مقالات وآراء سياسية

علماء الدنيا وعلماء الدين

طه مدثر

(1)

الكاتب صانع، والصانع حر في صناعة وتسويق بضاعته، وقد تكون كلماته وكتاباته بدائية عفا الدهر عليها وشرب، وإنطمست آثارها منذ آلاف السنين وهي أشبه بالكتب الصفراء او اشبه بتلك الخطب التي كانت تمجد السلطان او الامير، وتدعو الله ان ينصره على اعداء الدين، من الكفرة والمجوس ومن شايعهم، وقد تكون صنعة الكاتب جديدة حديثة تواكب العصر وتناقش قضايا وهموم المواطنين والبلاد، وتعيش مع الواقع، وتسير معه اين ما سار وإتجه، فالواقع المعيش كل يوم هو شأن مختلف، لا اقول عن امسه فقط، ولكنه مختلف عنه حتى قبيل ساعات من الآن، ومعلوم بالضرورة انه كان يوجد كُتاب يقومون بكتابة خطب

الجمعة وخطب المناسبات بكل الوانها، ويعطونها للخطباء الذين ينحصر دورهم في توصيلها الى الناس، وأيضاً كانت هناك قلة من الخطباء وائمة المساجد، لا يقربون من الخطب (الجاهزة) والمعدة لهم سلفاً، والتي تتدخل جهات امنية حكومية في كتابتها وإعدادها، ومثل هذه الخطب، هي بعيدة جدا عن مناقشة قضايا البلاد والعباد، هو مسكن جيد لاوجاع وآلام المجتمع، وهي تُسوق الى قضايا إنصرافية، لا تقترب من موضع الداء، ولا تشفي عليلا.

(2)

ومثل هذه الخطب، كانت متوفرة، وامثلة هؤلاء الخطباء كانوا متوفرين في العهد البائد، حيث كانت اجهزة النظام الامنية، هي من توجه الائمة والدعاة بالقضايا التي يجب طرحها على المنابر، وعلى المصلين، والقضايا التي يجب عدم التطرق اليها ويجب تجاهلها تماماً، وكنا نرى ونشاهد اولئك الائمة والدعاة وتعجبنا أجسامهم وصورهم وازياءهم وحماسة السنتهم، ولكن لم نكن نسمع لهم ركزاً، (إلا من رحم ربي)حول ما آل اليه حال البلاد والعباد، من إستشراءا! اللرشا، وتفشي المحسوبية ، والفساد الممنهج، فلم يرفعوا عقيرتهم بالاحتجاج، او الصراخ ، مطالبين ولي الامر بالتوقف عن سفك دماء الناس، وأحسبهم شركاء في كل جرائم النظام، فالساكت عن الحق شيطان اخرس، ومن أعان ظالم ولو بشق كلمة فهو شريك له.

(3)

فهم باسم الدين ، حللوا الحرام، وحرموا الحلال، وجاثوا فساداً خلال الديار، وهم يعلمون ان هناك صنفان من الناس إذا صلحا، صلح المجمتع وإذا فسدا فسد المجتمع، هما الامراء والعلماء، فكان فساد الامير مكملاً لفساد العلماء، وكان فساد العلماء متمماً لفساد الامراء، فكلاهما وجهان لعملة رديئة واحدة.

(4)

واليوم يجب ان لا يعتلي المنابر ، الرعديد او الجبان، او المرتشي، او الذي أكل مال الشعب، او الذي احل ارواح الناس وأجاز قتلهم كي يبقى الامير، ويجب ان لا يخطب فيهم الضعيف الشخصية، الخسيس، الخبيث، الناعم المدلل، الذي لا يعرف زمهرير الصيف ولا قر الشتاء، والذي شغله الشاغل، جمع الريال والدولار، والسفر والسياحة بين الاقطار ، وتناول مالذ وطاب من المأكولات والمشروبات حتى تدلت كرشه، وقلت حركته، وإستطال لسانه ، بالافتراء على المساكين والضعفاء، وهم يفتون الناس في دم الحيض والنفاس ودم الباعوض، ولا يفتونهم في دم الشهيد او القتيل، يفتونهم في من سرق ملاية، ويشعرون بالحرج، من الفتوى في من سرق ولاية.

(5)

ونقول لاولئك المضلين، الائمة (الخمس نجوم) اذا المساجد لم تهدم في عهد(الاونطجية) فلن تهدم في عهد الحرية، وإذا المدارس لم يتم تدميرها في عهد(الارزقجية) فلن يتم تدميرها في عهد الديمقراطية، والمؤسيسية والشورى، وإذا الاخلاق لم تفسد في عهد (الكوزنجية) فلن تخرب في عهد حرية سلام وعدالة وفي عهد المدنية، قاتل الله أئمة الدنيا الذين يحاولون إفساد دين المسلمين.

 

طه مدثر

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..