الخارطة السياسية تتغير باتجاه إختفاء الأحزاب التقليدية…

هنالك خارطة سياسية جديدة تتشكل، وأبرز عناصر تضاريسها هي الاختفاء التدريجي للأحزاب التقليدية وأحزاب مرحلة الإستقلال من المسرح السياسي، ويأتي هذا استجابة طبيعية وعلمية وعملية ايضا لحركة التطور، إذ يجرف سيل العصر وما يجره معه التطور من لا يتقن فن السباحة في فهم طبيعة المشكلات والاتيان بحلول علمية تلامس هموم المواطن وليس مصالح طبقه القيادات السياسية والعشائريه.
في الدول التي نجحت فيها بعض الأنظمة في تحقيق قدر من التنمية والتقدم وبالأخص في المجال الصناعي والقضاء النسبي علي عناصر الجهل والتخلف، أدي ذلك لتجاوز الأحزاب الرجعية، ونلاحظ ذلك في الشام ومصر وبعض دول إفريقيا.
في السودان نجد أن العجز والفشل المتراكم حافظا علي الجهل والأمية والتخلف والذي بدوره ساعد في استدامة وجود القوي التقليدية في المشهد السياسي بثقل كبير حتي نهاية الثمانيات من القرن الماضي .

ان الانقلاب العسكري الذي قاده تيار الإسلام السياسي، الوريث الشرعي لقوي الرجعية والتخلف، أحدث بعد ربع قرن من الحكم الديكتاتوري، ضمن عوامل أخرى أهمها سنة التغيير والتطور، تغييرات كبيره في الخارطة السياسية بمنهج الاستهداف العنيف للبنية التنظيمية للأحزاب لتقسيمها بالمال والسلطة والتخريب الممنهج واللااخلاقي الذي شطر وفتت جميع الأحزاب الي مجموعات كثيره استقوت بها السلطة ومدت من سنوات عمرها العجاف في الحكم.
التأثير الأكبر والعميق كان في الأحزاب التقليدية والتي شهدت خلال فترة الثمانينيات وفي الديمقراطيه الثالثة تحديدا، تململ الكثير من عضويتها من الهيمنة الأسرية والطائفية لعجز قيادتها في انجاز طموحات الجماهير والتراجع المستمر عن مطالب الشارع.
وفيما شهد العالم والمنطقه العربيه منذ تسعينيات القرن الماضي تبدلات وتحولات كبيرة وعميقة، برزت في أطراف السودان حركات مسلحة لها تأثير كبير وواضح في رسم مستقبل السودان.
وبينما ظهرت في دول الربيع العربي تيارات شبابيه سياسية تقدمية كان لها تأثيرها الواضح في بث الوعي وتحريك الشارع وتنظيم قواه في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية مستخدمة ومستثمره أدوات التواصل في النضال والتعبئة، تأخر السودان عن ذلك مع أنه سبق الربيع العربي بربيعين (أكتوبر 64 ومارس أبريل 85). وغني عن القول ان القيمه الحقيقية لذلك تكمن في أن الحالة الثورية المتأصلة في الشعب السوداني سابقه ومتقدمه علي الثورات التي حدثت في دول الربيع العربي والتي من أبرز نتائجها تجاوز الجماهير للأحزاب القديمة بلغه الشارع.
ونخلص من ذلك بان السودان موعود ببروز تيارات سياسية جديدة، والعبره من ذلك هي إن الأحزاب التقليدية ضمرت لعوامل عدة ولن يكون لها وجود مؤثر في المسرح السياسي. ويعود استمرارها في المسرح السياسي وهي تلفظ أنفاسها الاخيرة، الي عدم التناقض الطبقي مع الانظمه الديكتاتورية وبالتالي مشاركتها في جميع الأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي حكمت البلاد يضاف إليه الولاء العقدي الطائفي والذي ينتفي بالتعليم وزيادة الوعي وقد أدت سياسات الإنقاذ التشطيريه لتلك الأحزاب وقبلها الاستهداف الاقتصادي لركائزها وأنشطتها الاقتصاديه والرأسمالية الي أبعادها وغيرها من القوي الرأسمالية التي كانت تمولها من دائرة النشاط الاقتصادي ضمن سياسة التمكين التي اتبعتها الانقاذ.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..