في ذكري مرور عشرة شهور علي انقلاب ابريل ٢٠١٩

عودة الي حدث قديم وقع في يوم الخميس ١١/ابريل ٢٠١٩، له علاقة بالمقال:
(أ)- كشف عضو المجلس العسكري السوداني الفريق ركن ياسر العطا، تفاصيل مثيرة، حدثت أثناء اعتقال الرئيس المعزول عمر البشير بمنزله في ضاحية كافوري بولاية الخرطوم. ونقلت صحيفة “الانتباهة” السودانية، عن العطا، أن “الفريق أول عبد الفتاح البرهان أوفد إلى عمر البشير من يخطره بقرار اقتلاعه، فما كان من الرئيس السوداني إلا أن “وجه شتائم وانتقادات لبعض القيادات المقربة منه لم يسمها”. وبعد إبلاغ البشير، مضى العطا بقوات عسكرية إلى منزل البشير وقام باعتقاله، وأثناء “وضع الأغلال على يد البشير وجدنا بالمنزل شقيقه عبد الله البشير الذي قال لي مهددا ومتوعدا بالموت: الدوشكا حتدور”.
(ب)- وروى عضو المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أن البشير زجر شقيقه، قائلا له: “اسكت يا عبد الله”، مضيفا أنه “قام بعدها باعتقال عبد الله ذاته وأرسل الاثنين إلى سجن كوبر”. وكشف العطا أيضا، أنه “علم بوجود العباس شقيق البشير بالمنزل قبل ساعة من حضوره، إلا أنه تمكن من الهروب”، وتابع قائلا: “اعتقد أن الدولة العميقة هي التي هربته”.
(ج)- ورأى عضو المجلس العسكري السوداني، أن البداية الحقيقية للتغيير في السودان جرت خلال زيارة البشير إلى منطقة الجزيرة، وكان ذلك بإعلان “قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي انحيازه للشارع، ووجه قواته التي كانت تقوم بتأمين زيارة البشير للجزيرة بعدم ضرب المواطنين وحمايتهم”.
(د)- بعد عملية اعتقال البشير، أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف، اليوم الخميس ١١/ابريل ٢٠١٩، اعتقال الرئيس عمر البشير في مكان آمن” و تشكيل مجلس عسكري سيقود البلاد لمدّة عامين، و تابع بن عوف في بيان وقع بثه على التلفزة الرسمية السودانية، أنه تم تعطيل الدستور وفرض حالة الطوارئ لمدّة (٣) أشهر.
(هـ)- استقال عوض بن عوف وزير الدفاع السابق، من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم واحد من توليه هذا المنصب.
اليوم الثلاثاء ١١/ فبراير الجاري، تجي ذكري مرور عشرة شهورعلي سقوط نظام الانقاذ وخلع عمر البشير من السلطة التي قضي فيها ثلاثين عام، حكم فيها البلاد بقبضة حديدية تمت برعاية مؤسسات عسكرية ، انقلبت احداها عليه (القوات المسلحة) بعد ان فاض بها الكيل، وانهت حكمه.
ورغم مرورعشرة شهور علي نجاح انقلاب ابريل وعودة السلطة للشعب، الا ان هناك امور كثيرة مازالت خافية ومبهمة حيرت المواطنين ولم يجدوا من يفك اسرارها، اولي هذه الامور ما يجري في المؤسسات العسكرية، واسباب وجود جيشين بالبلاد، احداهما القوات المسلحة التابعة للدولة، والاخري الجيش الغامض التابع للفريق أول/ محمد حمدان دقلو “حميدتي”!!، ومما زاد من حيرة المواطنين ان اعضاء مجلس السيادة، والوزراء في الحكومة الانتقالية سكتوا عن هذا الوضع الغريب في وجود جيش “حميدتي”، وما تطرقوا لخطورة وجود جيش ثاني يعمل بعيدآ عن السلطة الحاكمة!! والغريب في الامر، انه وحتي اليوم بعد مرور عشرة شهور علي انقلاب ابريل، ما زال جيش حميدتي في نفس حاله القديم منذ تاسيسه في عام ٢٠١١، يعمل بعيدآ عن اي جهة رسمية في الدولة!!
ايضآ من غرائب ما وقع بعد انقلاب ابريل، ان عمر البشير هو الوحيد الذي قدم للمحاكمة من بين الآلاف الاخرين المعتقلين السياسيين في السجون، لم نسمع باي تصريحات رسمية من المسؤولين في السلطة الحاكمة عن مواعيد بدء محاكمتهم والمثول امام القضاء!!، ومما زاد من حيرة الناس، ان الصحف المحلية نشرت العديد من اخبار خروج معتقلين سياسيين من سجن كوبر!!، ولا احد من المواطنين يعرف كم عدد من تبقوا في سجون البلاد؟!!
خلال العشرة شهور الماضية وقعت احداث مؤلمة كثيرة ومجازر طات حياة الآف المواطنين من المواطنين الابرياء، وكان يمكن للمجلس العسكري السابق، ومجلس السيادة والحكومة الحالية تداركها قبل وقوعها، ولكن نسبة لوجود عدم وجود ثقة وآلفة، وحساسية بالغة وتوترات، وشد ومد بين هذه السلطات في زمن المجلس العسكري سابقآ، ومجلس السيادة والحكومة اليوم، فقد كان من الطبيعي ان تقع المجازر، خصوصآ بعد ان قللت السلطات من حجم وقوة النافذين في السلطة السابقة، وتركتهم يمارسون نشاط علني وخفي بدون رقابة صارمة مستمرة حتي اليوم!!
زيارة الرئيس برهان الي عنتبي ومقابلته لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو اظهرت بشدة مدي الفوضي التي ضربت السلطات الحاكمة في سودان اليوم، هذه الزيارة السرية الغامضة ذكرت المواطنين بزيارة الرئيس المخلوع الي سوريا في شهر ديسمبر ٢٠١٨، وهناك التقي بالرئيس السوري بشار الاسد، وبعدها انهالت الاسئلة عن سبب ومغزي الزيارة؟!!، وهل الرئيس الروسي بوتين هو من نصح البشير بزيارة دمشق؟!!، نفس هذه الاسئلة السابقة تجدد ت بعد زيارة برهان لمدينة عنتبي ولقائه مع نتنياهو، ومن هو الذي وجه برهان زيارة اوغندا؟!!، ولماذا كان اللقاء مع نتنياهو من وراء ظهر الحكومة، ودون استشارة احد؟!!
(أ)- اسوأ شيء وقع خلال العشرة الماضية، ان اعمال مجلس السيادة مبهمة وغامضة، واغلب القرارات التي خرجت منه ضعيفة وهزيلة لا ترتقي الي مستوي انتفاضة شعبية هزت الدنيا، مجلس ترك اغلب القرارات المصيرية جانبآ وانشغل بسفاسف الامور، لقد اتجهت اصابع الاتهام الي المجلس انه ينفذ اجندة خارجية، وانه اسير دول عربية محددة تسيره كما تشاء!!
|(ب)- وهناك اتهام اخراشد خطورة يتمثل في ان الفريق أول/ “حميدتي” نائب رئيس مجلس السيادة، – بحسب رأي الكثيرين- هو صاحب الكلمة الاولي والاخيرة في كل ما يخص امور البلاد الداخلية والخارجية!!، ان قلة عدم ظهور الرئيس برهان في الساحة السياسية، وندرة خطبه وتصريحاته والتقائه بالجماهير، اعطت الناس اقتناع تام انه ( ظل الرئيس حميدتي!!)، كل الناس تعرف تمامآ، ان “حميدتي”- هو”دينامو” المجلس، وكل يوم عنده ظهور وحضور دائم، وزيات خارجية لا تنقطع ولقاءات في الخرطوم، واديس ابابا، وجوبا، وابوظبي!!
(أ)- مرت عشرة شهور علي انقلاب ابريل ٢٠١٩، وغدآ الثلاثاء ١١/ فبراير الجاري، تجي دعوة تنسيقيات لجان مُقاومة الخرطوم، إلى مليونية “لاستكمال المسار ومهام الثورة” الثلاثاء ، وقالت إنّها اختارت الخروج للتعبير عن آمال وتطلُّعات الشارع، ولتصحيح المسار والالتزام للشهداء بأن يكتمل المسير. وأضَافَت في بيانٍ أمس، بأنّها ترى تراجُعاً خطيراً في سبيل استكمال مهام الثورة ولا يُمكنها السكوت عليه أو إغفاله، وأشارت إلى أنّها عَمِلَت على التنبيه للأخطاء والخلل الذي لازم اتّخاذ كثيرٍ من القرارات، فتتم الاستجابة حِيناً والتّجَاهُل والتّجَاوُز أحايين كثيرة، واتّهم البيان القوى السياسية بالمُحاصصات في ملف الولاة بدلاً من التّقدُّم بثباتٍ في سبيل استكمال هياكل السُّلطة المدنية، فَضْلاً عَن غياب الرؤية حول المجلس التشريعي، وتراجُع ملف السلام كأولوية في هذه المرحلة.
(ب)- ما كنا في حاجة لمليونيات تخرج للشوارع، لولا هذا الجمود الذي ضرب مجلس السيادة، والحكومة، وصدور الكثير من القرارات السياسية والاقتصادية الضعيفة – علي حساب متطلبات شعبية اختفت من اجندة الحكومة-!!
بكري الصائغ
[email protected]