التسول الإحتيالي

ساخر سبيل‏

الفاتح جبرا

التسول الإحتيالي

ظاهرة التسول ظاهره غير حميدة وهي تنتشر كنتيجة طبيعية للفقر المدقع وفي أغلب الأحايين يتحول الشخص (المتسول) من مجرد شخص (هاو) يبحث عما يسد رمقه إلى (متسول محترف) حيث يدمن (مزاولة المهنة) بعد أن يدرك سهولة هذا النوع الرخيص من الكسب(مع الحياة البقت صعبة دى) !.

وقد كتبنا كثيراً عن هذه الظاهرة التى تفاقمت مؤخراً بصورة واضحة وفاضحة لا تخطئها العين حتى كاد أن يكون هنالك متسول لكل مواطن غير متسول (على الرغم من أن الأخير فايتو بالصبر) ، حيث إنتشر المتسولون فى الاسواق وأمام إشارات المرور والصيدليات والمستشفيات والصرافات الآلية ومحطات الوقود ، وللأسف فقد بدأ التسول و(الشحدة) التقليدية فى الإنحسار ليحل مكانها تسول من نوع آخر يمكن أن نطلق عليه التسول (الإحتيالى) .

على الرغم من أن العبد لله يعانى من (النسيان) إلا أن الله تعالى قد حباه بذاكرة فوتوغرافية تحفظ وتتذكر ملامح الاشخاص لسنوات طويلة (الأسماء لا) ، قبل حوالى ثمانية أشهر وبينما كنت أوقف عربتى أمام إحدى (طلمبات الوقود) بمدينة بحرى إتجه نحوى شخص فى غاية الهندام (بنطلون وقميص نضاااف) عمره حوالى الأربعين عام ، وبوجه مضطرب وأياد راجفه أدخل يده فى جيب القمبص مخرجاً روشته وخاطبنى قائلاً فى إضطراب واضح مختلطاً ببعض الحزن والشعور بالإنكسار :

– يا استاذ زوجتى هسه بتولد فى المستشفى وكتبوا ليها حقنتين مشيت أصرفهم من الصيدلية لقيتهم بى (تمانين جنيه) وأنا معاى خمسين بس (وهو يخرج لى الخمسين من جيبه) !!

أذكر أننى فى ذلك الوقت كان معى خمسين جنيه (زى بتاعتو دى) لكن الموقف كما ترى عزيزى القارئ لا يجعل لك أى خيار سوى أن تقوم بتكملة المبلغ فنقدته الثلاثين جنيهاً و(كبيت) بالعشرين الباقية (بنزين) وقعدت على باب كريم !!

قبل شهر تقريباً .. وأنا أوقف عربتى أمام مبانى الرأى العام صباحاً .. إتجه صوبى شخص مهندم (بنطلون وقميص نضااف) .. وقام (بمكابستى) قبل ما أنزل من العربية … وبوجه مضطرب وأياد راجفه أدخل يده فى جيب القميص مخرجاً روشته وخاطبنى قائلاً فى إضطراب واضح مختلطاً ببعض الحزن والشعور بالإنكسار :

– يا استاذ زوجتى ….

– (وأنا أكمل له بقية الحكاية) … بتولد فى المستشفى وكتبوا ليها حقنتين مشيت أصرفهم من الصيدلية لقيتهم بى (تمانين جنيه) وأنا معاى خمسين بس … مش كده؟

– (مندهشاً من المفاجأة) : والله يا استاذ مرتى قاعدة تولد هسه و..

– إنتا مرتك دى هى (أرنب) بتولد كل ستة شهور !! إنتا زول نصاب ومحتال ولو ما مشيت من قدامى هسه أنا ح أوديك البوليس ..

هرول صاحبنا مبتعداً … بينما كنت أخاطب نفسى فى إندهاش ( بالله الزول ده مدور من الزمن داك!)

كان هذا قبل شهر تقريباً .. الأسبوع الماضى أمام أحد الصيدليات بأمدرمان ما أن عدت وأنا أحمل الأدوية التى (صرفتها) وفتحت باب العربيه محاولاً الدخول حتى إقترب منى شخص فى غاية الهندام (بنطلون وقميص نضااف) عمره حوالى الأربعين عام ، أدخل يده فى جيب القميص وأخرج لي روشته وخاطبنى قائلاً فى إضطراب واضح مختلطاً ببعض الحزن والشعور بالإنكسار :

– يا أستاذ أنا رايح .. مستشفى الدايات بى وين؟

– (عملتا فيها ما عارفو) : مستشفى الدايات بس تمسك شارع (السجن) ده طوااالى وبعدين تسأل عنها أى زول ح يوريك مكانا !

– والله يا أستاذ الواحد من اللف والدوران راسو (داش) عديل كده ..لافى ليا ساعتين فى الصيدليات .. زوجتى خليتا قاعدة تلد هسه دى والدكتور كتب ليها الحقنتين ديل جيت أشتريهم لقيتهم بى (تمانين) جنيه وأنا معاى بس الخمسين .. (إياها) !

– (قى جديه وحنية): الصيدلية القدامنا دى مشيت ليها؟

– لا يا دوب ماشى عليها

– طيب ما مشكلة تعال معاى (وأنا أمسكه من يده) !

– بالله يا دكتور أصرف لى أخونا ده الحقنتين ديل !

– لكن دى ما حقن !

– دى شنو؟

– ده مرهم بتاع بواسير !!

(وسط دهشة كل من كان بالصيدلية إنفجرت فيه) : بواسير يا محتال .. إنتا قايلنى أنا ما عارفك ؟ كدى عاين ليا كده كويس .. أنتا مش قابلتنى فى الطلمبة فى بحرى قبل تمنيه شهور .. وتانى لقيتنى فى الخرطوم قدام الرأى العام قبل شهر.. وهسه فى أم درمان كمان .. يا نصاب .. والله قدام الناس ديل ما تدينى (التلاتين جنيه) الأديتك ليها فى بحرى إلا أجيب ليك البوليس هسه دى !

فى سرعة فائقة أخرج صاحبنا من جيبه رزمة من مختلف الفئات النقدية .. (يبدو أنها حصيلة اليوم) ، مد لى بيد مرتجفة (تلاتين جنيه) التى ما أن خرجت من الصيدليه حتى أعطيتهم لرجل خمسينى (مقعد) رث الملابس يجلس على عجلة متحركة لم أجتهد كثيراً اليوم فى معرفة وجهه وهو يقف أمامي منتصب القامة (مهندماً) فى صف (الجمرة الخبيثة) !!

كسرة :

المتسول : معليش ياخى أنا (ما من البلد) دى وما فطرتا لى هسه !

المواطن : تتخيل أنا (من البلد دى) ولي هسه ما فطرتا !

تعليق واحد

  1. حجيتكم وما بجيتكم خيرا جانا وجاكم اكل عشانا وفات خلانا..:lool: :lool: طبعا يا اولادي انحنا اليومين ديل فاضيييييييين وما عندنا مشاكل ولا مذاكرة في مادة الوطن الصعبة لانو انتو ذاكرتوها كويس .. وجاهزين للامتحان يوم( 9)يناير… عشان كده رايكم شنو احجييكم جحوة..كان يا مكان في وطن اسمو السودان…..نكمل القصة بكره:lool: :lool: :lool: ياهو السودان كلو بقي حبوبات بس قصص قصص قصص اي جريدة قصص ونقة نقة كلام خارم بارم :lool: :lool:

  2. سلامات يااستاذنا يامبدع والله في الحقيقة الواحد لاقادر اضحك من اساليب الاحتيال ولا قادر ابكي من ماوصل اليه السودان من حالة فقر وضياع الله المستعان
    اريد ان اروي لك قصة صديق احتالت عليه فتاتان اشتري لهن الدواء من الصيدلية وعندما خرجوا من الصيدلية عادت الفتاتين وارجعن الدواء بحجة انه تم شراءه واخذن المبلغ وذهبن

  3. التحية لك استاذ جبرة …. حقيقة الموقف العملته حقيقي شجاع جداً .. ولو أي مواطن قام بنفس الدور وكشف هولاء المتحالين كانت الظاهرة دي اتلاشت …. في واقعة حقيقية حصلت في مدني قام احد المحتالين بعد ان لبس أجمل الثياب وأجر سيارة فارهة … ودعا مجموعة كبيرة من الشحاتين لوليمة كبيرة واضاف للاكل منوم …. وبعد ان الشحاتين واخلدوا الى نوم عميق أخذ كل ما في جيوبهم … تعرف انو تحصل على مبلغ 600000000 مليون (بالقديم) ستين مليون …. الله يجازي الكيزان…

  4. بعد قريت القصة ضحكته احسيت بانه همومى خفت شعرت بخرمه لى سفة وكمان بطنى قرصتنى من الجوع لكن قريشاتى الفضلن دخلت بيهن النت (شالتنى هوشة وقلت اناضل ولو من خلف الكيبورد ) هسى الفسة ممكن اجازفه لكن الغداء كيف (قال اناضل قال ) هاك النضال دى

  5. أخير زولك دا انا الجماعة بتاعني ديل راكبين اتوز اي والله العظيم اتوز وروشتة وتانيين بدفار وجايين من مشوار بعيد وماعندهم حق الجاز لانو حصل ليهم ظرف وكدا… دا كلو كوم والشحدة الحكومية كوم تاني فمرة انحنا محاصرين ومرة باسم فلسطين واخرى باسم منكوبي سيول وفيضانات باكستان وهلم جر

  6. شكراء لك ايها الهرم العملاق وانت تحاول ان تصحى اهل الكهف من نومهم العميق بكتاباتك الراءعه علها تجد ازنا صاغيه وعيون مفتحه والله كلما انا بستغرش لانك كلما حاولت ترشدهم جعلو اصابعهم في ازانهم#طبعا بستغرش دى انت عارفهابستغرب بندهش

  7. الاستاذ الفاتح ….. لك كل الود والتقدير
    تخيل انو نفس الفيلم حدث لى ولكن بالمملكةالعربية ــ الرياض حيث كنت أعمل شمال الرياض منطقة مباني وانشاءات جديدة وانا فى زحمة العمل حضر عامل البوفيه البنغلاديشى واخبرنى ان بالخارج زول ويسأل عن أي سودانى … خرجت اليه وقال أنه قادم من وادي الدواسر وزوجته بالمستشفى و و و و وناقصة ليهو (30) ريال لتكملة حق الروشتة … طوالى ناولتو المبلغ وراح لحال سبيلو .. بعد فترة حكيت الحكاية لجماعة فى استراحة …تخيل يا أستاذ أكثر من خمسة من الموجودين قالوا إنو الشخص ده هم ايضاً قابلوه واعطوه الثلاثين ريال …

  8. هسع مع الاعتزار للاستاذ الفاتح ..التسول ده ما خشم بيوت …هسع انت عمودك ده ما بقى قصص ذى البحكيها اى مواطن سودانى غلبان او جيعان …تعرف انا بعرف ناس ممكن يحكو ليك ذى البتحكى فيه ده واحسن واكتر …وليه ناس انا ذاتى بحكى ليكم . بس المشكله انو نحن ما عندنا عمود نحكى فيه …والمتسول ده عندو عدم ضمير ومساحه يتحرك فيها ..وكلو تسول فى تسول
    والله لكن الناس فى شنو والحسانيه فى شنو

  9. استاذنا الفاتح جبرة
    متعك الله بالصحة و العافية
    الكسرة الاخيرة كانت اقوى من المقال. خليتك بعافية

  10. يا جبرا ماسمعت بطرفة عمنا معوض قال الله يجازى محن الكيزان نشرب كوز الموية فى السوق العربى من الصبيان بى مائة جنيه لمان نحتاج اخراجه نمشى الجامع الكبير (الحمامات ) ندفع مائتين فقال الله يجازى محنكم ندخلها بمائة ونمرقها بمائتين

  11. انا ياود جبرا بعرف لي متسول فارع الطول ومفتول العضلات وشايل ليه فرار ويجي يقيف قدامك ويرفع الفرار ويقول ليك الله قاسم لي شنو ولافي اليوم كله في السوق اها ده تصنيفه شنو شحاد ولا رباط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..