مقالات سياسية

قبل أن تحل الذكرى الأولى للحرب اللعينة ،، الأولى إخمادها .. وكل عام وأنتم بخير 1/4 ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه 

تُطِلّ عليّ رائحة العيد من شرفة ذكرياتي ، تُعَبّقُ في أرجاء ذاكرتي ، وتُنعشُ مشاعر الفرح التي طالما غمرتها الأيام ، أستعيدُ صُورَ العيد في مسقط رأسي “أبو زبد”، أرى الأهلَ يرتدونَ ملابسهم الجديدة ، وأسمعُ أصواتَ الأطفالِ يملأونَ الشوارعَ بالضحكاتِ والألعاب وأُشاركُهم فرحةَ العيدِ ، وأتذوّقُ معهم حلاوةَ الكعكِ، وأرقصُ معهم على نغماتِ الأغانيِ العيدية ، لكن ، لقد مرّ ربعُ قرنٍ منذُ تمردتُ على مسقط رأسي ، وخرجتُ من السودانِ مُطارِداً من شبحِ القهر والكبت ، وفجأةً ، داهمتْنا حربٌ جديدةٌ في العامِ 2023م ، لتُحرمنا حتى من فرحةِ التواصلِ مع الأهلِ عبرَ الهاتفِ أو الإنترنتِ ، حقيقة : أشعرُ بغصةٍ في قلبي ، وأنا أرى صُورَ العيدِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ ، أرى فرحةَ الناسِ ، وأسمعُ ضحكاتِهم ، بينما أنا بعيدٌ عنهم ، وحيدٌ في غربتي ، أشعرُ بالظلمِ ، وأتساءلُ : لماذا نُحرمُ من فرحةِ العيدِ؟ لماذا تُحرمُنا الحروبُ من أبسطِ حقوقِنا؟، ومع ذلك ، لا زالَ الأملُ يحدوني ، أُؤمنُ بأنّ هذهِ الظروفَ ستنتهي ، وأنّنا سنعودُ يوماً ما إلى أهلينا ووطننا ، سنجتمعُ معاً ونحتفلُ بالعيدِ ، ونُعيدُ رسمَ البسمةِ على شفاهِنا ، وأودّ أن أقولَ للجميعِ : لا تدعوا الحروبَ تُحرمُكم من فرحةِ العيدِ ، حافظوا على الأملِ ، وكونوا مُتّحدينَ في وجهِ الظلمِ ، فالعيدُ هو رمزٌ للفرحِ والسعادةِ، ولن نسمحَ للحروبِ بأنْ تسرقَ منّا هذا الرمزَ ، وفي ختامِ هذهِ القصةِ ، أُرسلُ أطيبَ تمنياتي بالعيدِ لجميعِ الأهل والأحباب والأصدقاء والزملاء، أينما كانوا ، وأتمنى أنْ يُحِلّ اللهُ علينا جميعاً عيداً مليئاً بالفرحِ والسعادةِ والسلامِ .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي :- منذ ربع قرن ، غادرتُ مسقط رأسي أبو زبد ، تاركاً ورائي شقيقتي الصغرى طفلة بريئة ، سرعان ما كبرت ، وتزوجت وجاءت مع زوجها للعيش في الخرطوم ، حدث ذلك في نفس الأسبوع الذي قررتُ فيه مغادرة السودان نهائياً ، قبل أكثر من عقد ، وشاءت إرادة الله أن تندلع الحرب اللعينة في البلاد ، فنزحت شقيقتي داخل السودان قبل أن تلجأ في الخارج، وتستقر معي في مصر ، ومع حلول عيد الفطر هذا العام حاولت شقيقتي إقناعي بالحضور إليها في القاهرة ، بينما كنتُ موجوداً في دمياط ، لتناول إفطار العيد معاً ، لكن دون جدوى ، فقلتُ لها : “منذ متى يحتفل اللاجئون بالعيد خارج موطنهم؟”، وأضفتُ لها : “هذا العيد هو الثالث لك بعد الحرب تقضينه خارج منزلك مرتين نازحة داخل بلدك وفي الثالثة ، والتي هي الأولى لك لاجئة خارج بلدك. فأي فرحة تنتظرينها؟”، لطالما كانت شقيقتي تُمازحني منذ طفولتها منزعجة من عزوبيتي ، ففي كل عيد كانت تقول لي : “أتمنى أن أراك في العيد المقبل عريساً”، لكن هذا العام ، بدا الأمر مختلفاً ، بسبب بعدها عن الأهل ، نسيت حتى هذه المزحة ، حيث لم تذكرها حتى اللحظة ، بدا وكأننا نردد بلسان حال ما قاله المتنبي : عيد بأي حال عدت يا عيد ،، بما مضى أم بأمر فيك تجديد.. فكل عام وهي وأنتم بخير ، أينما كنتم ، وكيفما كانت أحوالكم..

#اوقفوا – الحرب #Stop-The-War وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج :- قصيدة جديدة بعنوان (عيدٌ بلا بهجة)
يُطلّ هلالُ رمضانٍ ، وفرحةُ العيدِ غائبةٌ
كأنّها ضاعتْ في زحمةِ الأيّامِ والظّروفِ
أُطلّ من نافذةِ غُربتي ، فأرى
شوارعَ خاليةً ، وأرواحًا مُنكَسرةً
لا زينةَ تُزيّنُ البيوتَ، ولا أطفالَ يمرحونَ
فقط صمتٌ مُطبقٌ ، وحزنٌ عميقٌ
أُفكّرُ في أهلي في بلدي ، فأتألمُ
فقد نزحَ الكثيرُ منهم ، وتشتّتُوا في شتّى الأرجاءِ
أُحاولُ أن أُباركَ لهم بالعيدِ عبرَ الهاتفِ
لكنّ كلماتي لا تُخفي مشاعرَ الحزنِ والأسى
أُفكّرُ في أقربائي الذين يُشاركونني منفاي فأشعرُ بالغُربةِ حتى بينَ أهلي وأحبّائي
أُدركُ أنّ العيدَ ليسَ فقط زينةً وألعابًا
بل هو شعورٌ بالبهجةِ والسعادةِ
لكنّ كيفَ أشعرُ بالسعادةِ وأهلي وأحبّائي بعيدونَ عنّي؟
كيفَ أُشاركُ في فرحةِ العيدِ وأنا أعيشُ في غُربةٍ؟
أُصَلّي إلى اللهِ أن يُعيدَ لنا الأمانَ والسلامَ
وأن يُجمعَ شملَنا مع أهلينا وأحبّائنا
فالعيدُ بلا بهجةٍ لا معنى لهُ
وإنّما هو يومٌ عاديٌّ كأيّ يومٍ آخرَ
فليكنْ عيدُنا هذا عامًا للخيرِ والبركةِ
وعامًا للوحدةِ والتّسامحِ
وعامًا يُعيدُ لنا البسمةَ إلى وجوهِنا
والبهجةَ إلى قلوبِنا.. الوجيه / دمياط – مصر : 09/04/2023
ولن أزيد .. والسلام ختام.

[email protected]

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..