مقالات وآراء سياسية

بعيدآ عن الإحباط و بعثآ للأمل، أقول

معتصم بخاري

يشفق كثير من السودانيين علي مصير الثورة و هم يرون الإنقلابيين و كأنهم قد إستقر لهم الحال و دانت لهم الدنيا .. كما أحبطهم رؤية أعضاء الجبهة الثورية و هم يجتمعون مع الإنقلابيين في القصر الجمهوري… و لأن الناس عازمة العهد علي إسقاط هذا الإنقلاب، فإنهم يستعجلون النتائج، و يرغبون في رؤية هؤلاء الخونة القتلة و هم يتلقون عقابهم المستحق علي كل ما إقترفت أياديهم الآثمة من شر في حق هذا الشعب الحر الأبي.

فيما يختص بالجبهة الثورية ” بعقارها ” و ” حجرها ” و من والاهم و من لف لفهم، فقد كتبت عنهم مقال نشر في الراكوبة الغراء في نوفمبر من العام الماضي وصفتهم بما هم أهل له من نقض العهود و لهثهم وراء عرض الدنيا الزائل.. و ذكرت الشعب بألا ينتظر منهم و معهم أي إنجاز يذكر او خير يرتجي.. و ها هم يثبتون قلة حيلتهم و هوانهم و خوائهم و إنحطاط مداهم و تواضع قدراتهم و سعيهم وراء الفتات الذي يليق بهم… و بجلوسهم جوار الإنقلابي الفاجر، فقد أصبحوا شركائه في كل نفس تزهق و دم يسيل و حلم يبعثر، و لن يغفر لهم التاريخ و لا الشعب هذا السقوط المهين، و لكن ذلك مكنونهم و مكانهم المستحق مع الخونة القتلة الفجرة و الحساب آت لا محالة.

علي الثوار أن يدركوا بأنهم بسلميتهم و إصرارهم علي التحدي و التصدي للقتلة، فإنما يسطرون بمداد من ذهب أجمل و أعظم ملحمة ثورية في التاريخ الحديث.. و سوف تروي بطولات أبناء هذا الشعب الكريم لعقود قادمة بإعتبارها واحدة من أجل الثورات الوطنية ذات الأهداف السامية و المنهج السلمي المتحدي و العصي علي الإنكسار و الهزيمة..و مع كل خروج سلمي يزلزل الثوار الأرض تحت أقدام الفئة الباغية، مما يدفعهم لمواجهة سلمية حراك الأحرار بعنف مفرط يعكس خوفهم و يفضح عجزهم.. فهم لا يملكون من المنطق غير طلقة و بندقية.

و ليعلم الثوار بأن حرب تحرير الإرادة الوطنية و بناء السودان الذي نحلم به جميعا، إنما هي حرب طويلة.. فيها معارك شتي، في كل منحي.. بعض المعارك تجير نتائجها لصالح الثورة و الثوار و تأتي بعضها خصمآ عليهم.. و لكن كما يعلمنا التاريخ أن النصر في خاتمة المطاف حليف الشعوب مهما بلغ جبروت الطغاة، و مهما كانت حيلهم و طاقة الشر الكامنة فيهم..فمزابل التاريخ مليئة تحكي عن عظمة الشعوب حين تنتفض لحقوقها و كرامتها.. و الشعب السوداني له إرث مقدر في محفل التميز و العزة هذا، و تذكروا أكتوبر و أبريل و ديسمبر و ما زالت الشهور طوع بنان الثوار متي نادوها إستجابت.
.
أن الموت الذي يزرعه الإنقلابيون و كل من شاركهم في غيهم و ضلالهم أو دافع عنهم و لو بكلمة في فضائية لن يزيدهم إلا إجرامآ و مهالك تضاف إلي كتابهم بشمالهم و سوف يسألون عن هذه الأرواح، إن لم يكن في الدنيا، ففي يوم تشخص فيه الأبصار..و لن يزيد هذا العنف الشارع إلا تصميمآ علي المضي في طريق التضحية و الفداء للوطن و الزود عن الثورة إلي آخر الشوط.. فالشعب يعلم أن الثمن الذي يدفعه الآن لإفشال الإنقلاب ستكون اقل من تكلفة إستمرار هذا الإنقلاب.

أعلم أن بالنفوس حزن و وجل، و بالقلوب غضب يمور و الناس مشفقة علي ثورتها و وطنها من أن يتسيده الرعاع مرو أخري، و لكن بالنظر الي النصف الممتلئ من الكوب، نجد أن الله جمع لنا كل الغثاء و الرمم و الساقطين و كل من لا خير فيه لبلدنا و شعبنا و ثورتنا في وعاء جامع حتي نقبرهم جميعا جملة واحدة لتتطهر أرض السودان و سمائه من دنسهم و وسخهم..
الثورة ماضية تحرسها عين الله التي لا تنام. و تتضامن معها كل الشعوب الحرة، و كل الأمم المحبة للسلام و العدالة.. فلا إحباط و لا قنوط و لا تقاعس حتي يكتب الله لنا النصر المبين، و نراه قريبآ بإذن الله.

د. معتصم بخاري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..