مولانا ومسرحيّة السفر إلى دبي!

مولانا ومسرحيّة السفر إلى دبي!
بقلم: د. محمد بدوي مصطفى
[email][email protected][/email]
مَن مِن الناس حولنا يحظى بشخصية واحدة؟ نحن يا سادتي في مسرحيّة كبرى، الجميع ممثلون، يقولون كلاماً جذاباً حلواً كالشهد فوق الخشبة، ويتهامسون بحديث سمج آخر خلف الكواليس. هكذا الجميع من القاعدة حتى العلالي. يا لها من دنيا؛ أفاعي وثعالب في كل مكان! الجباه التي تنحني احتراما وأدبا أمام الرجال وهي مثقلة بالنفاق والغدر والخيانة. اللحي التي تعلوها قرّة الصلاة تنهمك في ابتهالات وتسابيح في وضح النهار وتذبح في سكون الليل البهيم الفاحشة ذبحاً. الألسنة التي تلهج بالشكر والثناء وهي تنقع بالسم والشتيمة. الجسد الذي يذعن للحب النبيل وهو يتراقص فوق موجة من الفسق المضمر. نعم يا سادتي نحن في مسرحية كبرى، مولانا بطلها والأطيفال الصغار ضحاياها. نراها ونصمت، نراها ولا نحرك ساكن.
كل يوم نسمع فيما حولنا، حاج فلان أو شيخ علان قد تأهب للسفر إلى دبي. كما ونسمع مولانا فلان أو الإمام علان قد أتا للتو من دبي بعد أن وفقه الله في عمل صفقات تجاريّة جديرة بالاحترام. الحقيقة، لم نعد نسأل أو نتساءل؟ ربما صفقة، تجارة، معرض، نقاهة، علاج، زيارة، و… و…و. لكن هل هذه هي الحقيقة؟
كان احد أولئك الذين يحملون الذقون المسترسلة وغرر الصلاة السوداء البارزة على الجبين. يعرف في كل الحي بتقواه وصلاحه الخارق للعادة. كرس كل حياته لينشئ على نفسه مثالا مرسوما بدقة وصرامة. لقد تمكن أهل التقوى من أئمة العصر أن يغسلوا مخه بكل الفتاوي والقصص كأنه طينة لا هوية لها مستعينين بعنف وتشدد لا مثيل لهما. هكذا تلقى الدين وشعائره كما تلقى كل شيء. العجيب أنه لم يقرأ كتابا في حياته، حتى دينه أخذه عن إمام جاهل اكتراه ليعلمه الإسلام ثم حاول أن ينقله إلى أسرته وعشيرته نقلا حرفيّاً فكان الكل يعمل بناموسه في جو من الهلع والفزع والرهبة والجهل بجوهر الدين.
هل كان حاج التوم فعلاً مريضا؟ الكل يردد ما يقوله عن نفسه: جسده به “قطائع الليلة وبكرة” وما فتأت آلام الغضروف في الازدياد المستمر. انتفض تجار السوق من صحابه ليخبروه، “تِحِت تِحِت”، بأن هناك من ملائكة الرحمة، مَن هنّ على قدر من المهنية، بأن يخلعن هذه القطائع في “شوتة واحدة” بلا رجعة! حقيقة، حاج التوم رجل صالح، فهو لا يترك صلاة واحدة بالجامع، حتى صلاة الفجر يقضيها حاضرا. معلوم أن حاج التوم مستعد لدفع أي مبلغ لكي يبلغ ضالته المنشودة. فأوصاه تجار السوق بالذهاب إلى مكة الراحة والاستجمام: دبي. وبطبيعة الحال، سفريات العلاج أو التجارة إلى هذه المدينة السافرة، عذرا الساحرة، لا ينبغي فيها اصطحاب حجة كلتوم، أم شلوخ مطارق، زوج حاج التوم وأم أولاده العشرة. أهل تعلمون يا أخوتي أن الكثيرون (بدون تعميم) من الحجيج والمعتمرين إلى هذه الإمارة يلهثون لشيء واحد. ما هو يا تُرى؟
من ناحية أخرى تجد الصبايا من كل الجنسيات في انتظار جيوب هؤلاء الممتلئة بنقد الراحة ودراهم الاستجمام. أهل تعلمون أن الكثيرات من أولئك الصبايا قد أتين من دول عربية، أفريقية ومن دول شرق آسيا وحتى من السودان؟ الكثيرات لم يتعدين سن الطفولة. لقد بلغ عدد اللواتي يرغمن على ممارسة الرذيلة مع هؤلاء الشيوخ الآلاف المؤلفة. أعدادهن غير معروفة لحكومة دبي إلى الآن: مشاكل التهريب بالطبع! لكن الحقيقة إن الأعداد تزداد من يوم إلى آخر. المطارات تمتلئ من هذه العينات باتجاه مكة اللهو. أسمرة، موسكو، الدار البيضاء، اسلام أباد، طهران، الخرطوم، بوخارست، دار السلام، زنزبار، بغداد كلها تصدر الرقيق الأسمر (الأبيض) إلى دول الخليج بحجة العمل في المنازل. لكن يا حبذا صغر سن الخادمة، ومن الأفضل ١٢ إلى ١٤ سنة ويا حبذا إن كانت الخادمة عذراء. هكذا نرى الدنيا من حولنا ولا نحرك ساكن. أهل تعلمون بأن عدد الفتيات السودانيات اللائي يعملن في هذه المهنة في ازدياد مستمر؟ إنه للثالوث الخطر: الفقر، الأمية والتخلف.
شرطة بلاد الخليج تضع عينيها في الرمل وهي ترى كل ما يجري وما يدور في الفنادق التي تحولت إلى مراكزا مثمرة لعمل الرذيلة وبيع أجساد البغايا. أهل تعبأ بالأعداد الرهيبة من القاصرات اللواتي وقعن ضحايا الاستغلال الجنسي؟ نعم هن ضحايا فحول يكبروهن سناً وهن ما زلن بين سن الثانية والخامسة عشرة؟ فيا للأسف، فالأمهات يبعن بناتهن بأبخس الأثمان لفحول الخليج والمرضى من خلفاء الرشد الزائف وأئمة النفاق المقنع الذين خلقوا من دبي عاصمة الرذيلة الكبرى ومدينة بيع الصبايا اللائي يتم بيعن على الأرصفة كالصحف “البائتة”.
لكن كيف يحدث ذلك؟ فالكثيرات يتم خدعهن من قبل رجال مافيا الفاحشة، ولكل عصابة مراسلون في البلدان العربية وبلدان أفريقيا ممن يوهمون الأسر بأن بناتهن سوف يعملن لمدة سنة فقط كخادمات في بيوت الشيوخ وبعد انقضاء المدة سوف يرجعن إلى أهلهن سالمات وغانمات، لكن هيهات! يتم الخداع من قبل رجال يظهرون لهن، في بادئ الأمر، نيّة بيضاء وأنهم لا يريدون بهن إلا خيراً، ومن ثم يأخذوهن إلى مدن أخرى بعيدة حيث يخضعوهن لمزيد من الذل والهوان وتجارة الجسد. وفي دبي يجد المعتمر ما ينشده من البضاعة، ما لا عينه رأت ولا أذنه سمعت!
بلغ خبر وصول حاج التوم كل أرجاء المعمورة وجاء الأحباب كعادتهم لمباركة الحضور وطيب الشفاء من الداء العضال. وكانت حجة كلتوم في قمة السعادة بالحلويات التي أتى بها زوجها حاج التوم من إمارة الجنّ والملائكة المعاصرة. كانت تصول وتجول لترضي أعداد الضيوف التي أتت من كل فج عميق، تارة مباركة وتارة مشاركة في الفرحة. سأل أحد الحضور من تجار السوق من صحاب حاج التوم بصوت خافت غامزاً:
– أه يا مولانا العلاج انتهى؟
لا والله الدكتور كتب لي جلسات كل شهرين. لازم أواصل في العلاج، والشفاء من عند الله!
ابتسم ابتسامة صفراء ثم مدّ لحيته إلى الأمام مستذكرا لحظات المساج الخالدة تحت أياد ملائكة الرحمة.
لو سمحت استاذ بدوى حاج التوم والبنات الائى فى قصتك هو شباك ينظر من خلاله جزء صغير من المجتمع السودانى وهم ليسوا بفقراء بل هم خيابامن اصولهم فبالله عليك بنات دفعن حياتهم ثمن فى يونيو الفات علشان امثالى وامثالك شحوط نعيش احرار فى بلدكله عزه وكرامه وخاصتا الفقراء فيه اما تحاول تتنفض او تساعد بالسكوت عشان يتغير حاج التوم .
الاخ د. محمد بدوى بعد التحية والاحترام
اعجبنى اسلوب السرد القصصى المشوق فاطلقت لخيالك العنان واسرسلت فى القص بقلم يحترف الكتابة سواء ان كانت قصة قصيرة, خاطرة ام رواية فانت تملك كل مقومات الكاتب الناجح اهنئك على هذا الاسلوب فى الكتابة وأعتقد جازما انك لك محاولات أو فلنقل باع طويل فى مجال الكتابة هذا ان لم تكن تحترفها وربما لك بعض منها نشر او على قيد النشر فالجمع بين الطب والادب محمدة مهما صنوان فكثيرون منهم اثبتوا وجودهم وذاع صيتهم فى المجالين معا فجمعوا ما بين المبضع والقلم والامثلة كثيرة.هذا أولا.
ثانيا :- ماذكرت من ممارسات وخصصت بها مدينة دبى باسهاب وتصوير دقيقين موجود فى كل مدننا العربية بدأ من الدار البيضاء,القاهرة.الخرطوم مرورا بمكة والمدينة فهى موجودة فى كل مدننا العربية من المحيط الى الخليج وتتفاوت حجمها كظاهرة من مدينة لاخرى مما جعلها مرتبطة بمستوى المعيشة ارتفاعا وانخفاضا وربما نجدها بمستوى يفوق كونها ظاهرة فى الدول الفقيرة لتصبح مهنة من اجل لقمة العيش والسودان مثالا.
ولا اعتقد ان ما يحث فى السودان وفى عاصمة الثقافة العربية الخرطوم ببعيدحسب ما نرى ونقرأ فى وسائل الاعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعى فما يحدث فى عاصمتنا يفوق الخيال ولا يصدقه العقل حيث انتشرت بطول البلاد وعرضها وامتلئت الشوارع بالنساء ومن كل الاعمار ممن يمتهن هذه المهنةليأكلن من أثدائهن وليس هنا المجال لتحديد الاسباب التى ادت الى ذلك فى الخرطوم يا سيدى الكريم امتلئت دار المايقوما من الاطفال فاقدى السندأو مجهولى الابوين مما جعلها عاجزة عن الايفاء بمتطلبات هؤلاء الاطفال ودفنت الحكومة رأسها فى الرمال وهم يعيشون الان من تبرعات بعض المحسنين وبجهد بعض الشباب الطوعى وتستقبل هذه الدار يوميا من 60 الى 70 طفلا ويقبر مثلهم أو أقل قليلا تخرج جثثهم من هذه الار يوميا هذا غير الذين دفنوا بدم بارد والذين تركوا فى مكبات القمامة تنهشهم الكلاب الضالة والوحوش هذا يحدث فى بلدينتهج الاسلام شرعة ومنهاجا. فيا دكتور اخرج الى شوارع الخرطوم تجد كل الاعمار ومنتشرين فى طرقات المدينة وقرب مطاعمها الفاخرة يعرضن انفسهن لقاء دريهمات ليقمن أود الجوع والعوز والحاجة وزبائنهم من أمثلة حاج فلان وحاج علان وصفوة اهل البلد وربما يوجد بينهم من يشكل رقما فى خارطة البلاد ومنهم دون ذلك من طلاب المتعة الرخيصة وآخرهم مسئول كبير ضبط مع اربعة فتيات أكبرهن فى عمر اصغر أولاده ضبط وهو يمارس الفاحشة متى وـين؟ فى شقة فى ضواحى الخرطوم وفى نهار رمضان وقد انتعل لحية بيضاء وعلى سيمائه اثر السجود وحوكم بهذا الجرم وهو مسئول كبير فى حكومة احد الاقاليم فالقضية ليس كما ذكرت تحديدا وليس كما صورت فما يحث فى بلادنا أسوء بكثير مما ذكرت.
واخيرا انالا ادافع عن الرذيلة فهى موجودة منذ زمن صاحبات الرايات الحمر فى صدر الاسلام
والسلام
لغة سردية شديدة السلاسلة يادكتور لا نقدح فيها ولكن لا ادري هل هي محاولة للقول ان اصحاب الدقون الجالسون على سدة الحكم اهل فساد ان كان هذا المقصود بالقول فأعتقد ان الامر واضح للعيان فعندما تتنتفخ جيوب حاج التوم وامثاله سيفتقر الاف مؤلفة وتباع صبية في سوق النخاسة وذلك يحدث في الخرطوم وبأبشع ما يحدث في دبي … ففي دبي قد تأخد الصبية ثمن ثدييها ولكن في الخرطوم يحدث ذلك بوجبة واغتصابا وقهرا … أما ان كان الحديث عن مافيا تعمل على تجارة الرقيق الابيض فالتاجر الحقيقي هو من يجعل الاسر توافق على سفر بناتها هذا هو الفيل الذي يجب ان نطعن فيه … ولكن تبقى السودانية في نظري رغم كل مايكتب عن فساد هي الكنداكة التي تربط بطنها وتقضي جل وقتها في الجامعة وهي التي خرجت ضد الظلم والقهر فقادت رسن المظاهرات وهي كثيرات من من نقرأ لهم ونزاملهم في المواقع الاسفيرية يضعن الوطن في حدقات العيون ويشرفن كل سوداني
الف شكر على هذا الموضوع الهام والذى يصب فى اهتماماتى المهنية والبحثية
مقال رصين قدر ان يوصل فكرة الاتجار بالبشر كاكبر جرائم عصرنا ولا تكاد دولة فى العالم تسلم منها.
من خلال عملى كمستشارة فى دعم النساء ضحايا الاتجار البشرى فى فيينا- النمسا اجد ان هذا الموضوع يحكى ايضا عن بنات صغيرات من دول عالمنا النامى التى اشرف عليهن.
شكرا ومزيدا من التوعية
ارشح الدكتور محمد بدوى لجائزة “غدار دموعك …لزول حواسو اتجمدت”
مع الاعتزار للمرحوم مصطفى سيد احمد