الملاريا

تعتبر الملاريا واحدة من أكثر الأمراض الوبائية التى تصيب المجتمع السوداني وتودي بحياة الكثيرين في ظل انعدام الرعاية الطبية المناسبة و سوء التشخيص ،وبخاصة في المناطق البعيدة، وتظل المجهودات التى تقوم بها الدولة غير مؤثرة في ظل نظام صحي عاجز ومتخلف وفقير.
سنوات طويلة ،ووزارة الصحة لديها برنامج خاص بمكافحة الملاريا ،اسمه البرنامج القومي لمكافحة الملاريا ، ورغم أنه مستمر بفضل الدعم الذي تقدمه بعض المنظمات العالمية إلا أنه يعمل بنظرية ساقية جحا على حسب نظام الدولة طبعا، إذ إنه لا يمكن القضاء على الملاريا في ظل بيئة مهيأة تماما لتوالد الباعوض ،الحكومة تستورد دواء الملاريا بالمليارات سنويا ، مقابل ذلك ليس هناك أية مجهودات تبذل لتحسين البيئة التى تزداد سوءا كل عام ، فالقضاء على الملاريا يعتمد أساسا على القضاء على الأسباب .
العام الماضي فقط كشف المنسق القومي لبرنامج مكافحة الملاريا أن تكلفة الإستراتيجية القومية الجديدة تبلغ (226) مليون دولار، وأشارت إلى أن نسبة استخدام (الآرتميثر) وهي تعني خط العلاج الأول للمكافحة لايتعدى (31%) فقط في إشارة لعدم التزام الكوادر ببروتوكول علاج الملاريا، وأن أس المشكلة يكمن في النظام الصحي .
العام الماضي ايضا أقرت سلطات وزارة الصحة بوجود تحديات تواجه برنامج مكافحة الملاريا تتمثل في ظهور ملاريا المدن بسبب كسورات المياه وعدم الالتزام ببرامج المكافحة الأرضية لناقل الملاريا.،و أن الوضع الحالي للملاريا يتطلب مبادرات جديدة بوسائل حديثة تمكن من الانتقال لمرحلة استئصال الملاريا من خلال تقوية الحاكمية لبرنامج الملاريا، بجانب التوسع في التغطية والتدخلات الأساس
العامان الماضيان انخفضت نسبة الإصابة بالملاريا عن السنوات التى قبلها ،ولكن لا يمكن أن يكون ذلك بسبب مجهودات وزارة الصحة ،فلابد أن هناك أسبابا اخرى هي نفسها لا تعرفها، فما قالته في العام الماضي يؤكد أنها لم تقم بمجهودات حقيقية ،بل هو لطف من الله بهذا الشعب .
آخر أخبار الملاريا هذا العام تقول إن هناك انتكاسة حدثت في برنامج الصحة الذي يتعلق بمكافحة الملاريا وهو (البرنامج القومي لمكافحة الملاريا ) ..التفسير المناسب لتلك الانتكاسة هو أن البرنامج قد دخلته سوسة الفساد ، فقد أقر بحر إدريس أبو قردة ،وزير الصحة الاتحادي ، بالتراجع الكبير في برامج محاربة الملاريا دون إبداء مسببات ، وقال إن الأمر يمثل تحديا كبيرا في ظل الارتفاع اللافت في نسب الإصابة بمرض الملاريا ، وقطعا لا نحتاج إلى أن يخبرنا بالمسببات ، إذ يكفي أنه هو وزير صحة اتحادي ،ومأمون حميدة وزير ولائي، لترتفع نسبة الإصابة بأي مرض ، إضافة إلى السبب الاكبر وهي أن البلد بأكملها تحت رعاية حكومة لا توفر للصحة من الميزانية العامة مبلغا يفى حتى بقيمة الإسعافات الأولية .
السودان ما زال ،حتى اليوم ،اغلب اعتماده في برنامج مكافحة الملاريا على المنظمات الأجنبية ، بمعنى أنه إذا ترك الأمر كله للحكومة السودانية لاندثر أهل السودان بالملاريا ، والموضوع ليس الملاريا وحدها، فهناك الكثير من الأمراض التى تهدد حياة هذا الشعب وتفتك به والحكومة لا تفعل شيئا غير التنظير والتبرير ، فالسودان ربما
هو الدولة الوحيدة في العالم التى لا تملك شيئا اسمه النظام الصحي .
ما يعانيه السودان اليوم من فساد يجعل مسألة إصلاح النظام الصحي مستحيلة وعليه ستظل مكافحة الملاريا وغيرها من الأمراض مجرد حلم بعيد المنال .
التيار
البعوض Mosquitoes ومرض الملاريا:
تعقيبا على ذلك أقول وفي اثناء تواجدي بالوطن وعلى وجه الخصوص بالجزيرة كانت قد بدأت حملة المكافحة وسميت بالذات حملة دحر الملاريا وسبق وصولي ان تم الرش بقريتنا الريحانة ولكن عند وصولي القرية لم الاحظ أي اثر لعملية الرش بالذات فيما يخص حشرة الذباب حيث ظل الذباب بنفس كثافة الاعداد مع انهم يقولون بان المبيد المستخدم ذو اثر باقي (البقاء لله وحده) وصدف ان قابلت تيم للحملة بعد وصولي عند مدخل احد القرى وجرى نقاش بيني وبين المسئول عن تلك الفرقة وعندما اوضحت له بان الرش ليس له اثر بالذات على الذباب انفعل وكلمني بنبرة حادة مع فارق العمر بيننا ولكني رددت عليه بهدوء وعرفته عن نفسي وعندها بدأت لهجته تتغير فطلبت منه ان يعطيني عبوة من المبيد لكي اطلع عليها وفعلا وجدت المبيد من مبيدات الصحة العامة وان تاريخ انتاجه لم يتعدى الشهور اذ انه منتج في شهر ابريل 2015 أي هذا العام وهنا انتابني الشك في الجرعة الموصي بها من المبيد وكلنا يعرف ما يحدث في هذه الحملات واللبيب بالإشارة يفهم وقد طلبت من ذلك الشخص ان يبلغ المسئول الاول بان يعملوا مسح للقرى التي تم رشها ليقيموا مدى فعالية الحملة او مدى فعالية المبيد ولكن ذلك لم يحدث حتى مغادرتي الجزيرة في الثاني من هذا الشهر. اما الاثر على تواجد البعوض فليس من السهل التعرف عليه لان الحشرة ليلية النشاط وبالذات وان منطقتنا لم تحظى هذا الخريف الا بأمطار خفيفة لم تحدث تجمع للمياه ولكن الشكوى من مرض الملاريا موجودة بين السكان إذ اصبحت حشرة البعوض من الحشرات التي تشكل خطرا على انسان السودان بصفة عامة وإنسان ولاية الجزيرة على وجه الخصوص فإذا نظرنا لخارطة الولاية نجد هذه الحشرة تغطي كل الولاية وذلك بسبب تواجد المياه الراكضة التي يتولد فيها البعوض وبالذات في فترة الخريف اثناء وعقب هطول الامطار بالإضافة للمياه الراكضة في المجاري بالحواشات مثل ابو عشرينات وأبو ستات وبالذات في الدورنات التي هي بداية خروج الماء من الترعة الى ابو عشرين والتي كانت في السابق تعامل بصب الزيوت فيها وكان هنالك عمال يعرفون بعمال الناموس مهمتهم مكافحة البعوض وذلك بمتابعة اماكن المياه الراكضة وصب الزيت فيها حتى يمنع توالد البعوض لان طبقة الزيت تمنع وصول الاكسجين فيتسبب ذلك في منع التكاثر وموت اليرقات وقد اختفت هذه الظاهرة (عمال الناموس ) تماما منذ عشرات السنين وللأسف في السنوات الاخيرة حتى مناطق شرق الجزيرة التي لم تكن تعاني من البعوض فقد اصبح البعوض يشكل هاجس كبير للمواطنين في قرى المحس والديم والفادنية وبلولة وود عشيب وود راوة والعيدج وذلك بسبب زراعة الارز في مشروع زايد الزراعي ومعروف ان مناطق زراعة الارز في العالم هي انسب البيئات لتكاثر البعوض لوجود البرك المائية بكثرة وبما ان هذه القرى التي تقع قريبة من النيل الازرق فارضها اكثر ملائمة لزراعة اشجار النيم التي عرفت بأنها طاردة للحشرات وبالذات البعوض وقد ثبت من خلال الابحاث التي اجريت في الهند في مناطق زراعة الارز ان فروع النيم التي وضعت في برك المياه قد ادت لموت اليرقات وخفض نسبة الاصابة بالملاريا لذا نناشدهم بالاهتمام بزراعة اشجار النيم.
و من هنا فلنعطي نبذة علمية عن حشرة البعوض حيث جاء ذكر البعوض في القرآن الكريم في قوله تعالى) إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26( وهذا هو الاعجاز القرآني إذ ورد ذكر بعوضة وهي الأنثى حيث أنه لم يكتشف ولم يعرف إلا قريباً بأن الأنثى هي التي تمتص دم الانسان وتنقل له كثيراً من الأمراض والبعوضة حشرة من طائفة الحشرات Class Insecta وتقع مع الذباب في رتبة ذات الجناحين Order Diptera ولأنثى البعوض قرن استشعار ذو ريش قصير ويعرف بالريشي البسيط Pilose بينما الريش في الذكر طويل وكثيف ويسمى ريشي Plumose ويستخدمه الذكر في التصنت على الأنثى ليحدد مكانها وقت التلقيح أما أجزاء الفم فهي كذلك نوعان ففي الذكر حيث يتغذى على امتصاص الرحيق فهي ماصة Sucking أما الأنثى التي تتغذى علي امتصاص الدم من داخل أنسجة الانسان والحيوان فهي أجزاء فم ثاقبة ماصة Piercing & sucking وعندما تريد التغذية فأنها تفرز اللعاب الذي يحتوي على مادة تعطل عمل الصفائح الدموية حتى لا تحدث عملية التجلط للدم Blood clotting حتى يظل الدم في حالة سيولة لحين امتصاصها وجبتها الغذائية وهذه المادة تعرف بالمادة المانعة للتجلط Anti-coagulant substance
لا يتكاثر البعوض إلا في وجود الماء حيث تضع الأنثى البيض في البرك والمستنقعات والمياه الراكضة والخزانات ودورة المياه وبعض الأنواع تضع البيض على الطين الرطب.ويوجد في مختلف دول العالم وهو من أعداء الانسان حيث يقلق راحته بالطنين المزعج والوخز الذى يقود للألم كما يمتص دمه ودم بعض حيواناته وينقل لهما العديد من مسببات الأمراض وقد يسبب الحساسية للصغار والكبار حيث تلدغ إناث الجنس Aedes عند الصباح الباكر وليس لها طنين عالي أما الجنس أنوفليس Anopheles فلسعه مساء وفي الصباح الباكر بينما يلدغ بعوض الكيولكس Culexبالليل والنهار وفي الأماكن المعتمة كما ذكر ذلك علماء الحشرات. ومن الأمراض التي ينقل مسبباتها :
1- الملاريا Malaria ويسببها حيوان أولي يطلق عليه بلازموديوم Plasmodium وتنقله أنثى الأنوفليس وهي أكثر الأمراض انتشارا وللطفيل دورتان تزاوجيه في جسم العائل الأصلي وهو البعوض واللاتزوجية في دم العائل الوسيط أي الانسان.
2- الحمى الصفراء Yellow fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
3- حمى الدنج Dengue fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
4- الحمى المخية الشوكية Encephalitis ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس والكيولكس للإنسان والانوفليس للخيل والحيوانات الآخرى.
5- داء الفيل Elephantiasis وتسببه الدودة الخيطية وتنقله إناث البعوض خاصة الكيولكس.
6- حمى وادي الصدع (الوادي المتصدع) Rift Valley fever (RVF)
مرض فيروسي يصيب الانسان والحيوان (الماعز , الضأن الابقار والجمال). ويزداد ظهوره عند ازدياد هطول الامطار أول ظهور له كان في كينيا عام 1931م لذا سمي باسم الوادي الذي ظهر فيه بكينيا ثم انتقل الى دول افريقية اخرى وبقي محصورا في القارة الافريقية حتى عام 2000م ثم ظهر بعد ذلك في دول اسيوية منها الجزيرة العربية والناقل للفيروس المسبب للمرض هو بعوض الايدس.
الشامي الصديق آدم العنية
مساعد تدريس بجامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية