مقالات وآراء

خطبة الجمعة

ساخر سبيل ـ الفاتح جبرا

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.|

أَمَّا بَعْدُ:
يقول الله تعالى في سورة الرعد : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) هذه الآية -أيها المسلمون -معادلة ثابتة مفادها أن الله لن يغير حال قوم من وضع صعب ضنك (زي وضعنا ده ) الى وضع مُرْضٍ مريح إلا إذا غيّر هؤلاء القوم ما في قلوبهم، فإذا وجهوا قلوبهم إلى مولاهم وامتثلوا أوامره وابتعدوا عن نواهيه غيّر الله حالهم إلى أحسن حال، وإذا (استمروا في البعملو فيهو) غيّر الله حالهم إلى أسوأ حال؛ يقول سبحانه (فإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) هذا القانون الإلهي -عباد الله- يعلمنا أننا لكي ننعم بحياة آمنة مرضية يأتينا رزقنا رغدًا، فإننا لا بد أن نتفقد قلوبنا، ونتفقد علاقتنا بالله عز وجل وعبثًا نحاول أن نصلح أحوالنا إذا نسينا هذا القانون الإلهي أو تجاهلناه، فسنن الله سبحانه لا تتغير ولا تتبدل، (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)

ايها الاحبة :
كثيرًا ما يتذمر الناس من ضيق الرزق ومن الخطوب والازمات كما هو واقع الحال اليوم ولكنهم قليلاً ما يسألون أنفسهم أو يسائلونها: ما حالها مع خالقها ومع بارئها؟! (العلاقة كيف) وهل انقادت له حتى تنقاد لها الأسباب؟! هل فارقت أهواءها وشهواتها؟! هل نظرت إلى الدنيا نظر من علم حقيقتها وعلم أنها ار فناء سيفارقها إلى لقاء مولاه وخالقه سبحانه؟! هل سعت إلى إصلاح حالها كي تنصلح أحوالها؟! يقول -صلى الله عليه وسلم-: “من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له”. أخرجه الترمذي عن أنس.

اعلموا ايها الناس إن الله إذا غيّر حال الناس من الشر إلى الخير فبشيء فعلوه، وإذا غيّر حالهم من الخير إلى الشر فبشيء فعلوه، يقول سبحانه (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
إخوة الإيمان :
ما بالنا نتخبط ونتوه عن آيات هذا الكتاب الذي ينير لنا الطريق ويعطينا الدواء الشافي لكل داء يلم بنا؟ ِ(انَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)
إن الله سبحانه يغير حال الفقر إلى حال الغنى، وييسر الأرزاق إذا غيّر الناس ما بأنفسهم، فوثقوا فيما عند الله، وابتعدوا عن الحرام، وسعوا إلى طلب الحلال، يرزقهم إذا حققوا التقوى والتوكل، فهو القائل(وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)

لا يمكن طلب الرزق دون توكل على الله ويقين كامل بأن المخلوقين مهما عظموا لا يملكون من رزق العبد شيئًا، فإذا غاب التوكل اختلطت الأمور وساء الحال، يقول -صلى الله عليه وسلم-: “لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا”. أخرجه ابن ماجه عن عمر -رضي الله عنه-

إن الله يرزق عباده ويزيدهم من فضله إذا هم شكروه على نعمه وبذلوا منها في سبيله، يقول سبحانه (واِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ، يأتي الرزق الطيب ويتيسر -عباد الله- بقدر الرجوع إلى الله، وبقدر خشيته، أما إذا خبثت النفوس وابتعد الناس عن جادة الحق فإن الأرزاق تتعسر وتصعب، يقول سبحانه (والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ).

نسال الله جل وعلا ان يَهديَنا والمسلمين أجمعين إلى ما فيه خَيْرُنا وخيْرُ أُمَّتِنَا وأن يُحسِنَ خِتامَنا. وصلى الله وسلم على نبينا مُحمَّدٍ وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين ، أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
الجريدة

‫4 تعليقات

  1. علاقة البشر بخالقها يا جهلول والكلام دا زمن الكيزان ما اتذكرته لبه امرقو لمن الناس مرقت بالعادم اسع كدی قارن بس يا غبی بين قبل سنتين واسع لكن الله فی يا عجوز با هكر قال خطبة الجمعة قال وانا ما كوز شان ما تضيع زمنك

    1. ممكن تكون ما كوز لكن قليل أدب ومخالف لسنة المصطفى ﷺ وليس من أمته لقوله ﷺ “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا”

    2. الأخوه الساده عثمان و إسماعيل حسين صاحب التعليق أدناه،
      بعد التحية والسلام،
      و بعد إذنكم على المداخله، حابي أوضح معلومه هنا، يبدو من تعليقاتكم أنكم حديثي العهد بكتابات و مقالات السيد الفاتح جبرا وفكره، فهو من الكتاب القلائل الذين حملوا سلاح القلم في وجه النظام البائد سيئ الذكر من سنين طويله قبل إنتفاضتنا المجيده ولا زال، لا يخاف في قول الحق لومة لآئم. هو رقم لا يمكن تجاوزه في ثورة التغيير و التصحيح، له التحية والتجله والإجلال.
      يا ريت لو ترجعو لإرشيف السيد جبرا للتعرف على فكره أكثر من كتاباته.
      ربنا يصلح حالنا و بلدنا.
      و لكم كل الود

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..