مقالات سياسية

“كيزان دارفور”- الخاسر الاكبر

  • كأي انسان طبيعي، أحقاً يمتلك “الكوز” حساً اخلاقياً ونقدياً؟. قطعاً لا . فتجربة الثلاثين عاماً التي جلسوا فيها علي سدة الحكم تُنفي ذلك .فالحس الاخلاقي والنقدي تعطل يوم ان أعلنوا : هي لله – وما هي كذلك . تعطل يوم ان كان الكوز الساذج يموت “جيفةً” بالجنوب وكانت العمارات تُشيد بدمائه في كل من كافوري وماليزيا . تعطل يوم ان ذهب “الريس” الي “السوق” بينما ذهب “هو” الي المسجد . ولكن يوم ان فكر بدوره الذهاب الي “السوق” وجد ان” الريس” سيطر عليها . وعندما حاول الاعتراض قذف “الريس” بالبنبان حتي المسجد الذي حاول الاحتماء به . تعطل ايضاً يوم ان بُرمج عقله الساذج علي الدفاع عن مشروع كان هو اول ضحاياه .

  • ولو أن ” كوزا” كغازي صلاح الدين ادرك مغذي اللعبة التي هي قذرة بالاساس واسرع بالقفز من المركب الغريق – فان بعض ” وليدات” الكيزان الذين لولا سياسة التمكين لما ارتقوا الي مرتبة كادر ” أباريق” ناهيك عن معتمدي محليات بمدينة عريقة كنيالا – لم يستوعبوا هذا الامر جيداً. وفي الوقت الذي تستعد فيه المدينة ” نيالا” للخروج تعبيرأ عن الظلم والقهر ينظم “الوليدات” احتفالاتٍ باذخة – ولكن لماذا : فقط ؛ لحشد جماهير المدينة لاستقبال رئيس اتُهِم سابقاً بارتكاب جرائم حرب – ضد من ؟ المفارقة ضد ابناء هذه المدينة بالذات .

  • وفي اللحظة التي يشرع فيها هولاء بحشد البسطاء تارة ب” كيلو ” سكر وتارة اخري ب” حفنة ” جنيهات _في تلك اللحظة بالذات ثمة اكثر من اثني عشر مواطناً من ذات المدينة والاقليم تحتجزهم السطات ببيوت الاشباح بالخرطوم بحجة انهم عملاء وفدوا من اسرائيل لتنفيذ جملة من الاغتيالات . يا له من عار.

  • احقاً حدث ولو لمرة واحدة فقط ان تسائل احدهم : ما الذي جنيته من الانقاذ – او ما الذي قدمته له هو شخصياً ناهيك عن قريته او حتي اقليمه ؟ ففي اللحظة التي يهرع فيها لحشد مناصرين”للريس” ثمة افراداً من عشيرته يسيرون اكثر من ميلاً بالاقدام وهم حاملين امراة حبلي علي ” عنقريب” لان قريتهم تفتقر لمشفيً او مركزاً صحياً – وفي تلك اللحظة ايضاً يضطر اخر للتبرز في العراء لان منزله ليس ثابتاً ليُشيد عليه مرحاضاً. في تلك اللحظة ايضاً يضطر ابن خالته ذو الخامسة عشر لترك الدراسة والالتحاق بالجندية لأن والديه لم يتمكنا من توفير نفقاته المدرسية . وفي تلك اللحظة ايضاً يقف اخيه السائق بالمدينة منذ الرابعة فجراً بمحطات الوقود للحصول علي “جالون” بنزين ؛ ولكن ما ان يحصل علي البنزين في العاشرة صباحاً حتي يستوقفه شرطي السير سالباً اياه اكثر من 200 ج . ولكنه مع ذلك يواصل كفاحه في العمل حتي المساء ، وعند السابعة يذهب للمخبز ولكنه لا يحصل علي الخبز فيضطر للنوم جائعاً . ألا يستحي شخص كهذا من مناصرة البشير او حتي حشد اتباع له . صحيح ان العقول تعطلت ، والضمائر شبعت موتاً.

  • لو حدث وان فكر احدهم قليلاً وقارن بين وضعيته وبين وضعية الكيزان ” الاصليين” بالخرطوم لما استرخص نفسه بهذا المقدار ، ولمَ مارس كل هذا القدر من الانبطاح .والطريف في الامر ان احتفالات الحشد الباذخة تحولت الي مصدر للسخرية والاستهزاء من كلما يرتبط بالحزب الحاكم بداءً من ادني كوز الي رمزهم الاكبر .

*وسواء ان حشدوا “للريس” ام لم يحشدوا فانهم سوف لن يحدثوا اية فرقاً – فالثورة ستستمر ، وسيخرج جماهير نيالا للتعبير عن رفضهم لهذا النظام الظالم . وسيذهبون هم في نهاية الامر الي مذبلة التاريخ – وحينها لن ندري الي اين يذهبون وهم حاملين “بُقجهم” النتنة .

احمد داؤود
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..