تصبحون علي وطن

تصبحون علي وطن

حزننا جم ونحن الصابرون
جرحنا دام ونحن الصامتون

رحم الله صلاح

عندما تذهبون للنوم هذا المساء
اقول لكم تصبحون علي وطن
حملوه علي فرس راكضة

درويش

ترهقني فيروز كل صباح بصوتها الملائكي وشجنها الاليم وهي تردد رائعة جبران

هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي و تسلقت الصخور
هل فرشت العشب ليلاً و تلحفت الفضاء
زاهداً في ما سيأتي ناسياً ما قد مضى
أعطني الناي و غني فالغناء عدل القلوب
و أنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوب
إنما الناس سطور كتبت لكن بماء

اتوجه عادة كل صباح الي الريموت أديره علي قنوات الاخبار الاقليمية والعالمية أتلمس ماذا جري في العالم في الليلة الماضية ، وفي هذه الايام أتلمس اخبار السودان لعلي اظفر بخبر من اديس ابابا وما يجري فيها من حوار بين الحكومة والمعارضة ، وللأسف الشديد انتظر حتي نهاية النشرات ولا اجد شيئاً ، لا في نشرات الرياضة يتحدثون عن السودان الذي يملك اسرع الرجال في العالم ، ولا في نشرات الاقتصاد يتحدثون عن السودان الذي يملك اكبر ثروة حيوانية واكبر ارض صالحة للزراعة وقديماً نسمع انه سلة غذاء العالم ولكنه للأسف اصبح في سلة المهملات ، ولا في نشرات الاحوال الجوية يتحدثون عن السودان الذي يغرق ويغرق ، وهم يسمعون وكأنهم يسمعون عبد الحليم حافظ اني اغرق اغرق ولا مجيب غير اصوات من التصفيق ، احزاننا لا تطاق ولا احد ينظر الينا كما الاشياء التافهة .

وجدت كل القنوات تتحدث عن مفاوضات اليمن قلت لعل اليمن اقرب اليهم منا ووجدت لهم العذر ، ووجدت كل القنوات تتحدث عن مفاوضات سوريا فقلت لعل المصيبة هناك كبيرة ومفجعة ومؤلمة ، ووجدت كل القنوات تتحدث عن مفاوضات ليبيا فقلت لعلهم في الطريق الي السودان عبر الصحراء وانتظرت طويلاً ولا شيء ، ووجدتهم يتحدثون عن اخبار الصومال فقلت لعلهم علي سيرة الصحابة يريدون العبور الينا عبر البحر وانتظرت طويلاً ، وسالت نفسي طويلاً لماذا السودان يبكي لهم ولا يبكون عليه ، لماذا السودان يتوجع لهم ولا يتوجعون عليه .

وأبصرت طويلاً وقلت لنفسي هل نحن في السودان ذاته نهتم بما يجري في اديس ابابا ، هل نحن نتوجع لحالنا ، هل نحن نبكي لحالنا ، هل الساكنون في الخرطوم وعماراتها وحواريها وزقاقاتها يرفعون ابصارهم الي اديس ابابا بقلوب خائفة ومترقبة لعلهم يسمعون خبر سعيد من بلاد الحبش ، هل القابعون في ارصفة الموانئ العالمية وفي زمن الغربة والارتحال كما يردد الفيتوري يرفعون ابصارهم الي السماء ينتظرون الفرج في السودان ليعودوا الي حضنه من المنافي ومدن الصقيع ، لم انتظر طويلاً ، نعم هناك من ينتظرون صرخات الاطفال في جبال النوبة تقول انهم ينتظرون ، انين النساء في جبال الانقسنا تقول انهم ينتظرون ، نحيب الرجال في دارفور يقول انهم ينتظرون ، احياء الهامش في اطراف المدن تقول انهم ينتظرون .

وأطرقت ببصري الي اسفل ، هل ياسر عرمان يحس بأوجاع هؤلاء الحزاني ، ام ان صراع الايدلوجية قد اعمي بصيرته وبصره ، ولم تستغرق الاجابة عندي ثواني وقلت لماذا اذن هذه المطاولات والمخادعات وكأنهم يتلهون بماساتنا وأحزاننا ، هل الامجاد والبطولات الشخصية علي جثث الموتي لها طعم ونكهة ولذة ، وسالت نفسي هل جقود مكوار يحس بأوجاع اهله وعشيرته ، وتعجبت جداً هل ما زال في وجدان الرجل شعور بالمأساة والحزن الكبير ، وسالت نفسي هل مالك عقار ما زال في قلبه الكبير مكان لصراخ الصغار وانين النساء في جبال الانقسنا ، وسالت نفسي هل عماد عدوي يشعر بأوجاع هؤلاء ، وقلت لعله لا يعرفهم ، ولكن هل المئات من الذين يذهبون من افراد الجيش السوداني الي الموت في معارك ومحارق الوطن يحرك فيه الحزن والآسي ، هل صور الشهداء والجرحي والأسري تلامس عيونه وهو يفاوض علي وقف الحرب ، وسالت نفسي هل امين حسن عمر الذي اذا طاف الحزن من بعيد حوله تنحدر دمعاته كالسيل ، هل جفت تلك الدموع ، هل هذه الدموع صنعت وصممت علي احزان وأوجاع الاسلاميين وحدهم ، هل جبريل ابراهيم يشعر بهذه الاوجاع ، هل يعرف جبريل بيوت الطين والشعر والقطاطي ومدن الصفيح ، هل دارفور ما زالت في عقله وقلبه ، هل اصبحت دارفور فقط في طاولة المحاصصة والكسب السياسي والمناصب لمناوي .

وأخيراً سالت نفسي هل نحن نعيش في هذا العالم ، ام اننا غرباء هبطنا من كوكب اخر .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ام اننا غرباء هبطنا من كوكب اخر ?
    هذا اخر كلامك! لماذا لم تنسبيه لقائله وقد فارق دنيانا ولم يجد الجواب .” من اين اتى هؤلاء “الاخوان”” الطيب صالح.

  2. شعب اصبحت كل امانيه ان يصحوا ليجد الشمس
    قد اشرقت من الغرب ونفخ فى الصور لاعلان النهايه
    ونبكى النهايه كما قال ابو السيد رحمة الله عليه

  3. ام اننا غرباء هبطنا من كوكب اخر ?
    هذا اخر كلامك! لماذا لم تنسبيه لقائله وقد فارق دنيانا ولم يجد الجواب .” من اين اتى هؤلاء “الاخوان”” الطيب صالح.

  4. شعب اصبحت كل امانيه ان يصحوا ليجد الشمس
    قد اشرقت من الغرب ونفخ فى الصور لاعلان النهايه
    ونبكى النهايه كما قال ابو السيد رحمة الله عليه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..