مقالات سياسية

لا يا زهير السراج، نرجوك ألا تُشرّح (الجثة) و هي ما زالت (تفرفر)

علي العبيد

لا أدري كيف قضى الدكتور زهير السراج صاحب عمود مناظير بصحيفة الجريدة ليلته و هو يرى الملايين التي خرجت بعفوية و بمبادرة شعبية و هي فرِحة بالسلام؟

في ظني أن هنالك إحتمالان:

الأول أنه قد نام غرير العين و آخر (ألسطا) لأنه قد أثبت (لنفسه) أنه هو الوحيد الذي وهبه الله عقلاً و أن كل تلك الملايين التي ملأت ساحة الحرية سُذّج و مغفلين و مهابيل.

و أن تلك الأغاني و الرقصات و الفرح الذي رأيناه في الجنينة و الفاشر و الدمازين و الروصيرص لا تعبر إلا عن نشوة مساطيل لا يعلمون ما يفعلون.

الثاني أنه قد نام مكتئباً عندما رأى الفرحة في عيون الجميع الذين عرف  أن لهم عقول مثلما له، أولئك الذين أياديهم في الماء الساخن و تحت أرجلهم الجمر… و أظن أن تلك الكآبة قد زادها اللقاء بين القائدين دقلو و الحلو.

و لنعمل (فلاش باك) لمواقف دكتور زهير من كل شيئ تقوم به الدولة، أذكركم بأن عنوان مقاله يوم توقيع إتفاقية السلام بالأحرف الأولى كان: (هذا يوم أسود في تاريخ السودان)، العنوان الذي يليه (الإتفاق العبثي)، و الذي يليه (إبك يا أم الشهيد) ثم بدأ في ما أسماه (تشريح الإتفاق).

أما عناوين مقالاته عن المؤتمر الإقتصادي فكانت: (المؤتمر الإنصرافي)، ثم (كفاية عبثاً) ثم (وليمة لفئران السودان)….

وقد بدأ تشريحه لإتفاق السلام  بما يلي:

(بالله عليكم، بماذا يمكن وصف هذا الاتفاق .. 50 % من السلطة في دارفور لعناصر الجبهة الثورية، و20 % فقط لكل أهل دارفور الذين يقدر عددهم بحوالي 8 مليون. أهل دارفور الذين عانوا ويلات الحرب وفقدوا قراهم ومزارعهم وأموالهم وتشردوا في معسكرات النزوح واللجوء لهم فقط 20 % من السلطة، بينما لعناصر الكفاح المسلح (50 %) .. ويسمون هذا اتفاق سلام). 

و لي أن أسأل هل الدكتور يتكلم عن (سُلْطة) أم (سَلَطة)؟

ولي أن أسأل ما هو الفرق بين (عناصر الجبهة الثورية) الذين لهم 50% من السلطة و (أهل دارفور) الذين لهم 20%؟ وهل ما أُعطي لعناصر الجبهة الثورية سيذهب لمناوي أو جبريل إبراهيم شخصياً و يصبح ملكاً خاصاً لهم و لذرياتهم من بعدهم، و يأكلون (سَلَطتهم) البالغة 50%، ويأكل أهل دارفور بقية (السَّلَطة) التي نسبتها 20%؟ أم أن ما يذهب لجبريل و مناوي هو أصلاً من نصيب دارفور؟

ولكي يسد الطريق على من ينتقده و يخالفه في الرأي، يُذكرنا دكتور زهير بمناسبة و بدون مناسبة بأنه قد عانى ما عانى أيام الإنقاذ و أنه قد زار دارفور و يعرفها أكثر من غيره و على الناس ألا يزايدوا عليه…. يعني (و لا كلمة) كما يتردد في المسلسلات المصرية.. و كأننا قد إستبدلنا ديكتاتور واحد  بألف ديكتاتور.

و لنا أن نسأل من الذي يزايد يا دكتور على الآخر؟ و هل أنت وحدك من عانى في عهد الإنقاذ؟ أم هنالك الملايين الذين عانوا أضعاف ما عانيت؟ و هل من اللائق أن تمتن على الناس بأنك سبق أن زرت دارفور و كأنها إقليم (ناقورنو كاراباخ) و ليست أرضك و أرض أهلك؟

و من غرائب ما أتى به دكتور زهير قوله أن الغرض من تمديد الفترة الإنتقالية هو إستمرار هيمنة الجيش و حركات الكفاح المسلح على البلد (لنهبها لأطول فترة ممكنة)، و تناسى أن هنالك مجموعات سياسية عديدة  حتى داخل قحت كانت تطالب بتمديد الفترة الإنتقالية، و لكن ليس ليتمكن العسكر من نهب البلاد و لكن لتكون هنالك فرصة لتكوين أحزاب جديدة عمادها الشباب الذين صنعوا الثورة و لكي تتمكن الأحزاب القديمة أن تعيد ترميم نفسها، و أن يكون هنالك وقت كافي لإجراء تعداد سكاني يتم بموجبه توزيع الدوائر الإنتخابية.

الشعب مبتهج و سعيد و فرحان، ولكن هنالك من يستكثر عليه ذلك، النساء في المخيمات و القرى و معسكرات اللجوء فرحات بقرب عودتهن لديارهن و زراعتهن وحيواناتهن، ولكن هنالك من يحاول قتل فرحتهن،  ونقول و الله لو أوقف هذا الإتفاق جريمة قتل واحدة أو أنقذ إمرأة واحدة من الإغتصاب أو طفلاً واحداً من الذبح أو عالج جريحاً واحداً أو فتح مدرسة واحدة أو أقام شفخانة واحدة… لقلنا مرحباً به، و قريباً سنرى القادة الحلو و عبد الواحد في الخرطوم، و سنرى ما سيقوله الذين لا يرحمون و لا يريدون رحمة الله أن تنزل على عباده الضعفاء الجوعى المرضى المشردين، و نرجو يا دكتور أن تساعدنا بالسكات…. و أن تدع الحزانى يفرحون، و اليائسين يأملون و المهمومين يتعشمون، أسكت قليلاً يا دكتور، ليس لخاطر من يقرأون و يكتبون و ينتقدون أو يؤيدون، ولكن من أجل من عاتب ود بادي محمد سالم حميد على تركه لهم، نرجوك (أرضاً قلم يا دكتور زهير) من أجل:

أولاد الشمش ال لا ابن عم لا خال…. ملح الأرض العُدّام رُهاف الحال

والمتعففين بالمافي داخرين العفاف راسمال.. الطاويين على فد لقمة (كمت) أيام..

ودعنا نغني مع فاروق جويدة: 

وغداً ستنبت في جبين الأفق نجمات جديدة

وغداً ستورق في ليالي الحزن أيام سعيدة

علي العبيد
[email protected].

‫5 تعليقات

  1. ((أم أن ما يذهب لجبريل و مناوي هو أصلاً من نصيب دارفور؟)) ؟؟ شفت لماذا يتساءل الدكتور زهير وكل عاقل؟ وهل تفسيرك هذا يوافقك عليه حبريل نفسه ولا مناوي؟ كيف يقسِّمان نسبة ال 40% بين الحركات؟ هل بالتساوي أم كيف؟
    ((تمديد الفترة الإنتقالية، و لكن ليس ليتمكن العسكر من نهب البلاد و لكن لتكون هنالك فرصة لتكوين أحزاب جديدة عمادها الشباب الذين صنعوا الثورة و لكي تتمكن الأحزاب القديمة أن تعيد ترميم نفسها، و أن يكون هنالك وقت كافي لإجراء تعداد سكاني يتم بموجبه توزيع الدوائر الإنتخابية.)) ؟؟!! وهذا التفسير أو التبرير هل هو اجتهاد منك أم منصوص عليه؟ ومن أدراك بأن شباب الثورة يرغبون في تكوين أحزاب أو يوافقون على النظام السياسي الحزبي أصلاً؟
    أما سؤال الدكتور زهير مَن يحدد مَن هم أبناء دارفور، نقول طبعاً الذين أعطوا أنفسهم الحق في وضع هذه الشروط فات عليهم وضع التعريف اللازم لها لأنهم مستعجلون للوصول للمناصب والانشغال بالتعريفات يعطلهم بالإضافة إلى ما ذكرت في مقالك من أنهم أصلاً عاملين النسب دي لإيهام سكان دارفور بأن الاتفاق لمصلحتهم. فاذا المعيار بالقبيلة فهل الزغاوة والرزيقات مثلاً كلهم أبناء دارفور واذا بالميلاد فإن بدارفور ولد أبناء معظم قبائل الشمال والشرق والجنوب والوسط كما أن أبناء معظم قبائل دارفور مولودون في أجزاء من السودان خارج دارفور! هذه ليست اتفاقية بل مجرد خطرفات وخرمجات رعاع من الجانبين، توافق شنٌ بطبقهما! وهل يطلع بيد حميدتي مع شوية متمردين سابقين طامعين أن يصنع اتفاقية سلام حقيقية إلا كما صنع الوثيقة الدستورية مع زلنطحية العروبويين؟! لقد اشتغلوا وهمة حميدتي والبرهان بأنهما قد ورثا النظام السابق وأن هؤلاء كانوا معارضيه ويجب تسوية الأمر معهم ونسي الغبيان أن موازين القوى قد تغيرت وانقلبت رأساً على عفب بثورة الشباب من أبناء الشعب وأنهما (حميدتي والبرهان) بانحيازهما لثورة الشعب، إن كانا حقاً صادقين، لا حاجة لهما ولا خوف على نفسيهما من غُرمائهما السابقين أعداء النظام السابق الذي كانا في خدمته ضد أعدائه! كيف لم يفهما أن النظام الجديد هو نظام القوى المدنية وأن هؤلاء المتمردين السابقين مكانهم مع هذه القوى المدنية التي تحالفا (حميدتي والبرهان) معها وانحازا لها كما يقولان، إن كانا صادقين مع نفسيهما، وبالتالي وبعد الثورة، فلا علاقة مباشرة ولا عداوات سابقة بينهما وبين المتمردين السابقين على النظام السابق! إذ كيف يخشيان من التمرد وهما في تحالف مع ثورة شعبية وجزءٌ منها أو وهُم (المتمردون السابقون) كانوا معارضين لنظام سابق وآخر قد ذهبت ريحه؟! اللهم إلا إذا كانا (حميدتي والبرهان) غير معترفين بالمدنية في قرارة نفسيهما أو يعتقدان بأنهما هما اللذان يقودانها (كوريثين للنظام السابق) وبالتالي عليهما تسوية الأمور بينهما وبين أعداء الأمس حتى ينعمان بتركة الحكم.
    أو ومع إضطرارهما الاعتراف بالمدنية، لذلك يريدان تقوية موقفهما أمام شروط المدنية (مدة رئاسة السيادي وصلاحيته) ومن ثم أرادا التحالف مع قوى التمرد السابق لابتزاز المدنية للحصول على امتيازات أكثر مما حصلا عليه من المدنية (زيادة مدة الانتقالية وبالتالي زيادة مدة رئاسة العسكر) مع أن هذا ممكن تحقيقه مع قحت لو كانا حصيفين حيث كل الدلائل تشير إلى أن الفترة الانتقالية المصوص عليها لن تكفي!
    على العموم فقد تركنا الجهلاء الطامعين يعبثون ولا نقول إنهم سرقوا الثورة فإنهم لا يستطيعون ولن يستطيعوا مهما (حدس ما حدس!) ولكنهم قد نجحوا فعلاً في خلق البلبلة وإعاقة تقدم السلطة المدنية ولكن الأمور ستعود حتماً إلى مسارها الطبيعي والمفترض، فقط إذا غيرنا زلنطحية مجلس الوزراء حمدوك وشلته وحاضنتهم الحالية أحزاب قحت وليس كل قوى قحت كما تعلمون.

  2. كتبت قبل ذلك عن من هو الذى يسمى نفسه ب(زهير السراج)..الآن وليس هو زهير الذى أقرأ له منذ عشرات (السنوات ) ….كاننى الان اقرأ..لحسين خوجلى ..والأمر لله من قبل ومن بعد….

    1. و الله يا أبراهيم انا زيك، بل أكثر لأني أحس أن من يكتب لهذه المقالات هو إسحاق فضل الله أو الطيب دلوكة. نحن مع كاتب المقال لا داعي للإستعجال على وصم الإتفاق بأنه عبثي… نحن منتظرين 30 سنة في الديكتاتورية و علينا أن نظن الخير في سياسيينا و نعطيهم فرصة.

  3. (لا أدري كيف قضى الدكتور زهير السراج صاحب عمود مناظير بصحيفة الجريدة ليلته و هو يرى الملايين التي خرجت بعفوية و بمبادرة شعبية و هي فرِحة بالسلام؟)
    أي ملايين يأخي.. المخلوع في مثل هذه المناسبات كان يخرج له مئة ضعف هؤلاء الذين تصفهم بالملايين فهل غير ذلك من الواقع شيئا؟
    نفس هذه الوجوه عملت اتفاقات سلام مع النظام البائد وشاركت في الحكم ثم عادت للقتال من جديد لأن الممول الخارجي يريد ذلك، فما هو الجديد؟
    ملاحظات الدكتور زهير كلها في محلها وهو في رأيي الثوري الوحيد الذي لم يتملق بثوريته لأنو كان في امكانه يصفق مع المصفقين ويحتل مقاعد متقدمة كثوري ووطني.. دكتور زهير اثر أن يقول الحقيقة المرة رضي من رضي وأبى من أبى.. وهناك سؤال بسيط : فلو أن د.زهير غير مواقفه ايام النظام البائد لقلنا انه هادن أو أغري أو ارتشى، طيب ماذا عساه سيكسب اليوم سوى أنه يقدم النصيحة التي نراها اليوم مرة ولكننا سنكتشف غدا انه الدواء الذي كان يجب أن نتناوله قبل أن نموت ولا أقول يموت الوطن لأن الاوطان لا تموت، بس ممكن تتجزأ وتتفتفت!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..