
بسبب الشفافية التي إكتسبها العمل السياسي في البلاد بعد ثورة ديسمبر الظافرة . سرعان ما إتضحت أسباب الزيارة الميمونة المفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للخرطوم عوضاً عن مدير المخابرات المصري وعلى غير ما جرت العادة.
عُلِمَ أن سبب الزيارة أن الشركات التي تعمل في تعدين الذهب والمنجنيز بمثلث حلايب وشلاتين السوداني. الذي قامت مصر بإحتلاله عام 1995مستغلة عزلة السودان الدولية وتورُّط حكومته الكيزان في محاولة إغتيال الرئيس المصري الراحل حسني مبارك ….
هذه الشركات المشار إليها وبعد إكتشافها أن مثلث حلايب وشلاتين أراضي سوادنية ، وفق الخرائط المعترف بها دولياً والمودعة في مقرات هيئة الأمم المتحدة والإتنحادين الأفريقي والأوروبي ؛ أصابها الشلل من مغبة ما ستتعرض له هي والدول المسجلة لديها في السجلات التجارية والتراخيص من عقوبات دولية رادعة وغرامات مالية باهظة في حالة سداد نصيب السودان (صاحب الأرض) إلى الدولة المصرية (المحتلة للأرض) . فأحجمت عن السداد . وأصبح لزاماً على الحكومة المصرية السعي لدى الحكومة السودانية للتباحث حول مخرج .
السألة ليست بهذه البساطة التي يظن المصري أنه يستطيع لحسها من (البوّاب) السوداني طيّب القلب بكلمتين حلوين يضحك بهما عليه ويأكل بعقله حلاوة. ثم ينقلب إلى أهله مسرورا وهو يردد : “إحنا اللِّي دهـنّـا الهواء دوكو”.
المبالغ التي تستحق السداد للسودان مالك الأرض تصل إلى المليارات .. بل هي أكثر من المليارات التي هلّل لها السودان (المسكين) من مؤتمر برلين.
وربما لو كانت هذه المبالغ بضعة ملايين أو مئات ملايين لما كلف رئيس الوزراء نفسه وتنازل عن برجه العاجي وتكبّد مشاق زيارة “البوّاب” السوداني في عقر داره.
ولكن الذي يقلق كل سوداني اليوم هو أن تسهم المصالح الشخصية في ضياع هذه المداخيل السودانية على الخزينة العامة للدولة . في وقت تقف فيه حكومة حمدوك على مفترق طرق بسبب عجزها عن إدارة الملف الإقتصادي ، وتحويل قرارات لجنة إزالة التمكين إلى واقع ملموس يرفد خزينة الدولة بأموال سائلة.
ملف حلايب وشلاتين ظل مسكوتاً عنه من جانب اللسلطة الإنتقالية بمجلسيها السيادي والتنفيذي … والسكوت شمل حتى تمصير هذا المثلث وتحويل سكانه بالترغيب والترهيب إلى مواطنين مصريين . وشمل ذلك قيدهم كناخبين وطلاب ومجندين في الجيش والشرطة ؛ على وهم النظريات القديمة قبل إنشاء هيئة الأمم المحدة التي كانت تعطي الأرض لشاغلها . والتي كانت في الماضي السحيق هي التي تشجع بعض الدول على الإستيلاء على أجزاء من أراضي جيرانها الضعفاء . ولكن قانون الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية إلتفت إلى ذلك . وتشدد في عدم الإعتراف بأي تغيير أو تعديل أحادي للحدود السياسية بين الدول حفاظاً على السلم والأمن الدوليين .
الإعلان عن تسيير مليونية بإشراف وتنظيم لجان المقاومة وشباب الثورة. وفتح التبرعات لتمويلها من حر مال الشعب السوداني وعرق جبينه ودمائه ، سيكون له أكبر الأثر في إحياء النفوس التي خنعت وإستسلمت في حلايب وشرتين. ووسط وقبائل البحر الأحمر التي تناست هذه الأرض وعار إحتلالها . وانشغلت في قتالها مع المواطنين النوبة والفلاّتة من أجل أرض خلاء وربع مربوع.
تسيير هذه المليونية ربما تسهم في دفع الأسود والنمور والفهود من حركات الشرق المسلحة إلى الخجل . حين يكتشفون أنهم يقاتلون حكومة الخرطوم من أجل منصب ومنصبين في الولاية والحكومة الإتحادية . ويحجمون حتى عن إثارة غبار وذرف دموع على أراضي محتلة إحتلالاً أجنبيا رسميا في جزء من ولايتهم .. ولاية البحر الأحمر.
مليونية حلايب شلاتين يجب أن لا يقتصر مسارها الجغرافي على الخرطوم وعواصم الولايات . ولكن يجب تصعيدها عالميا في ذات التوقيت من جانب السودانيين المهاجرين والمقيمين في كل من فرنسا وألمانيا وواشنطون ومقر الأمم المتحدة في نيويورك مع تسليم مذكرات رسمية بهذا المعنى .
تسيير هذه المليونية سيجعل كل فاسد في السودان يتردد ألف مرّة قبل التفكير في سلوك مسلك الكيزان المعهود في بيع ثروات البلاد وأرضها نظير مبالغ تافهة زهيدة حرام بكل المقاييس ، يتم وضعها له في حسابه الشخصي خارج البلاد… ويظن بذلك أنه قد أفـلـح و محظوظ.
الأطروحات في الميديا ووسائل التواصل . تتساءل اليوم عن ماهية الحل الذي ستتفتق عنه العقلية السودانية في السلطة الإنتقالية لجهة هذه المبالغ المالية الطائلة.
بداية يتضح أن هناك رغبة من الحكومة السودانية في مناقشة الأمر . ولولا ذلك لما سمحت لرئيس الوزراء المصري بالمجيء والتباحث.
ربما يتفق الطرفان السوداني والمصري في أسوأ الأحوال على منح مصر نسبة مئوية محددة (5% عادة) تحت بند السمسرة والوكالة بالعمولة؟
وجود السودان تحت طائلة العقوبات هو في حد ذاته مشكلة أخرى قد تواجه تحويل هذه المبالغ مباشرة إلى الخزينة السودانية.
وربما يكمن الحل في إتباع ذات الطريقة التي صدّر بها السودان قبل أيام 2 طن ذهب.
وفي كافة الأحوال يجب رفض أي مقترح مصري بإيداع هذه المبالغ في الخزينة المصرية وقيدها كوديعة بإسم حكومة السودان. وذلك لما فيه من محاطرة بنسبة 99.99% من واقع تجاربنا الطويلة مع الحكومات المصرية في المسائل المالية ، والمحاسبة المنصفة على الحقوق.
مصعب المشرّف
15 أغسطس 2020م
[email protected]
مع نهاية الحريات الاربعة .
لماذا الايعاز بمليونيه حلايب شلاتين والزج بموطنين والتحريض الا يكفي المأسي
ولماذا نسيت مليونيه الفشقة على الاغلب لم تسمع بالهجمات المسلحه…اني اشتم رائحة الخنزيرة وراء المقال
مقال ممتاز ومليونية حلايب ستجد صدي واسع وسط الثوار..
للاسف الشديد كل حكام السودان منذ الاستقلال اتفقوا على امر واحد وهو اتباع سياسة الخنوع والانبطاح لمصر..
تفاءلنا بثورة ديسمبر المجيده وكنا نأمل ان تتصدي حكومة الثوره لوقف الاطماع المصريه وطرد الجيش المصري المحتل من حلايب.
لكننا فجعنا بالبرهان يؤدي التحيه العسكريه للسيسي في اول زيارة له لمصر. !!!
كنا نتوقع ان يرتقي حمدوك لحجم ثورتنا وتضحيات الثوار وينفذ متطلبات الثوره واصابنا الخذلان والقنوط في حمدوك. رجل ضعيف ووضيع ليس بحجم المسؤوليه متردد في اتخاذ اي قرار يصب في مصلحة الوطن والثوره..
لا احد يدري ماذا جري خلف الكواليس ولكن من المؤكد ان مخابرات مصر تري في حمدوك شخص سهل قياده. ووجدوا فيه صيد سهل لتحقيق مأرب واطماع مصر في السودان..
لعل حمدوك يعيد لمخابرات مصر ذاكرة الفريق عبود السوداني الطيب الكريم الذي منحهم وادي حلفا دون مقابل يذكر..
حمدوك معروف بالتزامه بسياسة الصمت المريب والغموض والتسويف والتلكؤ وكل هذه الصفات تصب في مصلحة مصر…
الله يستر وربنا يجعل العواقب سليمه..