حاضِنة (فرتَاق الصفوف)..!

عبد الله الشيخ
حتى يتمكن السيد حمدوك من إنزال موجهاته تلك على أرض الواقع، يتوجّب عليه تجسير الهوة بينه وبين شركاءه العسكريين، الذين كثيراً ما فاخرَ بهم.
حتى يستعيد لُحمة الشراكة، عليه أن يحافظ على درجة معقولة من الانسجام داخل كابينة قيادته، فيراعي – على الأقل – مشاعِر حاكِم إقليم دارفور/ مني أركو مناوي، بألا يختار من المستشارين من (لا يركب مَعه في حلَّة واحِدة)!
لكي يتمكن السيد حمدوك من رأب الصدع داخل مؤسسات الحكم الانتقالي، فهو يحتاج لميثاق مُحكم ومشهود مع عسكره، إن كان حقاً وصِدقاً يُفاخِر – بأنهم معاً – يقدمون نموذجاً يحتذى بين تجارب الشعوب الثائرة.
يحتاج السيد حمدوك – قبل كل شيئ – لمخاطبة جذور الأزمة بعرض ثِمار مشاوراته مع أطياف العملية السياسية، فهو يقول في بيانه الليلة قبل البارحة، أنه انهمك معهم لشهرٍ مضى في حوارات عميقة.
لكن سيادته لم يبني على خلاصة ما توصّل إليه مع هؤلاء،، بل عادَ ليؤدي دور الوسيط بين (قحت الأولى والثانية) و يُعلن في نفس الوقت أنه ليس محايداً في صراعَ وصفه، بأنه يدور بين الثورة وأعداءها.. ومن يدري،، لعل الوساطة تكون في ميزان حسناته، بعدَ أن شدّدَ على أن التاريخ (لن يسامحنا) إن لم نحقق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة…
تضمنت النقاط العشر التي طرحها السيد حمدوك محتوى جيداً، لكن كيف يمكن تفعيلها، وبين ظهرانيه (هذا البرهان) على أن تسعة طويلة ترتبط عضوياً بحِصار الشرق للخرطوم، وبتلويح وزير مالية الثورة بعصا التأديب، بينما يشارك (البعث العظيم) مُجسداً في شخص يحي الحسين في هذا التتريس، والله المستعان!
كيف إذن يعود عسكر الشراكة لبيت الطاعة الأمريكي، بينما يستعِد رئيس وزراءنا لتلقي (الفلقة الثانية) من زعيم قبلي؟؟ فلا أحد غير السيد حمدوك يمكن أن يدفع ثمن سوء تقديره لأوضاع شرق السودان… مع كل ذلك، يتعمّد سيادته تشفير الرسائل داعياً نظارات البجا والعموديات المستقلة إلى فتح الموانئ وهم كيانات يستفزها – منذ الاستقلال – تلكؤ المركز تجاه مطالبهم، ليأتي رئيس وزراءنا ويكمل الناقصة بالانهزام أمام العمودية في قضية والي كسلا السابق، بعد فقدان عديد الضحايا… ثم يأتي ليمني شعبا غضوبا – بعد شهر من التمرُّد على المركز – بانعقاد مؤتمر دولي لاعمار الشرق : مؤتمراً لم يحدد موعده ولا مكانه ولا المشاركين فيه… فهل هذا البرود الحمدوكي، يتناسب مع بِجاوي يتأبط سيفاً، ويكرف روح الصحراء!؟
حتى تصبح موجهات حمدوك أكثر واقعية، كونه ألمح لاستعداده توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة، مُغازِلاً الجاكومي وعسكوري و أردول ..
و الغريب أن الأخير – أردول – هو زول حمدوك، المَحظي عنده بذهب المُعِز و شيكاته!!
حتى تكون موجهات حمدوك أكثر واقعية، طالما أنه قرر توسيع قاعدة المشاركة (مُستبعِداً الزواحِف)!!
علي سيادته أن يستعد منذ الآن للاستغناء عن كثير من أصفياءه ومستشاريه ومعجبيه أيضاً..
ولما كان متوقعاً مِن السيد حمدوك استرضاء (فرتَاق الصفوف) بمقعد في تشكيلة حكومته الجديدة، فإن مجازفة الارتهان لحاضِنة هذا الفرتاق، ستُكلَّفه عاجلا، اقامة حفل وداع مَهيب للرفيق ياسر سعيد عرمان، وآخرين، ربما تكون بينهم تلك الوزيرة التي خدمت قضايا الثورة والثوار مِن فوق (أكباد الطائرات)،، على حد العبارة الأثيرة لصديقنا فتحي الضو.. وشكرا حمدوك!
الجريدة