أخبار السودان

المؤشرات والإستثمار

زهير السراج

* متى نترك الأنانية وإقصاء الآخرين واحتكار السلطة والثروة وسفك الدم السوداني الذي ظل ينزف منذ إستقلالنا وحتى اليوم، ونتجه لتنمية بلادنا وحل المشاكل التى تقف عائقا دون تعاوننا مع بقية دول العالم، في وقت لم يعد فيه أحد قادرا على العيش معزولا عن الآخرين؟!
* ربما كان هذا ممكنا في زمان بعيد كانت فيه الموارد تكفى لحاجة سكان العالم، ولم تكن وسائل المواصلات والاتصال تتيح الانفتاح على العالم كما يحدث الآن، ولكن لم يعد ذلك ممكنا اليوم مع الانفجار السكاني الرهيب وشح الموارد وتقدم المواصلات والاتصال بما يحتم عليك التعاون مع الآخرين بتوازن دقيق إذا أردت البقاء والتقدم، أو الإضطرار الى الانزواء في خانة العداوة والاستقطاب الحاد الذي يجعلك تابعاً ذليلاً لمن يوفر لك العون المشروط والحماية، ويستنزف مواردك في المقابل بأرخص الأثمان، ولقد عشنا الكثير من التجارب المؤلمة التي أتاحت مواردنا للغير بسعر التراب مقابل توفير الدعم الدولي أو معاول الهدم، وما زلنا للأسف نتعامل بنفس النهج العقيم الذي يجعلنا عرضة للإبتزاز، ويبقينا في أسفل قوائم المؤشرات العالمية!!
* لا يدرك الكثيرون أهمية الوسائل العلمية الحديثة التي تعتمد عليها الدول والمؤسسات العالمية الكبرى والشركات متعددة الجنسيات، بل حتى الأفراد العاديين في تقييم أوضاع الدول والشعوب، واتخاذ القرار المناسب بالتعاون معها أم لا، ومن أهم هذه الوسائل المؤشرات العالمية التي تصدر عن بعض المؤسسات العلمية والبحثية نتيجة دراسات وبحوث ومعلومات يتم تحليلها بشكل دقيق ونشر تقاريرها في الصحف والمواقع المختلفة، أو إتاحتها لمن يرغب بتفاصيل أكثر دقة بعد دفع الثمن، وهى تشبه في ذلك دراسة الجدوى، فلا يمكن لأحد (مستثمر أو سائح عادي) أن يستثمر نقوده في مكان، أو يسافر الى مكان بدون ان تتوفر له المعلومات الصحيحة عنه، التى تُعتبر المؤشرات العالمية للمؤسسات العلمية والبحثية أهم الوسائل للحصول عليها!!
* ظللنا نسمع أو نقرأ من حين لآخر عن مؤشر الفساد، مؤشر الشفافية، مؤشر الرفاهية ..إلخ، بدون أن يتبين لكثيرين منا اهميتها في إتخاذ الآخرين للقرار حيال التعامل معنا، بل ظل بعضنا يستهين بها، أو يشكك فى مصداقيتها، مما جعلنا نستمر في انتهاج نفس السياسات المعيبة التي وضعتنا فى أسفل قوائم المؤشرات العالمية، وازدياد عزلتنا أو سرقتنا، بينما تعير الدول الواعية أهمية قصوى لهذه المؤشرات وتعتمد عليها في تصحيح سياساتها ومناهجها وأخطائها، حتى ترتقي الى مراتب أعلى تغري الآخرين بالتعامل معها!!
* قبل أسابيع قليلة أصدرت (مؤسسة هينلي وشركاه) البريطانية المعنية بشؤون الهجرة والجوازات ترتيباً حديثاً بأفضل وأسوأ الجنسيات، وأفضل وأسوأ المناطق للعيش في العالم من بين 161 دولة، آخذةً في الاعتبار قوة الاقتصاد ومستوى المعيشة ومعايير الصحة والتعليم والإستقرار والأمن، بالإضافة الى سفر المواطنين الى الدول المختلفة بدون الحاجة الى تأشيرة دخول، وسهولة الحصول على عمل بالخارج، ولقد جاءت ألمانيا في المرتبة الأولى، وتلتها الدنمارك وفنلندا والنرويج ..إلخ، بينما قبع السودان في آخر القائمة (157 من 161 ) أو (خامس الطيش)، بعد سوريا والعراق اللتين تفرمهما الحرب!!
* بالله عليكم هل يمكن لدولة أو مستثمر أو شركة أو حتى سائح عادي، أن يفكر فى التعامل مع دولة ظلت تحتل المراتب الأخيرة فى كل المؤشرات العالمية
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..