرق دون شك قضاياه العادلة شأنه شأن كل جغرافيا البلاد ، ولكن الميناء ليس ملك لشخص ، فهو رئة تتنفس عبرها كل مساحات بلادنا ومعظم البلدان المحيطة بنا ، ووجود ترك في الخرطوم ثمرة من ثمار الثورة ، فالحرية التي اقتلعها الشعب السوداني ودولة القانون التي أرساها هي التي جعلت ترك يدخل الخرطوم آمنا بل ويطرح وجهة نظره على الملأ في قناة سودانية  رغم إغلاقه الميناء وتحديه المج لدولة القانون ، ولكن عدالة الثورة أيضا تأتي نقيض ماصرّح به البرهان بأن القضية سياسية ويجب حلّها بالحوار ، وهذه القضية بالذات يجب أن يتم التحقيق فيها من كل جوانبها بسبب الآثار الكبيرة المترتبة عليها ،فقد انتقلت عدواها ليغلق المناصير  الطريق إلى سد مروي ،  والكبابيش طريق الصادرات، وأبناء غرب كردفان آبار النفط ، والساقية لسه مدوّره ، ولعدم سنّ هذه السنّة لابد من معالجة الأمر وفق عدالة الثورة لا السياسة لأن غلق الميناء خنق وتجويع وليس سياسة، ولأن الميناء ملك لكل الشعب لا لشخص أو فئة .
•        فارقنا بلوم الغرب الخلوق المحبوب الذي ارتجل الروائع ولم يتوقف لأكثر من خمسة عقود عن الإبداع ، ويحمد لأبناء كردفان بالإمارات والسعودية  دعم علاجه قبل سنوات ، ويحمد لخطوطنا الجوية التي ننتظر بشغف معانقة مقاعدها بكل فخر ، وقوفها معه كمسؤولية مجتمعية حتى آخر رمق ، والعزاء للكرادفة ، فالراحل يكاد يكون الفنان الوحيد الذي امتدحه عملاق الفن الراحل الهرم محمد وردي وأشاد به وغنّى له ومعه ، وفي ذات الفترة فارقنا عالم خلوق جليل قدّم الكثير لأجل وطنه وشعبه رغم محاربة الكثير من زملائه ، هو صديقنا الدكتور كمال  أبوسن الذي اشتهر عند الجميع بابتداع المدهش في عمليات علاج وزراعة الكلى ،  وعند أصدقائه بابتسامة دائمة ووجه باش وحلاوة معشر ، ألا رحم الله الفقدين الكبيرين وأسكنهما فسيح جنّاته مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا
•        تحالف كردفان للديمقراطية الذي ولد قبل فترة بأسنانه ، وضمّ خيرة أبناء  ونخب الاقليم بولاياته المتعددة ، تم تقنينه في الجلسة الرسمية الأخيرة ، ويعدّ تقنين التحالف قفزة هائلة للأمام ، ووفق أجندته المتّفق عليها ، سيكون مستقبل الولاية مختلفا تماما عن السابق وأنا مسؤول عمّا كتبت .
ونواصل ….
[email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..