بوادر توترفي ابيي ومفاوضات الخميس بدون زناوي.. الحل الشامل والمؤتمر الدستوري فرسا الرهان

لندن: عمار عوض

تؤكد العديد من الدوائر المهتمة بسلام السودانين(شمالا وجنوبا) ان المفاوضات ستستمر بين البلدين في اديس ابابا وفقا ماهو مخطط له لتنطلق يوم 30 اغسطس الجاري بحسب تصريح أدموند موليت، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام وهو ما يعنى ان الحوار سيتواصل حول ترسيم الحدود وانشاء المنطقة المنزوعة السلاح على طول حدود البلدين الى جانب قضية ابيي وقضية مستقبل الاوضاع السياسية والانسانية في جبال النوبة والنيل الازرق وهي قضايا مشمولة بقرار مجلس الامن الدولي بالرقم 2046 والذي مدد فترة نظر مخرجاته الى ما بعد يوم 22 سبتمبر بدلا عن يوم 2 اغسطس الماضي, بحسب قرار مجلس الامن السابق في جلسة انقضاء المهلة التى حددها المجلس بثلاث اشهر لاتفاق البلدين على القضايا العالقة والا انهم سيواجهان عقوبات دولية . وهى المدة التى مددها مجلس الامن الى مابعد لقاء البشير وسلفا كير المقترح في اديس يوم 22 ضمن حزمة قضايا جرى الاتفاق عليها بعد اتفاق البلدين على اعادة ضخ وتصدير النفط بالاسعار التى اتفقا عليها وهي (11) دولار للبرميل .

ليلة وفاة زناوي ..ليمان يصرح ويشترط :

بينما كان المشفقين والمهتمين بموضوع السودان يضعون قلوبهم على ايديهم بعد زيوع خبر وفاة الرئيس ملس زناوي وتاثير ذلك على محاولات اعادة الاستقرار الى سوداني (الخرطوم-جوبا) عممت الخارجية الامريكية تصريحا للسيد برستون ليمان المبعوث الخاص للسودان يدعو فيه حكومة الخرطوم للموافقة على الخطة الافريقية المطروحة لتجريد شريط الحدود من السلاح من الجانبين بانشاء منطقة عازله عرضها 10 كلم من كل جانب مع انشاء نقاط للمراقبة على طول الحدود بمشاركة جيشي البلدين (جيش شعبي ? قوات مسلحة) بالاضافة الى مكون افريقي من جيوش دول الاتحاد الافريقي بالاضافة الى انشاء منطقة اخرى للتحقق تسمح ببحث اتهامات كل دولة للاخرى اذا ما كانت تدعم متمردي الطرف الاخر ام لا ؟ . ومع ان تصريح برستون ليمان لم يحمل هذة التفاصيل المعلومة بالضرورة لكل متابع لصيق بملف التفاوض حيث يقول ليمان في تصريحه الهام جدا ليلة وفاة زناوي ( إن الوقت قد حان كي تقبل الخرطوم خطة الاتحاد الأفريقي و تسحب قواتها من الحدود بين السودان وجنوب السودان، وهي القضية ذات الاولويه لنا الان وهو ما من شأنه تطبيق اتفاق مواصلة صادرات النفط الجنوبي عبر الشمال).
وأضاف ليمان (بمجرد قبول ذلك يمكننا المضي قدما في العناصر الأخرى لنزع السلاح، ويجب أن تقبل الخرطوم هذه الخطة أولا، وهناك اقتراحات جيدة أمام الخرطوم بشأن السماح بوصول المساعدات الإنسانية، إننا ننتظر الرد على هذه الخطة).

من حديث ليمان تتضح بعض النقاط في هذا الملف الشائك وهي ان الوساطة ومن خلفها المجتمع الدولي اعطت الاولويه للمنطقة المنزوعة السلاح ونقاط المراقبة المشتركة وهذا يعني انها ستحظي بالأولوية في جلسات التفاوض القادمة خلافا لقضية (ابيي) حيث خلت تصريحات ليمان من اى اشارة الى هذه القضية المحورية في الصراع وهو مايشئ بالاعتقاد ان فريق الوساطة ومن خلفه المبعوثين الدوليين والنشطاء صار مقتنعا ان الطريق الاسلم لنزع فتيل التوتر بين البلدين يكمن في انشاء منطقة عازله على طول الحدود مع ضمان اليه متفق عليها ومعترف بها دوليا لايصال الطعام والدواء والاحتياجات الانسانية الى النازحين في المناطق التى تسيطر عليها الحركة الشعبية (شمال) في المنطقتين والذين يقدر خبراء ان عددهم يقترب من المليون نسمة بالاضافة الى اللاجئين من ابناء المنطقتين الموجودين في دولتى اثيوبيا وجنوب السودان .

ويدافع احد الخبراء الذين يعملون مع فريق الوساطة الافريقي عن هذه الرؤيه بقوله في نقاشات جمعتنا عبر الوسائط الالكترونية ( كان من الواضح لنا ان احراز تقدم في قضية ترسيم الحدود وحسم تبعية المناطق المتنازع عليها بين البلدين تعد شبه مستحيلة في ظروف البلدين الحالية, وان انشاء المنطقة المنزوعة السلاح هو الطريق الاقرب لمنع اى بوادر حرب مستقبليه بين البلدين , وكان من الصعب والمشين ? كتبها مخجلا- ايضا اهمال الحالة الانسانية المترديه في جنوب كردفان والنيل الازرق لان انشاء المنطقة المعزولة بوجود قوات دوليه سيحرم نازحي المنطقتين من اللجوء الى المعسكرات في دولتى جنوب السودان واثيوبيا من عمليات القصف الجوي لذا كان واجبا علينا ان ندعم بقوة فكرة المناطق المنزوعة السلاح بالتزامن مع موافقة الحكومة السودانية على مقترحنا بايصال المساعدات الانسانية للولايتين وانشاء ممرات امنه لايصال الاغاثة والمعونات ) .

حسنا الوساطة تعمل على انشاء المنطقة المنزوعة السلاح ببعد نظري لاينسجمم مع الواقع الذي نعرفه كسودانيين والذي يشير الى ان مناطق الحدود بين السودانين(ش-ج) من الصعب ضبطها لانها ليست مقتصره على القوات العسكريه التى توالي كل طرف ولكنه مرتبط بالمقام الاول بحركة السكان , فماذا ستفعل نقاط المراقبة الثلاثية المقترحة مع مواطن من المسيرية يريد ان يعبر بابقاره الحدود والمنطقة المعزولة ويصر على ان يمضي بسلاحه الى عمق الجنوب لحماية ابقاره كما تعود على مر السنين؟؟ وماذا ستفعل نقاط الرقابه بامراة من النوبة او الاونقسنا قررت ان تهرب باسرتها الى احد المعسكرات في (الجمام ? ايدا ) تفاديا لعمليات القصف هل ستمنعها لان جنودا من الجيش الشعبي رافقوها لتامين حياتها وحياة اولادها واوصلوها للحدود !!!؟؟

وبالنظر الى طريقة تفكير الوساطة الافريقية نجد ان هناك مواضيع لايمكن اغفالها وهو الوضع في (ابيي) وهو الذي وضع ثانيا في قائمة مطلوبات المجتمع الدولي والوساطة العاجلة لاستباب السلام في السودان وهو ما يقرع جرس الانزار حول سياسات فريق الوساطة , حيث يشير عدد من المراقبين ان الوضع النهائي في أبيي هو القضيىة المركزية لشعب جنوب السودان بجانب ترسيم الحدود ليعلم كل بلد والعالم ايضا حدود كل طرف ليحترمها ويقدسها كما تقدس الشعوب في العالم اجمع حدود اراضيها لتدافع عنها وتحرض سكانها على الدفاع عن هذة الحدود .

غياب زناوي واثره على الملفات والقضايا العالقة

يتفق الجميع على ان غياب ملس زناوي سيلقي بظلاله القاتمة على عملية السلام والحصول على دولتين متعايشتين وقابلتين للحياة بين دول العالم , وكانت اول علامات التوتر التى خلفها رحيل ملس زناوي هي التوتر الذي تصاعد في منطقة ابيي بعد توجيه حكومة الخرطوم لاعضاء لجنة ابيي التابعين لها بحسب تصريح القيادي بالوطني ماجد لياي الذي برر ذلك باعلان دولة الجنوب لادارية لحكم منطقة ابيي برئاسة السيد رنق دينق كوال وهو الامر الذي نفاه القيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق والذي اوضح في تصريحاته انهم دعوا موظفي الخدمة المدنية المعينين بقرار من رئاسة الجمهورية في الخرطوم قبل اقتحام الجيش السوداني لابيي واوضح بيونق في تصريحه ان وجود موظفي الخدمة العامة اصبح ضروري الان نسبة لبدء سكان المنطقة من دينكا نقوك بالعودة الى مدينة ابيي وبالنظر الى هذا التوتر المكتوم الذي تشير توقعاتنا الى انه سيتصاعد في مقبل الايام خاصة اذا علمنا بوجود الكثير من التعهدات التى قطعها الرئيس عمر البشير على نفسه وبضمان من الراحل ملس زناوي بان رئيس ادارية ابيي عند الاستفتاء يجب ان يكون من دينكا نقوك ومن الحركة الشعبية وكذا رئيس المجلس التشريعي لابيي وان ينعقد الاستفتاء في ابيي قبل يوم 31 ديسمبر 2012 لكن الاشارات التى وردت في اليومين الذين تليا وفاة زناوي تشير الى ان الحزب الحاكم في الخرطوم بدأ في التنصل من التعهدات التى قطعها بحضور زناوي حول ابيي وهو ما يؤكد ان الاوضاع في طريقها للتدهور اذا تعامى الوسطاء ومن خلفهم المجتمع الدولي (بريطانيا ? امريكا ? فرنسا.. الخ) عن الضغط على الخرطوم باحترام تعهداتها بخصوص (ابيي) والا فان الامر سيخرج من يد الجميع , خاصة وان سكان ابيي من الدينكا يشعرون بالغبن تجاه عدم الاهتمام الكافي من فريق الوساطة للوصول الى حل نهائي للوضع في ابيي باحترام استفتاء (دينكا نقوك) لاختيار الدولة التى يريدون الانضمام اليها .

خلاصه
أن المجتمع الدولي والوسطاء ومسهلين الحوار بين دولتى السودان شمال وجنوب اصبحا مؤمنين بالوصول الى اتفاق حول انشاء المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين بالتزامن مع الوصول الى اتفاق مفصل حول تقديم المساعدات الانسانية للنازحين في جبال النوبة والنيل الازرق كمرحلة اولى قبل لقاء البشير ? سلفا كير في اديس ابابا يوم 22 سبتمبر القادم حيث يسعى الوسطاء الى الوصول الى اتفاق يوقعه البشير وسلفا كير يوم 22 سبتمبر ويشمل الاتفاق على ترحيل النفط والمنطقة المنزوعة السلاح وايصال المساعدات الانسانية يوقعه الرئيسان دون اعتبار الى القضايا المركزية الاساسية في هذا الصراع مثل المستقبل السياسي لجبال النوبة والنيل الازرق في هذه العملية . خاصة وان من اطلقوا رصاصة المقاومة الاولى في كادوقلي وتبعتهم الدمازين ليسوا معنيين باعادة تعين هذا الحاكم او ذاك بقدر اهتمامهم بمستقبلهم السياسي كشعوب اصيله في السودان ومع ذلك عانت من التهميش سنوات طويلة الى جانب عدم احترام هوياتهم ودياناتهم وثقافاتهم وتحقيق العدالة في الجرائم التى ارتكبت ضدهم وضد اسلافهم وليمنعوا حدوث اى اضهاد لابنائهم في المستقبل وهو مايظهر في شعار الحرب الاخيرة التى سميت حرب الشرف والكرامة .

غياب زناوي سيؤثر بشكل كبير على الخطط القادمة التى أتفق عليها بناء على بنود شفاهية كان هو الضامن لها (اى زناوي) وان تراجع الخرطوم عن هذه الاتفاقات الشفاهية سيقود الى اتساع رقعة الحرب ويزيد من احتمال دخول البلدين في حرب شاملة جديدة .

– تمسك المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم بحصر المشكله في جبال النوبه والنيل الازرق وسعيه الدؤوب للوصول الى حل ثنائي بينه والحركة الشعبية (ش) مقتصرا على المنطقتين ينم عن قصور فكري واستراتيجي لان اتفاق السلام الشامل (سيد الاسم نيفاشا) نسبة لاقتصاره على طرفين لم ينعكس على دارفور التى تواصلت ازمتها في ظل سنوات السلام الشمالى الجنوبي مما اثر بشكل كبير على تنفيذ اتفاق نيفاشا للسلام وعلى تصرفات الدول المانحة في مؤتمر اوسلو التى تحججت بشكل غير مباشر عن دفق اموالها في دماء دولتى السودان (ش-ج) نسبة للوضع المتردي في دارفور وقتها (والان ايضا) وان (طلوع روح) المؤتمر الوطني لحصر المشكله في الجبال والنيل الازرق ينم عن ضيق نظر من جانب الحكومة السودانية حيث كان عليها الاعتبار من التوقيع بشكل ثنائي مع الحركة الشعبية وتمترسها حول هذه الثنائية والذي كان نتاجه اعلان استقلال دولة الجنوب في خاتمة المطاف مع استمرار المشكله في دارفور وانضافت لها لاحقا جبال النوبه والنيل الازرق .
طريقة تقاسم الحوافز التى تنتهجها الولايات المتحدة التى استضافت مؤتمرا ليوم واحد في واشنطون لدعم اقتصاد جنوب السودان والذي اثمر عن توفير ملياري دولار للدولة الوليدة كحافذ لتوقيعها اتفاق اعادة تصدير النفط وغيرها من الامور وتصريح الولايات المتحدة بانها ستوجه عدد من اصدقائها في العالم لتقديم الدعم لدولة السودان ?يبدو انه ضوء اخضر لقطر واصحابها- لان امريكا لا تسطتيع ذلك نتيجة للعقوبات التى تفرضها على السودان , دون اعتبار طبعا لقانون سلام السودان النسخة الثانية التى قدمها السيناتور فرانك وولف وثلاثة نواب اخرين والذي سيناقش في غضون الاشهر القادمة والذي ربما يقضي على تصريحات واشنطون بالدعم هذه, تظل الحقيقة الثابتة ان بوادر موجات الثورة و الاحتجاج في السودان صحيح ان ظاهرها يشير الى ان دافعها هو عامل اقتصادي لكنها تظل في جوهرها ازمة سياسية شاملة نتيجة لدولة الحزب والفكر والنمط الواحد الظاهر في الفساد الحالي وان اى صفقات سياسية لاعادة العافية لاقتصاد سودان الخرطوم دون اعتبار لان فساد الطبقة الحاكمة الان سيلتهم كل هذه المحفزات الاقتصادية كما التهمها في الخمسة سنوات التى تلت (نيفاشا) يشير بوضوح الى ان حراك الشارع السوداني لن يتاثر بهذة المهدئات الاقتصادية او الصفقات السياسية .

أن المؤتمر الدستوري الذي يضع كل مشاكل البلاد على الطاولة وعلاقات الاقاليم بمركز الدولة الخرطوم والعقيدة القتالية للجيش واهمية اعادة هيكلة القوات المسلحة من عدمها , وكذا مؤسسات الدولة المدنية الاخرى , واعتماد برنامج مصالحة وطنية شامل لكل الظلامات التى حدثت لشعوب السودان بسبب الحكومات او الاحزاب او الافراد حتى , بجانب التوافق على الية لتحقيق للعدالة للجرائم التى لم يستوعبها برنامج المصالحة الوطنية . الى جانب اعتماد نظرية الحل الشامل لقضايا السودان في اقاليمه الملتهبة جميعها فالمؤتمر, يظلان هما الطريق الامثل ليسير عليه السودانيين لحقن الدماء وبناء وطن معافى ومتصالح مع نفسه وهويته .
ونواصل ..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..