في يوم النحر..أمنيات من واقع التجربة في سعر الأضحية خاصة

بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ بإزجاء أسمى آيات التهنئة والتبريكات لكل الشعب السوداني بحلول عيد الأضحى المبارك..مع أطيب التمنيات بسودان يعمه السلام وتحفه العدالة وتزينه تباشير الرخاء..وبعد أطرح أمنيتين من واقع تجربتين عشتهما ..أولاها في العام الماضي..وكنت ضمن الحجيج وزوجتي المصون..حيث عشنا لحظات عصيبة بعد أن فقدنا الاتصال بها يوم عرفة..ولم أكن أدري أن هذا القدر الصعب قد أنقذنا به الله مما هو أصعب..فللبحث عنها تخلف معي شباب من حجاح فوجنا عن المجموعة ..فأصبحنا بالتالي خارج أمر التجارب التي مرت على حجاج العام السابق..وهي ما سميت بحادثة التدافع في مشعر منى..ففوجنا قد كان في عمقها واحتسبنا أربعة من الحجاج..وعاش الفوج بعدها ظروفاً عصيبة حتى نهاية موسم الحج والعودة بدونهم نستمطر عليهم في يوم ذكراهم هذا رحمات السماء ولذويهم الصبر الجميل على تجاوز هذا اليوم دون أن يثقل عليهم..واتمنى أن يمر حج هذا العام بسلام..دون خطأ إداري يزهق عشرة آلاف روح من الحجاج..مع العمل البين والتوقيع عند استلام الجثمان على الإقرار بعدم مسئولية المملكة من الحادث ..واعتبار الخطأ من المراحيم بفعل التدافع..وحتى الآن لم يصدر تقرير رسمي سعودي عن العدد الحقيقي للضحايا والأسباب الحقيقة ومستوى الإخفاق الإداري..نتمنى أن يمر حج هذا العام بلا حوداث.
الأمنية الثانية فمن واقع تجربتي كبائع في سوق الأضحية هذا العام..فقد خضت التجربة للمرة الأولى في حياتي في البيع المباشر للمشترين بدلاً من السماسرة والتجار..وشهدت الدور السالب للإعلام أولاً والدولة من جهة ثانية..أما الإعلام فيبدأ بالترويج لأمنيات لتجار جشعين ..بتقارير عن أسعار خرافية في انتظار المشترين تصل إلى الأربعة ملايين من الجنيهات..وهو ترويع للأسر التي لا تعرف بيوتهم ذبيحة طوال العام غير عيد الأضحية..والتكلفة في الواقع أقل من منصرفات عيد الفطر..حيث لبسات الأطفال واسعارها الخرافية التي تدفعها الأسر صاغرة..وهي اهتمام الأطفال الأساسي..بوجود الخروف واللعب معه والتفاخر الطفولي بين بعضهم..والفرق في دفعها لشخص واحد دفعة واحدة..فرحمة بالإنسان المغلوب على أمره 1اعزاءنا في الإعلام..وأتمنى أن تكتبوا تقارير بالأسعار الفعلية بعد العيد..أما الأرقام الخرافية..فسينفقها من يملكون المال تفاخراً مقيتا..فلا بكاء لقلم عليهم..
أما الدولة ..فأمرها يفقع مرارة أشد الناس برودة وأخفهم ردة فعل..فكيف تمول الأضاحي عبر الجهاز المصرفي بمليارات الجنيهات..تجاراً ونقابات ..لتصل الى يد العاملين بأسعار خرافية لا يشعرون بها لدفعها بالأقساط تتحملها رواتبهم لمدة عشرة أشهر..فإذا كان بنك أمدرمان الوطني قد مول النقابات بخمسة وسبعين ملياراً..فاذا عن بقية البنوك..والواقع أن أي تمويل يدفع لتاجر عبر المموَل كآمر بالشراء..فالنقابات لا تشتري ولكن تدفع الأموال للتجار من المصارف باسمهم..فكم تبلغ أرباح هؤلاء التجار ؟ والواقع أن ارتفاع أسعار الأضاحي في العام السابق قد أغرى الكثيرين بالدخول برساميل كبيرة من الجهاز المصرفي للدولة ..ولكن النتائج أتت عكسية..في دولة لا تعتد بالدراسة..ولا أستبعد حالات إعسار لكبار التجار ..كونها لا تباع كلها..وتراجع أسعارها الكبير عما كانت تقول به التقارير الصحفية..بل والربح لمجرد الربح المعقول إذا تحدثنا عن نسبة 10% من جملة التكلفة فقط..في تجارة تهددها مخاطر النفوق والمرض وغيره..ولأنني دخلت السوق بعدد محدود..لا يتجاوز الخمسة عشرة من الرؤوس ..لكنها كانت كافية لمعرفة مدى معاناة الناس..وكم سعدت وأبنائي معي بقرارنا بالأكتفاء في العيد بالحفاظ على رأس المال فقط وأقل قليلاً..واعتبار أضحيتنا هي الربح الوحيد..فما أن بدأت البيع ..حتى نفد ما دخلت به السوق ومن حولي يتعجبون..حتى عندما تبقى إثنان فقط..وجدت أن ابني في غيابي لدقائق قد باع الباقي للتاجر المجاور بسعر التكلفة ربما للتخلص من هذا المتداخل الثقيل..ولكن الساعتان اللتان وقفت فيهما..أظهرتا مدى خيبة أمل الملاك العاديين..فقد راحوا ضحية لكبار التجار..وكذلك صغار المستثمرين الذين أقسموا أن لا يكرروا التجربة في العيد والاقتصار على سوق الصادر تاجراً يقابل تاجراً آخر.
صفوة القول أن تدخل الدولة بتحديد السعر وطريقة البيع بالكيلو وغيرها ..لا تعتبر تعاملاً حصيفاً..ولكن الأهم اتباع خطوات علمية..في خطوات هي :
? دراسة حجم الاستهلاك في هذا العام ووضع نسبة مئوية للزيادة المتوقعة
? دراسة موسعة لأسعار الحملان والخراف قبل أربعة أشهر على الأقل
? حساب تكلفة الأعلاف المختلفة عبر دراسة دقيقة لأسواقها وأسعارها وحجم استهلاكها وتكاليف ترحيلها لإضافتها إلى تكلفة الشراء مع أخذ نسب النفوق والمرض في حدود معقولة في الحسبان
? توفير الدراسة للجهاز المصرفي وتحديد التمويل وأعدادها في دراسات الجدوى وعدم قبول دراسات جدوى تخالف الواقع
? إعلان متوسط الأسعار المتوقعة قبل وقت كاف حتى لا يدخل التجار الرعب في نفوس المستهلكين وتحقيق أرباح خرافية بنسبة أرباح تتراوح بين 15 %إلى 20% لا تتجاوزها..
يكون من المأمول أن تؤدي هذه الخطوات إلى تحديد أسعار واقعية وتدخل علمي للدولة وكل عام والسودان وشعبه بألف خير
[email][email protected][/email]