مقالات وآراء سياسية

الحرب السودانية : الدين والسياسة وتغيير الواقع

محمد الصادق

بالأمس تحدث نتنياهو عن انتهاجهم لسياسة (تغيير واقع الشرق الأوسط) ، والتي أبرز أدواتها إستعمال القوة المفرطة جدا في الإغتيالات السياسية ، وتدمير البُني التحتية بما يحيل حياة الناس الي جحيم ؛ مستغلين تطورهم التكنولوجي الجبار في السلاح وأجهزة المراقبة والتتبع والتجسس.
السودان من الدول التي تريد اسرائيل والغرب تغيير واقعها ، لتتحول من دولة مقاومة وممانعة إلي دولة اعتدال ، فالسودان صنفته أمريكا كدولة شريرة وداعمة للإرهاب الدولي ، ولذلك فرضت عليه حصارا اقتصاديا لأكثر من ربع قرن وهو ما أدي لسقوط نظام الإنقاذ ، ثم في النهاية تهاوي الدولة نفسها.
قبل بضع سنوات بدأ حديث عن (صفقة القرن) لأنهاء الصراع مع اسرائيل، وربما لذلك تدور الآن عمليات (جراحية) كبيرة لتغيير واقع الشرق الأوسط.
إنهم يستغلون حتي الدين لتغيير الواقع لصالحهم ، فقد اعترف ولي العهد السعودي لصحيفة الواشنطن بوست بأن الغرب دعمهم في السابق لنشر التشدد الديني من أجل مواجهة النفوذ السوفيتي ، وفعلا تم استنفار مئات الآلاف من شباب العرب للقتال بأفغانستان حتي تم إخراج السوفيت؛ وها هي المملكة تتخلص شيئا فشيئا من ذلك المنهج المتشدد الذي يشيع في الناس أن نبي الإسلام ذكر أن رزقه قد جُعل تحت ظل رمحه !! . مع أن الإسلام هو في الأصل رسالة سلام ؛ فبرغم أن الشريعة قد اكتملت قبيل وفاة النبي ، لكنه ذكر أن (الأمر) لن يتم حتي يسير الراكب بين صنعاء وحضرموت لا يخشي إلا الله.
في السودان – ونحن في سبتمبر- لا يمكن وصف الحرب الجارية الآن بأنها مجرد تمرد وانشقاق قوات عسكرية فقد قامت أمريكا بغزو أفغانستان والعراق في غضون عامين لتغيير الواقع هناك ، أما في السودان فقد وصلت حدة الحصار لدرجة أن برمجيات صغيرة كانت متاحة لجميع دول العالم تم حظرها من السودان ؛ فالحصار في حقيقته إنما كان حصارا علي الشعب من أجل ان يلفظ من يصنعون الواقع المصادم ؛ ومع أن البلاد كانت بُعيد الاستقلال مرشحة لتكون دولة متقدمة لا سيما في مجالات الزراعة والصناعة لكنها الآن تعاني المجاعة ، وها هي الحرب ترجعها إلي عصور سحيقة ، فقد رجعت الأفران لإستخدام الحطب في صناعة الرغيف ؛ ورجع الناس يشربون مياه الترعة بدون تنقية.
أثناء الحرب كانت أمريكا حاضرة بمبعوثيها وسفرائها في التفاوض ؛ وقد خصصت مئات الملايين من الدولارات لمساعدة السودان ، وفي نفس الوقت عرضت مكافأة مالية كبيرة لمن يدل علي مكان أحد النافذين في النظام البائد ، وهذه نفس سياسة اسرائيل للتخلص من بعض الأسماء الغير مرغوب فيها، رأينا بالأمس كيف يستطيعون الوصول إلي هدف متحصن تحت الأرض علي مسافة خمسين مترا . كذلك في الحرب السودانية تشعر أحيانا أن أسلوب الكر والفر والإنسحاب واعادة السيطرة إنما هدفه اقتناص أشخاص معينين ؛ كما أن هناك تعمّد واضح لتدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات وتعذيب الشعب . فالحرب الحالية هي في المقام الأول حرب علي الشعب لأنهم يريدون للشعوب أن تنشغل بنفسها (سهر الجداد ولا نومو). الآن يقول الخبراء العسكريون أن الحسم الصفري مستحيل لأي من الطرفين ، فلابد من الحلّ الكلاسيكي المعروف لإنهاء الأزمة الإنسانية ، وهو التدخل الدولي ؛ الذي يعني البداية الفعلية لتفكك الدولة ، ولكن في النهاية ستحقق بالطبع غايتهم المنشودة ، وهي تغيير الواقع !! .

□■□■□■□■
>>> تذكرة متكررة<<<

نذكّر بالدعاء علي الظالمين
في كل الأوقات .. وفي الصلاة
وخاصة في القنوت
-قبل الركوع الثاني
في الصبح
علي الذين سفكوا الدماء
واستحيوا النساء
واخرجوا الناس من ديارهم
وساموهم سوء العذاب
وعلي كل من أعان علي ذلك
بأدني فعل أو قول
(اللهم اجعل ثأرنا
علي من ظلمنا)
فالله .. لا يهمل
ادعوا عليهم ما حييتم
ولا تيأسوا ..
فدعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك :
{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی
لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.

 

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. لماذا صار السودان دولة ممانعة وفيما يمانع السودان؟سؤال جوهرة الإجابة عليه تلزمنا الشجاعة طبعا السبب قضية فلسطين وهى قضية عربية بلا منازع والسودان يعمل لإثبات عروبتع وهو ما كلفه الكثير بيد أن العائد من مواقفه لا يزال صفرا كبيرا…أننا فى السودان اضفينا بعدا عنصريا للعروبة الأمر الذى لازلنا ثمنه غاليا على حساب الوطن ..فمثلا تم فصل الجنوب لأسباب عنصرية ترتبط بالعروبة والتمييز الدينى وللاسف لم نجد من بعده لا الدين ولا الوطن. عروبة السودان ليست بأفضل من عروبة سوريا أو السعودية ولكن مشكلة العروبة فى السودان أنها ترتبط بقوميات أخرى غير عربية فى طول السودان وعرضه ووصل الأمر إلى عمل منهجى ترعاه الدولة السودانية للتخلص من العنصر غير العربى وإليك المثال تم حرق أكثر من أربع آلاف قرية من القرى فى دار فور ٢٠٠٣ معظم سكانها أو جلهم كانوا من غير العرب لم تنزعج الحكومة لذلك بل هى من وقفت خلف تلك الجريمة ومابال المواطن السودانى لم تحركه الجريمة النكراء.لا نقول بأن الإنقاذ كانت مختلفة بل هذا هو نهج المجموعات العربية الحاكمة بالسودان لم يختلفوا البته فلا الصادق المهدى أو البشير أو عبود كلهم على شاكلة واحدة. لا معنى لأن نقدم وطننا مهرا لعروبة مزعومة ونعطى اسرائيل أو غيرها الحق لتصنيفنا دولة ممانعة لأن السودان ذو بنية هاشة وعلى هامش العرب بل أثبتت لنا الايام أن العرب هم من يسعون لتدمير السودان الا يكفينا مانشاهده اليوم

    1. اتفق معك يا محمد الصادق لحد كبير وقلتها قبل ايام في تعليق على احدى المقالات هنا في الراكوبة. نحن نجتهد في ان نكون عرباً اكثر من العربان انفسهم و قد قيل “التركي ولا المتُّورك”. نحن لا نرضى بالأفارقة ولا يرضى بنا العرب وهذه واحدة من مشاكلنا الكبيرة. بإلإضافة لذالك دخل عنصر الدين للأسف عن طريق جماعة متطرفة استعدت الغرب علينا فحوصرنا لعقود.

  2. العالم لا يهتم بنا ولا تخدعوا انفسكم . واسرائيل اشعلت هذه الحرب وادارتها من خلال دولة يملكها حرفيا شخص واحد ولا يسأل عما يفعل . لان اسرائيل دولة مؤسسات يحكمها القانون والدستور الصارم . تم تدمير السودان بواسطة ابنائه بمنتهى الحقد والكراهية ولم تخسر اسرائيل ( شيكل ) واحد فى هذه الحرب الذكية . نسى الناس اغتيال نويصر فى بورتسودان والذى كان يقوم بتهريب الاسلحة والصواريخ التى تصنع فى مصانع حركة حماس بالسودان . ونسى الناس قصف مصنع اليرموك الذى تملكه حماس . وجاءت الفرصة لاسرائيل للانتقام بلا ثمن تدفعه . فقد قام بمهمة تدمير السودان وعلى اكمل وجه ابناء السودان نفسه بنفس سيناريو ليبيا والعراق واليمن وسوريا ولبنان . ولن تجدوا بعد قليل حتى الحطب لخبز الدقيق . .

  3. المشكلة ليست في العروبة ولا في الإسلام.
    المشكلة هي في إلصاق الدين بالدولة وهو ما ضيّع السودان.
    كانت الدولة سائرة في طريقها رغم الصعوبات. لما تتعثر الدولة الا بعد تحالف الكيزان مع نميري ومن يومها لم يشم السودان رائحة العافية وبدأت البلاد في الانهيار وهذه هي المرحلة الأخيرة وهي تفتت وتلاشي الدولة.

  4. الانسان الذى يمتهن التدليس فى شأن الدين ويتخذ من مهمة نقل الاحاديث الموضوعه والتأويلات العرجاء لآيات القران هوايه يتسلى بها فهو بلا شك لا يملك من الحصافه ورجاحة العقل ما يجعله يتناول الوضع الراهن فى السودان بمنظور آخر سوى منظور النقل والانقياد الاعمى وليس بمنظور العقل والتحليل الثاقب لمجريات الاحداث وحقائق الأمور .
    كما تبنى هذا الكاتب موقف الناقل لجراثيم العصور الوسطى فى كل ما كان يكتبه عن الدين هو ايضاً تبنى وجهة نظر الدعايه الكيزانيه عن هذه الحرب وذهب يخلط الأوراق ويلوى عنق الحقائق ليعيد كل شئ إلى نظرية المؤامره والمخطط الاسرائيلى وبروتوكولات بني صهيون. هو لم يجبن من ذكر حقيقة ان الكيزان هم من اشعلو هذه الحرب طمعاً فى عودتهم للسلطه حيث النهب والسلب والسرقات والاستحواذ المطلق على المناصب الدستوريه وعلى كل ثروات البلد ، وهم من رفضوا كل مبادرات التفاوض لأنهم يعلمون ان نهاية هذه الحرب تعنى تلاشيهم إلى الأبد ولذلك هم من هددوا بأستمرارها لمائة عام قادمه، وأن الكيزان هم من بذلوا كل جهدهم حتى ينفصل الجنوب وليس اسرائيل وان الكيزان هم من ارسلوا بساعى بريدهم البرهان ليلتقى ببنى صهيون فى اوغندا تمهيداً للتطبيع مع دولتهم ، ولكن الكاتب غلبت عليه النزعه إلى التدليس والكذب والنفاق فى محاولة ساذجه لإيجاد اسباب وهميه تبرر الهزائم المتلاحقة للجناح العسكرى للكيزان بأفتعال نظرية المؤامره والعدو الخارجى ألذى يمد قوات الدعم بالسلاح وكأن ايران وتركيا وروسيا ومصر لا تدعم جيش سناء حمد بالسلاح . فى ردنا على ما كتبه هذا المهووس فى مقال سابق عن (الشفاعه) طلبنا منه ان يفيق من غيبوبته ويعود إلى الواقع ويكتب فى امر الدين ما هو فى علاقه مباشره مع ما نعيشه اليوم من مأسي فى السودان والوطن العربي، وأعتقد ان مقاله هذا فقط ليثبت للجميع انه ليس منفصلاً عن الواقع وأنه ليس مغيباً فجاءت محاولته هذه لتثبت عكس ما كان يرجوه، حيث أضاف إلى غيبوبته وانفصاله عن الواقع بعد آخر وهو انقياده الاعمى خلف البروباغاندا الكيزانيه وإلغائه لعقله تماماً فى ما ينقله عن اعلامهم كما ألغى عقله بالكليه وهو ينقل الاحاديث الموضوعه عن الرسول ( ص) فى كتب البخارى والتفاسير المغلوطه لايات القران الكريم فى كتب الطبري وبن كثير.

  5. اكثر ما يثير الأعصاب ويغلي الدم في العروق هي حكاية خلق عدو وهمي خارجي يتربص بالوطن فالسودان لا يسوي طنين بعوض في اذان الدول الكبري يا سيدي ،،انه رجل افريقيا المريض بلد يعيش تحت خط الفقر والجهل والمرض منذ تأسيسه مازال يستورد اعواد الثقاب ،،بلد تم تخريب ما تركه الانجليز ولا اقول المستعمر بأيدي أبنائه الفاشلين وثم نرمي اللوم علي الخارج!!!! كما قال بن خلدون ان الامم والشعوب تتاكل من الداخل بسبب الفساد وعدم تقبل الآخر وحب السلطة والتسلط ،، هذه حرب بين طرفين مجرمين تمردغوا في نعيم السلطة والمال والجاه والتسلط علي رقاب الآخرين بقوة السلاح واختلفوا فيما بينهم وهذه حقيقة لا تتناطح حولها عنزتان…..هل جاء هذا العدو الخارجي بقواته وانقلب علي حكومة انتقالبة؟ هل قامت الحرب بسبب رفض العدو الخارجي للاتفاق الاطاري؟ هل أشعل هذا العدو الوهمي حرب ١٥ ابريل؟ ارجوك لا تشتت إالافكار وتنشر شيء من الخيال هذا بلد فاشل بسبب أبنائه الفاشلين…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..