علي الكلثمي وكوميديا الـ«يوتيوب» في السعودية

يمكن القول إن صناعة الترفيه في السعودية تنقسم إلى قسمين، أحدهما على شاشات القنوات التلفزيونية الأرضية والستالايت والآخر والذي يبدو أكثر رواجا هذه الأيام يتخذ من الإنترنت وتحديدا موقع الـ«يوتيوب» مسرحا له. مصطلح «شباب الـ«يوتيوب» » يشير إلى مجموعة من الشباب الذين تحولوا إلى نجوم لهم جمهور واسع في المملكة والخليج، ورفعهم الـ«يوتيوب» إلى مصاف نجوم الكوميديا في العالم العربي يستعيض بهم عن نجوم التلفزيون والسينما في أغلب الأحيان. من هؤلاء بدر صالح وعمر حسين وياسر بكر وفهد البتيري وآخرون. وأصبحت برامج كوميدية مثل «لا يكثر» و «على الطاير» و«خمبلة» و«التمساح»، بمثابة الاستراحة التي ينتظرها الجمهور السعودي، خصوصا الشباب، ليضحكوا من الطرح المعاصر والجريء للواقع حولهم. من نجوم المرحلة وربما واحد من أهم صانعيها يبرز الفنان علي الكلثمي، الذي يعرفه الجمهور من خلال حلقات «لا يكثر» و«خمبلة». الكلثمي الذي اكتفى لفترات طويلة بموقعه خلف الكاميرا استطاع أيضا كسب الإعجاب كمؤدي وممثل عبر عدد من البرامج الساخرة. في حديث مع «الشرق الأوسط» تحدث الكلثمي عن بدايات مشواره مع عالم كوميديا الـ«يوتيوب» وعلاقته بنجوم جيله، وتطرق الحديث إلى أعماله الأخيرة ومحاولته لرصد التجربة كاملة في فيلم وثائقي قد يرى النور قريبا.

يروي لنا الكلثمي بداياته: «كنت موظفا في محطة (إم بي سي)، وعبر احتكاكي بالجو الإعلامي في المحطة تعرفت على عدد كبير من الفنانين في السعودية وبدأت في تنفيذ أفلام قصيرة. كما تابعت في تلك الفترة حركة الـ(ستاند آب كوميدي) (الكوميديا الارتجالية) منذ بداياتها وقمت بتوثيقها استعدادا لعمل فيلم وثائقي حولها، وبدأت متابعتها منذ أن كانت تعمل في الظل».

في عام 2008 وأثناء التحضير لمسلسل بعنوان «تقريبا»: «بدأنا في الإعلان عن تجارب الأداء في الرياض وجدة والشرقية وحدث أن تقدم فهد البتيري الذي كنت أعرفه من قبل كمؤد كوميدي ضمن موجة (ستاند آب كوميدي)، وأعجبني أداؤه واتفقنا على أن يقوم بالتمثيل في (تقريبا) ونفذنا بالفعل أول حلقة غير أن المشروع لم يكتمل. ولكني مضيت بعدها مشروعا آخر مع فهد وهو مسلسل (لا يكثر)» «لا يكثر» أحد الأعمال الفنية التي قدمتها شركة «تلفاز 11» التي جمعت بين الكلثمي والبتيري، يعلق الكلثمي: «(تلفاز 11) هي شركة إنتاج أنشأتها لدعم المبدعين وتهيئة الجو الذي يساعدهم على الإبداع، دعمنا عبرها مجموعة من الأعمال منها (التاسعة إلا ربع) و (لا يكثر) و(مسامير). بعد ذلك ازداد عدد البرامج وانتقلت من الإخراج للتمثيل في (لا يكثر) ولكني عدت للإخراج إلى جانب التمثيل في مسلسل (خميلة) الذي لاقى نجاحا كبيرا». بعد بدايات ناجحة تطور مشروع «تلفاز 11» ليضم 12 فنانا ليستقيل بعدها الكلثمي من «إم بي سي» للتفرغ لمشروعات الشركة وللانغماس في واقع جديد عبر عنه بكلمات بسيطة: «أصبحت هذه حياتنا». يشرح الكلثمي أن مهمة «تلفاز 11» لدعم المبدعين تشمل التسويق والتوزيع للمحتوى المرئي ويقول إن الشركة أنتجت نحو سبعة برامج حتى الآن. ولكن برامج «تلفاز 11» تعدت الحدود المحلية وزارت مدينة البندقية مؤخرا حيث عرضت مجموعة من الأعمال عبر مشاركة مؤسسة «آمين» في معرض «جيل في الانتظار» للفن السعودي الذي قدمته مبادرة «إدج أوف آرابيا» على هامش بينالي البندقية الـ55 للفنون. كان من المثير مشاهدة جمهور المعرض يتوقف أمام شاشات التلفزيون التي تعرض لقطات من «لا يكثر» و«التمساح» ونرى بعضهم يبتسم والآخر يقهقه تجاوبا مع الأحداث عبر قراءتهم لترجمة الحوار، المشهد يثبت لنا أن الفن لا وطن له، فهو قادر على الوصول لكل إنسان مادام صادقا ومعبرا عن مجتمعه.

يبقى التساؤل حول الفارق بين الإعلام التقليدي وإعلام الـ«يوتيوب» الذي فرض نفسه بقوة على جمهور المتلقين، يقول الكلثمي: «لا يوجد تعارض بين الاثنين. وعموما نحن نبحث عن الخلطة المناسبة للمنتج الخاص بنا، إذا كان مناسبا للنشر في الإنترنت فعلنا ذلك خصوصا أن الإنترنت أسهل في الإنتاج وتصل للناس بسرعة»، غير أنه يضيف «قد نبدأ في مشاريع للتلفزيون والسينما في المستقبل».

اللافت في برامج الكوميديا الجديدة هو جرأتها النسبية وقوة طرحها وهنا نتساءل عما إذا كان أي منها قد أثار حساسيات معينة لدى الجمهور، يقول: «أرى أن عملنا عبر الإنترنت هو مرحلة نجرب فيها ومن الطبيعي أن نتطور ونتأقلم، المهم هو أنها تجربة تتحول إلى قصة نجاح. عودة إلى السؤال كانت هناك حلقات تخطينا فيها بعض الخطوط الحمراء لدى فئة من الناس ولكني لا أشعر بأننا قد تخطينا حدودا تغضب الجمهور ولكن في الأخير هي موازنة. فأنا أحس أن الرسائل التي نرسلها لها طابع الإبداع وهو ما يخفف من حدة الأثر لأن هناك كوميديا وسخرية، ومن أفضل الطرق لنشر أي رأي أن تأخذ الموضوع بشكل هزلي يصل إلى قلوب الناس بسرعة».

الكلثمي كما ذكر لنا قام بتوثيق مرحلة الـ«ستاند آب كوميدي» عن قرب ولكنه لم يستكمل العمل فيه، «هي قصة يجب أن تروى في يوم من الأيام وأتوقع أن الوقت المناسب لإنتاج لم يحن حتى الآن».

سبب نجاح موجة الكوميديا الشابة كما يرى الكلثمي هو «نقص في الأعمال الكوميدية»، يستطرد «لدينا شباب سعودي واع ويعرف عن «ستاند آب كوميدي» قبل وصوله إلى هنا ولذلك كان تقبله سهلا وخصوصا أن الشعب السعودي كان قليل ما يجد ما يمثله في الأعمال الفنية المقدمة، لأن الآن ما نراه في الإنتاج المرئي هو موجه للعالم العربي كله وهذا خطأ لأن هناك خصوصية ثقافية وعادات لكل بلد.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..