مقالات وآراء سياسية

السودان.. شعبٌ عملاق خلف قادةٍ أقزام

أحمد محمود كانم

يبدو أن حظَّ الشعب السوداني من القادة كحظ الحوت من لحم يونس.. لأنه وعلى امتداد تاريخ السودان الحديث، ظلّ يخوض أهْول المعارك وأشرسها، بكل بسالة، فيُقتل ألوفٌ إثر ألوف، لكن ما ان يأتي النصر وتضع الحرب أوزارها، حتى يُفاجأ الأحياءُ منهم والأموات بأن الذين كانوا يقاتلون تحت ألويتهم ما هم إلا نسخة أخرى ممن كانوا يقاتلونهم.

ليبدأ الشعب جولة أخرى من الكفاح ضد ذات القادة، حتى يأتي النصر فيستنسخ لهم قادة أخرى تجعلهم يحنون للماضي القريب.. وهكذا دواليك.

لا شك أن تاريخ السودان السياسي المعقّد قد لعب دوراً كبيرا في صنع قادة يعانون من أمراض متنوعة، فالبعض يعاني من داء الغطرسة المزمنة التي تدفعه نحو الاعتقاد بأنه لا معبود في البلاد سواه، والبعض يعاني من ساديومازوخية مفرطة تجعله يتلذذ بالتذلل لأي كائن بشري، شريطة أن يكون من خارج البلاد أو القارة السوداء.. وما زيارة الوفد السوداني إلى لندن في 29 يوليو 1919 برئاسة الميرغني وعبد الرحمن المهدي و مترجمهم _وقتها_ إسماعيل الأزهري لتهنئة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا بالانتصار في الحرب العالمية الأولى، وإهداءه سيف المهدي كعلامة للطاعة المطلقة، وما تخللها من اعتراض الوفد الزائر على قانون تحريم الرق في السودان، إلا نقطة بداية لسلسلة من عمليات لعق أحذية المستعمر والجوار الإقليمي على حساب تطلعات المواطن السوداني وكرامته وحريته.
لذلك ليس غريبا ان تظل البلاد ورغم انعتاقها من قبضة الاستعمار البريطاني، تعاني من شح في القيادة الرشيدة، خارج صندوق قيادات الأحزاب والعسكريين الذين لم يوفّقوا يوماً في التوافق من أجل الوطن إلا من خلال مصالح أحزابهم التي لم تُقم للمواطن وزناً خارج ميادين الاحتشاد للتسبيح بحمد قادتها المرضى.

إن ما تشهده البلاد اليوم من تخبط وتدهور متسارع جراء الخذلان والانتكاسة التي تواجه ثورة ديسمبر التي استطاعت تكتسح وتسقط أعتى دكتاتور عرفه التأريخ السوداني، لهو نتيجة حتمية لغياب تام لقادة بحجم تطلعات وشموخ وثورة الشعب السوداني العنيد.
إذ لم يكلف أحدٌ من قادتنا نفسه للتخطيط لبناء سودان يحيا فيه مواطنوه آمنين أعزاء مكرمين مرفهين متساويين غير جائعين ولا خائفين.

فالبلاد الآن ليست في حاجة إلى تحسين اقتصادها بقدر ما هي في حاجة إلى قيادة ذكية تعرف من أين تؤكل الكتوف، قيادة تفقه في مصلحة الشعب وتعمل عليها بعقل كبير دون أن تذعن لأية إملاءات خارجية، قيادة تدرك كيف تُملّك المواطنَ مفاتيح العيش الكريم وتجعله يحب وطنه ويعمل معه من أجل الرقي به بدلاً من أن يهجره إلى بلدان أخرى.. قيادة تؤصل لإجتثاث جذور الأزمات.. مع وضع خطط اسعافية بجداول مدروسة للخروج بالبلاد إلى شاطئ النجاح الأكيد.

أقلام متّحدة

‫4 تعليقات

  1. صدق والله بعد ما المشهد اكتمل للانقلاب وجلوس الحركات ياللعار ياللعار يحملون بندقية مات وهجر ومنع من التعليم الالاف ياتي قادتهم الارتماء في حضن جلادهم نخب مصنوعة من دول الاقليم ياللعار قسما بالله ان قرفت وكرهت اي سياسي ولا ناشط سياسي لكن بنوريكم شغل عمركم ما شفتوهوا كسم العسكر كسم النخب نحن الشعب نوريكم

  2. بلا كضب وتملق طيب القادة ديل جو من وين ؟ الواقواق ؟
    صحيح الكلام ده قاله محمود محمد طه
    لكن القادة هم ابناء هذا الشعب فلو كنا عماليق لكانت قادتنا كذلك
    نحن شعب اناني يحب نفسه .حاسد لاخيه …الخ من الصفات السيئة

    1. لم نقول نحن شعب ملائكي فينا الحسنة والسيئة لكن المسؤول عيب يكون تابع عيب يكون يتلقى تعليمات لقتل مواطنه عيب يكون تابع لتابع التابع من العمالة والشباب البتواجه البندقية بصدور عارية ديل لو بفكروا بتفكيرك السيء دا ما في زول كان طلع المجرم بشه خليك راجل بطل كلام اولاد بمبو دا كلهم تجار شنط مشنطنكم في شرم الشيخ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..