مقالات وآراء

للثوار في يوم زحفهم و غضبهم، أقول

معتصم بخاري

تحدثت إليَّ سيدة فاضلة من الخرطوم، والدة واحد من أفضل من عرفت من الرجال خُلقآ وتربية.. تحدثت إليَّ لتشيد بمقال كتبته عن الوضع الراهن.. ثم طلبت مني أن أكتب عن هتافات و لافتات بعض الثوار، فقد ساءَها ما جاء في بعضها من قول فاحش، و عبارات كتبت و رفعت تنم عن إنحدار غير مسبوق في لغة التخاطب و غياب تام لأدب التحاور و الإختلاف.. بل غياب لحسن التربية و التنشئة..

بعض هذه الهتافات وجهت نحو الدكتور حمدوك عشية توقيعه علي مذكرة التفاهم مع الإنقلابيين،  الفعل الذي أثار حفيظة و صدمة كثير من الثوار.. فخرجت بعض هتافاتهم عن سياق الأدب و الذوق العام.. و قد رأيت لافتة ترفعها إحدى الثائرات و قد ” هالني ” ما كتب فيها و لم أستطع أن أجدد مبررآ واحدآ يجعلها ترفع لافتة فيها هذا ” الغثاء ” مهما كانت درجة الغضب او اليأس من الوضع الراهن.. إن النساء لا يستخدمن هذه الألفاظ، علي الأقل هذا ما اتمناه!!.

إن هذه الثورة الباذخة هي ثورة وعي و إستنارة قبل أن تكون ثورة جوع أو عوز، و قد بذل الثوار أرواحهم رخيصة لضرب أنبل و أروع الأمثلة في التسامي و العلو، و قد لامسوا أهداب السماء بطهرهم و نقائهم، بثوريتهم و علو كعبهم. فلا غرو أن وقف العالم أجمع إجلالآ و إكبارآ لهم محتفيآ بهم و
محتفلآ بإنجازاتهم التي فاقت كل التصورات و التوقعات في القضاء علي واحدة من أسوأ الدكتاتوريات في العصر الحديث في بؤسها و فسادها و شرها.

إن الهتاف هو روح الثورة و حامل رسالتها و يعبر عن توجهاتها، و اللافتات هي الرسائل التي لا تخطئ العنوان و تنقلها كاميرات التلفزة و وسائط التواصل الي العالم..و تمثل أدب الثوار و نبلهم و موروثهم الثقافي و منطلقاتهم الأخلاقية.. لذلك لا يسقط شهيد يحمل اللافتة إلا تلقفها مشروع شهيد آخر حتي لا تسقط رايات الثورة.. فمن الحكمة أن يكون ما كتب علي الراية مما يستحق الموت من أجله لا أن يكون خادشآ للحياء و منافيآ للذوق العام.

لقد جادت قريحة الثوار بشعارات و هتافات و أهازيج أصبحت جزءآ من المزاج العام لجمالها و ألقها و صدقها و تعبيرها عن الثورة والثوار، و إن إنحرف البعض عن هذا الألق و الضياء و السمو، فواجبنا أن ننبه له و نستنكره حتي لا يستغله أعداء الثورة من الفلول و من شايعهم و من ناصرهم من كارهي وطنهم و المنبتين عن إرث هذا الشعب العظيم، و من يريدون لنا العودة إلي لغة ” لحس الكوع” المنحطة إنحطاط قائلها.. و حتي لا تصبح جزءآ من لغة الشارع لا سمح الله.

أقول

من حق أي شخص أن يجاهر بمعارضته لأي شخص أو مؤسسة أو توجه، لا قدسية لأحد او جهة مهما كانت.. لكن ينبغي دائمآ أن ننتقي الألفاظ و الكلمات، فإن الكلمة مسؤولية و هي الدالة علي جوهر و وعي قائلها.. و نحمد الله أن الشارع العام في بلادنا يتميز بالأدب الجم و خلوه من اللفظ الساقط، خاصة إذا قارناه ببلاد أخري دون أن أسميها !.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. اللغة العربية نفسها اصبحت عربى جوبا ..توجد أزمة حقيقية فى اللغة العربية والاغرب ليست محصورة بين الشباب ولكن حتى بعض الدكاترة يلحنون وبعض الخبراء والسياسيين فى مقابلاتهم التلفزيونية ينطقون القاف غينا والغين قافا

  2. يستاهل حمدوك كل الذي قيل فيه، انتهي زمن الادب يا معتصم بخاريل لأن الآخرين غير مؤدبين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..