تفاءلوا بالسلام تحققوه
حسن عبد الرضي الشيخ
هناك أثر مشهور ومتداول بين الناس كدعوة للتفاؤل والإيجابية ، يقول : “تفاءلوا بالخير تجدوه”.
والتفاؤل بالخير من المبادئ المشروعة في الإسلام ، وله أصل في السنة النبوية. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان يحب الفأل الحسن. وبناء على ذلك القول المأثور جاء عنوان مقالي تفاؤلا بالدعوة للسلام والحكم الرشيد في سوريا وفي غيرها بعد كل هذا العنف والتطرف فيه..
وما اراه قد يكون ، في ظاهره ، مختلفاً عن ما يدور في اذهان الكثيرين الذين لا يثقون في دور الحركات الجهادية التي اسهمت في ازالة نظام الأسد المباد ولا يرجون منها خيرا ، ويخشون ان تجنح تلك الجماعات الاسلامية المتطرفة للتشدد والتزمت. وما يجول في خاطري قد يعكس تفاؤلاً كبيراً بإمكانية تطور الحركات الإسلامية في سوريا ، بل وفي غيرها من بلدان العالم ، نحو خطاب أكثر اعتدالاً وتسامحاً ، وهو احتمال يعتمد على عدة عوامل. فتاريخياً ، يظهر التطرف الديني غالباً كرد فعل على ظروف معينة ، مثل القمع السياسي أو الاحتلال أو الانقسامات الاجتماعية. ومع تغير تلك الظروف ، يمكن أن تتغير طبيعة الخطاب والحركات الإسلامية. وفي سوريا تحديداً ، يمكن أن تساهم العوامل التالية في تقليل التشدد والعودة للسلفية المتشددة:
١. التجربة المريرة مع الصراع : بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية ، قد يتجه الناس والحركات نحو تبني رؤى أكثر اعتدالاً لبناء السلام والمجتمع.
٢. الوعي الشعبي: التجارب السابقة مع الحركات المتشددة ، مثل داعش ، عززت وعي السوريين بمخاطر التطرف الديني.
٣. الدعم الإقليمي والدولي: الدول التي تدعم الفصائل الإسلامية قد تدفع باتجاه خطاب أكثر انسجاماً مع متطلبات العصر ، خاصة إذا كانت تسعى لدمج هذه الحركات في العملية السياسية.
٤. التغير الفكري الداخلي : بعض الحركات الإسلامية قد تعيد النظر في أيديولوجيتها لتكون أكثر قبولاً داخل المجتمع السوري المتنوع ، خاصة مع وجود أقليات دينية وطوائف مختلفة..
ثم اني لأرى ان هنالك عملا كبير ينتظر المنظرين في مجتمعات الشرق الاوسط والمثقفين والسياسيين والعلماء ان يقوموا به للتقليل من غلواء تلك الجماعات المتطرفة والمتشددة وهو ان يدركوا أن هناك عدة عوامل يمكن أن تسهم في دفع تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة والمتشددة إلى نبذ التطرف والتشدد والجنوح للسلم ، ومن أبرز هذه العوامل :
١. إعادة صياغة الخطاب الديني :
تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام والجهاد من خلال علماء الدين الموثوقين. ونشر الفكر الوسطي والمعتدل عبر المنابر الدينية ووسائل الإعلام.
٢. تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية :
معالجة الفقر والبطالة ، التي تعتبر من أهم الأسباب الجذرية للتطرف. وتوفير فرص التعليم والتوظيف ، خصوصًا في المناطق المهمشة.
٣. الحوار والمصالحة :
فتح قنوات للحوار بين الحكومات والجماعات المتطرفة لإيجاد حلول سلمية. تقديم ضمانات قانونية وأمنية للعناصر التي ترغب في التراجع عن الفكر المتطرف.
٤. برامج إعادة التأهيل :
إنشاء مراكز لإعادة تأهيل الأفراد الذين كانوا جزءًا من هذه الجماعات ، والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع. وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولعائلاتهم.
٥. تعزيز دور المؤسسات الدينية المعتدلة :
دعم المؤسسات التي تنشر الإسلام الوسطي وتواجه الفكر المتطرف بشكل علمي ومنهجي. تنظيم برامج توعية تستهدف الشباب تحديدًا.
٦. القضاء على مصادر التمويل :
قطع الإمدادات المالية عن الجماعات المتطرفة من خلال تتبع شبكات الدعم المالي ومحاربتها. وتعزيز الرقابة على الأنشطة المالية المشبوهة.
٧. الحلول السياسية :
إنهاء النزاعات والحروب التي تغذي التطرف وتستخدمها الجماعات المتشددة كذريعة لتجنيد الأفراد. ودعم الحكومات في توفير نظام حكم عادل وشامل يحترم الحقوق والحريات.
٨. استخدام وسائل الإعلام الحديثة والتكنولوجيا :
محاربة الخطاب المتطرف على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. ونشر المحتوى الإيجابي الذي يعزز قيم التسامح والتعايش السلمي.
٩. التعاون الدولي والإقليمي :
التنسيق بين الدول لمحاربة التطرف على مستوى عالمي ، مع احترام خصوصيات المجتمعات المختلفة. وتبادل الخبرات والبرامج الناجحة في مواجهة التطرف.
١٠. تعزيز العدالة الاجتماعية :
ضمان المساواة في الحقوق والفرص لجميع فئات المجتمع ، بما يمنع الشعور بالتهميش أو الظلم.