طالبة بالسنة الرابعة اختارت التخصص عن رغبة .. قالت إن تطلعاتها كانت أكبر بكثير مما وجدته بالقسم.. فكل شيء هنا.. مافي

الخرطوم: تنزيل عبد المنعم
“طلاب الهندسة النووية يعتصمون من أجل تحقيق مطالبهم”.. لوهلة الأولى لربما بدت العبارة معتادة السماع؛ فالاعتصامات الجامعية من أجل تحقيق المطالب (على قفا من يشيل) لفرط تكرارها، ويعدها الكثيرون شيئا مألوفاً.. فقط يتجلى الفارق دوماً في شكل المطالب؛ التي تراوح تارة سد نواقص في القاعات الدراسية، أو مقررا دراسيا غير مكتمل، أو تأجيل امتحانات، أو معامل تفتقر الكثير من الإمكانيات، لكن مهلاً؛ فما يحدث في قسم الهندسة النووية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا كان يشمل النقص التام في جميع الأشياء التي تعتمدها الجامعة في إقامة قسم أكاديمي لدراسة الهندسة..!!
في مكتب رئيس قسم الهندسة النووية حضرنا ولم نجد أحداً. كان القسم خاليا إلا من طالبتين في السنة الدراسية الثالثة، توجهت إليهما بالسؤال: أين رئيس القسم؟ فردت الطالبة التي فضلت أن يحجب اسمها تخوفا من أن يتسبب لها ذلك في إعاقة أكاديمية: رئيس القسم غير موجود بالقسم. ثم تسترسل: “أنا الآن موجودة في القسم بسبب مشكلة أكاديمية، ولكن لم أجد أحدا ليقوم بحلها”.
علمنا من البعض هنا أن القسم ربما كان به أستاذ واحد فقط يحمل مؤهلا دراسيا في تخصص الهندسة النووية، وما عدا ذلك لا يوجد متخصص في علم الهندسة النووية، مما زاد من مشكلات القسم، وجعل الطلاب يعتمدون على الإنترنت كمصدر أساسي للمعلومات، فحتى المكتبه كما علمنا لا توجد بها مراجع كافية للاستفادة منها.
إبان جولتنا جلسنا إلى طلاب وطالبات في مقتبل دراستهم الجامعية، وقد بدا عليهم الإحباط والتخوف من مصير من سبقوهم. تقول (رهام)، الطالبة بالسنة الدراسية الأولى: أحيانا تكون لدي ثقة كاملة في تخصص الهندسة النووية، وأحيانا أصاب بالتخوف من مصير زملائي، والآن في أنا حالة تساؤل دائم؛ ما إذا كانت هذه المشكلة ستحل، أو أن أضطر لمغادرة مقاعد الدراسة بالقسم لتخصص آخر أجد فيه كل المعينات..؟!
وبالنسبة لـ(حسين ضيف الله)، الطالب بالسنة الثالثة فيقول إن مشكلتهم الأساسية هي عدم وجود معامل “لنطبق عليها ما ندرسه من نظريات”.. يسترسل محدثي بالقول: أحيانا نضطر للذهاب للجناح الشمالي للتحضير بمعمل الفيزياء الحيوية، وهذا الأمر مرهق جدا بالنسبة لنا، وهذا الفصل الدراسي اكتمل من غير وجود متابعات أو محاضرات مكتملة، فليست لدينا قاعات خاصة، وندرس في قاعات قسم الطيران، وكأنما قسم النووية قسم هامشي أو إضافى بالكلية.
وتبدو ملامح الاستياء بائنة على قسمات (مناسك مصطفى)، أكثر من بقية زملائها. وكانت مناسك، الطالبة بالسنة الرابعة، قد اختارت تخصص الهندسة النووية عن رغبة، وقالت إن تطلعاتها كانت أكبر بكثير مما وجدته بالقسم، فكل شيء هنا (مافي) لا معامل ولا قاعات وحتى رئيس قسم وتساءلت: كيف لطالب هندسة نووية أن يتخرج دون في غياب الكثير من المعينات الأساسية طيلة فترة دراسته؟، مشيرة إلى أن هذا المعمل موجود داخل دليل القبول الذي بموجبه قدمنا للقبول لدراسة الهندسة النووية، وهذا البند كان موجودا ضمن دليل القبول على فترتين دراسيتين؛ ولكن الجامعة تحججت بضعف الإمكانيات، فتم تقليصه لفترة تدريبية واحدة، وهذه الأخيرة لم توف بها الجامعة مما ولد نقصا في عدد الساعات المقرر دراستها.
أستاذ في القسم ـ فضل حجب اسمه ـ قال لـ(اليوم التالي): القسم ضعيف الإمكانيات والمعامل الموجودة بالقسم هي أشباه معامل، ليست لديها أي علاقة بما يدرس في الجامعات عن الهندسة النووية، فما يدرس بالقسم هو منهج ثقافي عن الهندسة النووية، وليس منهجا أكاديميا، يخرج كادرا مؤهلا في هذا المجال، والذي من المفترض أنه من أهم أقسام الهندسة، ولكن إنشاء هذا القسم لم يعد له إعدادا جيدا وبلا معامل وورش مجهزة والجامعة لديها الإمكانيات التي تستطيع أن تصنع بها قسما للهندسة النووية مؤهلا تأهيلا كاملا. ويسترسل محدثي: وجدنا تعاونا من جامعات خارجية كجامعة الإسكندرية، ولكنه توقف عند الدفعة الأولى، والآن إمكانيات الجامعة لا تسمح، مشيراً إلى أن القسم الآن توجد به 5 دفعات؛ ثلاث منها تتبع للقسم، واثنتان للعلوم العامة، وكل طلاب القسم أصحاب حق، يطالبون بأدنى حقوقهم حتى يتخرج الطالب بشهادة تؤهله للمنافسة في سوق العمل العالمية، أما مشكلة الرقم الهندسي، كما يسترسل محدثي بالقول، “فقبل أسبوع جاء فريق من المجلس الهندسي وقام بزيارة المعامل، وهذه تعد الزيارة الأولى للمجلس الهندسي، وفي الحقيقة الدفعات التي تخرجت في هذا القسم لم تتحصل بعد على أرقام هندسية”، حسبما يختم إفادته
اليوم التالي