«الرؤساء وأقطاب الحقيقة»

من أنماط الصراع- المادي والروحي- بين الأولياء وذوي السمت الديني، ما يمكن أن نطلق عليه (المنازلات المفتوحة) بين المشايخ، وهي منازلات غير تلك التي أشرنا إليها سابقاً. في المنازلات المفتوحة، تتعدد أشكال الصراع وأسبابه، وقد تختلط في الواقعة الواحدة صراعات الذوات والمذهب والقبيلة، إلخ..
مثال ذلك في عهد الفونج، ما وقع بين الشيخ حمد ود الترابي وأخيه نُنه.. فقد بدأ الصراع بينهما أولاً على الإرث، وأوصلهما ذلك الصراع إلى القضاء، ثم اتخذ الصراع على الميراث بُعداً مذهبياً انتهى بكرامة أتى بها الشيخ نُنة، أوردها ود ضيف الله في طبقاته.. تقول الرواية، إن الشيخ نُنّه وجد عِجلاً يخوض في حقله، فأخذه بعصاه وقذف به- أي بالعِجل- إلى ضفة النيل الأخرى.. ولمّا الشيخ حمد والترابي ذلك من أخيه ?الفِقَيِّرْ?، ذلك الفِعل الخارِق، أدرك أن له مقاماً كبيراً بين أهل الله، فكانت تلك الواقعة سبباً في اعتزاله الفقه وانخراطه في التصوف.
هذا الصراع وتلك المكاشفات، التي أوردنا الكثير منها في السياق، ليست حكراً على مجتمعنا السوداني، ولا هي من جنس الأحاديث التي تتوشح الماضي.. فقد صدر مؤخراً في مصر، كتاب بعنوان ?الرؤساء وأقطاب الحقيقة? لمؤلفه الصحفي محمود رافع.. أورد المؤلف في الكتاب، أن مشيخة المرازقة الأحمدية في مصر، كانت لديهم نبوءة بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، سوف يُنقِذ مصر من الأخوان.. وأورد المؤلف، أن ?دولة آل البيت اتخذت قراراً بإبعاد الإخوان، وتنصيب السيسي كجندي من أرض الكنانة?.
ورصد الكتاب بعض نبوءات، ووجوهاً لعلاقات بعض الأولياء مع شخصيات سياسية في الدولة المصرية، حيث كانت لأولئك القادة، مواقف وروايات وقصص مع أقطاب الصوفية.. يرى محمود رافع أن تولي السيسى رئاسة مصر ?بدأت من داخل مساجد السيد البدوى، والإمام الحسين، والشيخ إبراهيم الدسوقي، والسيدة زينب?. وعن علاقة رؤساء مصر السابقين بالأولياء، يتحدث الكاتب عن علاقة الشيخ عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، بالرئيس السادات.. يقول الكاتب إن الشيخ عبد الحليم بشَّر السادات بانتصار الجيش المصري فى حرب 73 ، بعد أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا، يبشره بالنصر على العدو الصهيوني.. ويضيف، أن حكم السادات لمصر سبقته نبوءة بمسجد السيد البدوي بطنطا، في وقت كان فيه السادات شريداً ومفصولاً من الخدمة العسكرية.. ففي ذلك الوقت جاءه ذلك العارف بالله، ليقول له ?ستكون خديوي مصر?.. ويتحدث الكاتب عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي كانت له قصص غريبة مع أولياء الله الصالحين، منها أن رجلاً بسيطاً من المِنْيا، طرده الحرس من أمام قصر الرئاسة في القاهرة، عندما ذهب اشتكى لمبارك أن أرضه قد أخذتها الحكومة، وأنه يطلب منه التدخل لاسترجاعها.. بعد طرده من القصر- يقول الكتاب- ذهب إلى مقام السيدة زينب، ودعا أن يأتيه مبارك بنفسه إلى داره، وبالفعل جاء مبارك إلى منزله وشرب معه الشاي من يد زوجته وأعاد له أرضه.. وأيضاً يروي الكاتب قصة أخرى عن قطب صوفي سوداني مقيم في القاهرة، أوصل رسالة للواء عمر سليمان مدير المخابرات السابق، تفيد بأنه رأى رؤيا، بأن مبارك سيتعرض لمحاولة اغتيال في أديس أبابا.. ويرصد رافع في كتابه، تلك العلاقة الخاصة بين عبد الناصر، والقطب أحمد رضوان بالأقصر، وكيف رفض القطب أموال الرئيس عبدالناصر، وكيف أن عبد الناصر شعر أن الشيخ رضوان قد غضب عليه.. هذا غيض من فيض المنازلات، التي تقع بين أهل السلطة الزمكانية، الذين هم النخبة في كل عصر، ندلف بعده إلى الحديث ?الغارات?.
اخر لحظة
يازوووول !!!!!!!
يازوووول !!!!!!!