مقالات سياسية

الحياة عندنا كـ “بعاتي” متعدد الأغراض والرمزيات

وجدي كامل
عندما يتسيّد الركوض الموقف وتغيب الأحداث ذات الأهمية الفائقة وغير العادية ينسج الناس أحداثاً فائقة من لدن خيالهم، ويصنعون أكاذيب غير عادية لخلق التوازن الافتراضي المطلوب حتى تستمر الحياة، وتلك هي صناعة الوهم الخلاق بحركتها وجوهر الأشياء التي تكون قد شبعت موتاً في الواقع ولا أحد يجرؤ على ذكر ذلك علانية أو يعمل على تشييعها إلى مثواها الأخير.
فالموت ليس قدراً فقط، ولكنه حقيقة الأشياء والوجه الآخر للعالم. رمزية الموت هنا في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة كمجالات تتعرض له ويعترض طبيعتها، ولكننا نمارس إنكاره فيها ونخلد فشلنا المؤسسي والفردي لخلق وهم الاستمرار بالإضرار بتلك المجالات التي هي عصب الحياة الجمعية. فالسياسة تموت عبر وصفاتها القديمة، ولكن لا أحد يرضى بحقيقة موت الوصفات والاقتصاد كذلك والاجتماع حتى تسيطر ثقافة كاملة متكاملة كثقافة للموت، فتصبح هي الأكثر رواجاً وترويجاً. فالسياسي عندنا لا يموت سياسياً والاقتصادي حتى بلوغ الفلس يعاند ويكابر ويستدعي أمجاداً صارت أثراً بعد عين، وكذلك الفرد – اجتماعياً – يتمسك بذات وضعيته القديمة حتى بعد أن تزورها الرياح؛ اعتماداً على رصيد من التخييل والخيال. كل ذلك يجري ومجرى الحياة يمضي إلى تدهور مريع وكارثة قصوى حتى تتحول هي إلى مزبلة ضخمة حولنا، ولكننا نصر على أن نراها كحديقة غنّاء، مخضرة، مثمرة الأشجار.
أي قدر هذا الذي يمسك بتلابيبنا ويسير بنا؟
أي الآلام تختصر فكرة الحياة عندنا وتمنعنا المكافحة لها بذات قوة الدفع الذاتية؟
كل ذلك يحرض على إنتاج وإعادة إنتاج الحياة ك (بعاتي) أصيل ومؤصل للأسف.. الخوف من النقد يكسرنا ويقود إلى عبادة العادة، ولن نتمكن من التطور إذا لم نعمل على مساءلة الموروث، ومقاومة النمط مهما كلفنا ذلك من تضحيات، وذلك هو النضال في أسمى صوره ودرجاته، وتلك هي المدنية في أعلى مراتب ومتطلبات صناعتها الحرة الواجبة الاستحقاق.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..