
د. عمار بابكر موسى
تَحرص الأنظمة الرَشيدة أن يحمل مطلع كُل عامٍ الأخبار التفاؤلية والسارة تحفيزاً للقطاع الاقتصادي والإنتاج – فتُزين الصفحات الأولى من الصحف بأخبار الموازنة في جانب النفقات العامة مصحوبة بتحليلات منطقية لبنود الموازنة والتي يتم إعدادها من خلال لجان متخصصة تعمل بكُل احترافية لوضع الخطط المحكمة و افتراض التدفقات المالية (الإيرادات والنفقات) وفق أسس ومعايير تُخضِع كل بند من بنود الموازنة للدراسة والتدقيق والتمحيص بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة – وقد يستغرق العمل في ذلك أسابيع وشهور.
دخل الربع الأخير من العام 2021م على مجتمع السودان وخرج إلى مطلع العام الجديد 2022م وبدلاً من أن يخرج طبخ الموازنة التقديرية بما يحمل التفاؤل ويدفع إلى الإنتاج – إذا بوزارة المالية تفيق من سباتها ونومها (عن واجبها في إعداد الموازنة التقديرية للدولة ورفعها لإجازتها) – ومباشرة إلى جيوب العالمين بالتحصيل المباشر بغير موازنة ولا خطة معتمدة …!!
التوجه مباشرة لزيادة الإيرادات لإنفاق غير معلوم ..! ( حيث لم يتم إقرار موازنة تقديرية للعام 2022م حتى تاريخ القرار الجائر بزيادة تعريفة الكهرباء ) .
قفزت الوزارة ببنود الإيرادات في خدمات الكهرباء بـنسبة 500% ..!! في مقابل نفقات غير معلومة (أي – كيفما يرى وزير المالية ) حيث لا توجد حكومة تنفيذية ولا هياكل تنظيمية تقر الخطط والموازنات .
تفيق وزارة المالية من نومها وسباتها على (دوشة الشمالية ونهر النيل ) – وقد توارد في الصحف أن وزير المالية اعتبر احتجاج القطاع الاقتصادي بالولايتين ( الشمالية ونهر النيل) – دوشة !!
موسم الشتوي في الولايات المشار إليها يعد من المواسم الأهم في دورة الشهور في تلك الولايات لكونها تنتج قوت السودان من الفول والقمح في مثل هذه الشهور من كل عام – المزارع الذي يدين الأرض بكل ما يملك لترده له قمح أو فول – لا يعلم السيد جبريل ومتخذي القرار الجائر أن المزارع ينفض محفظته في آخر سُقيا لمحصوله – على أمل العائد منه – وقد يستقطع لأجل ذلك من قوت من يعولهم وحاجياتهم الأساسية في مقابل أن ينجح محصوله -!!
كل تلك المعاناة لا يحسها متخذ قرار زيادة تعريفة الكهرباء – ولكن سيحسها حتما في طبق فطوره في مقبل الشهور – الصراخ الذي علا من المسؤولين على القنوات الفضائية لتبرير فشلهم في سد حاجة البلاد من القمح قبل شهور – وماّلات البلاد جرًاء صفوف الخبز – كل ذلك لا يعني شيء لمتخذي قرار زيادة تعريفة الكهرباء الى 500% في موسم انتاج القمح …!! ذلك الأمر ليس له تفسير منطقي على الاطلاق. فالمنطقي أن يتم دعم المزارعين من بنود إنفاق الدولة وليس قصم ظهرهم بتحصيل إيرادات ..! – فإذا كان بند النفقات في أي دولة يعطي الأولية لعجلة الإنتاج – فما هي الوجهات التي تستحق الإنفاق عليها بالاقتطاع المباشر من جيب المزارع وفق رؤية متخذي قرار تعريفة الكهرباء ..؟!!
ليس لديه سند قانوني ليكون وزيرا الماليه لكن تشبثه بالموقع وصدور قراره هذا أوضح للجميع ما يربو له وما يريد أن يحققه من عرق الغلابه