أصدقاء منفذ هجوم مانشستر يتحدثون عن الشاب الهادئ الذي أصبح “قاتلاً جماعياً”

قطعت أجهزة الأمن البريطانية الشك باليقين، وأقرت أن منفذ هجوم مانشستر آرينا الذي أردى 22 قتيلاً وخلَّف 59 جريحاً هو سلمان رمضان عابدي، البريطاني ذو الأصول الليبية.

وقالت أجهزة الأمن إن عابدي كان لم يكنْ متورطاً في أي تحقيقات جارية أو يُعَدَّ مبعثاً على خطورة كبيرة، بل كان يعد شخصاً هامشياً ذا خطورة منخفضة.

وكان أول من كشف الاسم مسؤولون أميركيون.

وتسعى بريطانيا لمعرفة ما إذا كان الجاني يعمل منفرداً أم أنه جزء من شبكة أوسع أمَّدته بالقنبلة لتنفيذ التفجير؛ فرغم أن تنظيم داعش الإرهابي تبنَّى مسؤولية الهجوم إلا أن الشرطة لم تجد أي دليل يدعم هذا الزعم.

ووقع الاعتداء الأسوأ الذي تشهده بريطانيا منذ 12 عاماً، الذي أسفر كذلك عن إصابة 59 شخصاً قرابة الساعة 22,30 (21,30) مساء الإثنين على أحد مداخل قاعة مانشستر آرينا التي تتسع لحوالي 21 ألف شخص في نهاية حفل لمغنية البوب الأميركية، وأثار الهلع بين الجمهور الذي شمل عدداً كبيراً من الشباب والأطفال.

وولد العبيدي بحسب صحيفة “تليغراف” البريطانية في مانشستر في عام 1994، كان والده من اللاجئين الليبيين الذين جاؤوا إلى المملكة المتحدة للهروب من نظام القذافي.

ماذا قال عنه أبناء جاليته؟

بينما بدأ الإعلام يتداول اسم الجاني كان أفراد الجالية الليبية المقيمة جنوب مانشستر يتساءلون، أحقاً هذا الانتحاري من بني جلدتهم أم غير ذلك، إذ لعله كان أحد الشبان الصغار الذين قاتلوا في ليبيا أثناء ثورة 2011 قبل أن يعود بعضهم أدراجه إلى وطنهم ?بريطانيا- مصدومين ملؤهم الغضب.

لكن يبدو أن أحداً من الجالية الليبية لم تخامره شكوك ولا شبهات في شأن عابدي، بريطاني المولد والنشأة وفق الغارديان فهو شاب متدين منطوٍ إلى حدٍّ ما، دائم التهذيب والتوقير لكبار السن، فلم يخمن أحد أنه قد يغدو في يوم من الأيام قاتلاً جماعياً.

وقد تحدثت الغارديان البريطانية إلى بعض أفراد الجالية الليبية في مانشستر، حيث قال أحدهم “سلمان؟ أنا مندهش من هذا، فقد كان مثال الولد الهادئ، شديد التهذيب معي دائماً. أخوه إسماعيل أكثر معشراً واجتماعية منه، أما سلمان فكان شديد الهدوء؛ كم هو بعيدٌ عن احتمال ارتكاب هذا الفعل”.

وكان سلمان وأخوه إسماعيل يتعبدان في مسجد ديدزبوري، حيث الكل يعرف أباهما المكنى بـ”أبي إسماعيل” معرفة جيدة، “فقد كان (أبوهما) يؤدي الصلوات الخمس ويرفع الأذان، وكان صوته رخيماً عذباً، كما أن ولديه حفظا القرآن الكريم عن ظهر قلب” حسبما روى المتحدث للغارديان.

ويتابع: “سوف يحزن أبو إسماعيل ويأسى كثيراً، فقد كان على الدوام يقف ضد الفكر الجهادي، وتلك المسماة “داعش” ليست جهاداً حتى، بل أعمالها إجرامية. سوف يُقصم ظهر العائلة بهذا”.

أما أبو اسماعيل عابدي، الذي عمل في حرف يدوية متعددة بمانشستر، فيُعتقد أنه الآن في طرابلس الغرب، في حين أن زوجته سامية يُظن أنها في مانشستر. ولدى العائلة حسب الاعتقاد السائد ابن آخر اسمه هاشم وابنة تدعى جمانة.

وقال صديق العائلة في حديثه للغارديان “يتردد أبو إسماعيل بين هنا وهناك جيئة وذهاباً. لا أستطيع التصديق أن سلمان عابدي تطرّف في طرابلس، فجميع تلك الأشكال (من المتطرفين الصغار) أُخرِجوا خارج المدينة. إذاً لا بد أن ذلك (أي تحوله إلى التطرف) حصل هنا”.

ثم يتابع: “ولكن ما الذي دهاه حتى يقتل كل هؤلاء البشر؟ لا بد أن أحداً كان يمارس تأثيراً عليه. هذا فظيع. لم يكن في وعيه”.

لكن آخرين من الجالية الليبية وفق الصحيفة كانت لهم رواية مختلفة فيما يتذكرونه عن سلمان. أحدهم، وهو من كبار المصلين في مسجد ومركز ديدزبوري الإسلامي، يدعى محمد سعيد، قال إن سلمان عابدي نظر إليه ذات مرة بنظرة “فيها كراهية”، بعدما ألقى سعيد خطبة انتقد فيها تنظيمي داعش وأنصار الشريعة في ليبيا.

يتابع سعيد: “بعد تلك الخطبة لَـقِـيَني سلمان بوجهٍ من الكراهية، لقد كان يبدي لي الكراهية”.

وسعيد من مواليد ليبيا، جاء إلى المملكة المتحدة عام 1980، وقال إنه قلق من وصمه بـ”الواشي”، لكنه قال “عليّ رفع صوتي كي أحمي جاليتنا وأحمي الأبرياء”.

وقال إن مسجد ديدزبوري هو مكان متواضع يؤمه المسلمون من شبه الجزيرة العربية وإفريقيا وآسيا وأوروبا؛ كما يأتيه أيضاً مسلمون جدد لاعتناق الإسلام ويقيم كل أسبوع يوماً مفتوحاً لغير المسلمين الذين يأتون لمعرفة المزيد عن المسجد.

ولكن كانت هنالك مشكلات أخرى وسط الجالية الليبية بمانشستر.

فقد حُكِم على أحد أفرادها، عبدالرؤوف عبدالله (24 عاماً) بالسجن 9.5 سنة العام الماضي، لإدانته بتمويل الإرهاب والتحضير لأعمال إرهابية، فقد كان عبدالله سَاعَدَ عدداً من الرجال على السفر إلى سوريا بغية القتال في حربها “الأهلية”، على حد قول الغارديان، ولم يكن بوسعه السفر هناك شخصياً، لأنه مشلول الحركة من خاصرته حتى قدميه، نظراً لإصابته في الثورة الليبية.

صديق العائلة قال أيضاً إن عابدي وعبدالله كانا يعرفان بعضهما البعض “فكل الشباب الليبيين في مانشستر يعرفون بعضهم البعض”. ولهذا فإن هذه العلاقة سوف تخضع من جديد لرقابة الشرطة وجهاز المخابرات البريطانية MI5.

داهم عناصر الأمن وفتشوا منزل أخيه إسماعيل الواقع في منطقة تشورلتون جنوب مانشستر واعتقلوا رجلاً في الـ23 من العمر على مقربة من عنوان كانت العائلة قد اتخذته سكناً في السابق، ما أثار التكهنات بأن المعتقل قد يكون هو إسماعيل عابدي شقيق منفذ هجوم آرينا.

بعض الجيران في شارع إلسمور أشاروا وفق الغارديان إلى أن عابدي لم يكن دوماً بالهادئ المهذب؛ أحدهم قال إنه حينما تكلم معه (أي عابدي) بشأن أنه يركن سيارته بشكل يعيق خروج سيارات الآخرين من مرآبها “كان كل ما حصلت عليه منه هو هذا” ورفع إصبعه الوسطى.

كذلك ثمة أقاويل بأن عابدي دأب في الأسابيع الأخيرة على ترتيل الآيات القرآنية بصوت مرتفع في الشارع.

أما أحد أصدقاء عابدي القدامى من أيام مقاعد المدرسة فقيل على لسانه إن آخر مرة التقى فيها عابدي كان هذا الأخير مشجعاً لفريق مانشستر يونايتد، وقلما خاض في موضوع دينه، وختم قائلاً: “لطالما كان لديه في أسلوبه خطبٌ ما. لست أستطيع القول إني كنت أحب الرجل”.

هاف بوست عربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..