مقالات سياسية

انذار

في شهر سبتمبر من العام 2016 أي قبل عام وأربعة أشهر، أصدرت مجموعة البنك الدولي تقريراً اقتصادياً عن السودان تحت عنوان (استغلال الإمكانات الكامنة لتحقيق التنمية المتنوعة المصادر، وقدمت من خلاله دراسة تحليلية بشأن تسريع وتيرة التحول الهيكلي وتنويع النشاط الاقتصادي، وحدد التقرير الإمكانات الكامنة لتحقيق تنمية متنوعة المصادر وذكر عدداً من الأسباب التي تقف عائقاً أمام تنويع النشاط الاقتصادي الفعال، منها ارتفاع التضخم وسعر الصرف المحدد بأعلى من قيمته الحقيقية منذ وقت طويل، وانخفاض الإنتاجية في القطاع الزراعي، واقترح التقرير للتصدي للتحديات التي يواجهها الاقتصاد الكلي للسودان سلسلة من الإجراءات، منها زيادة الإنتاجية الزراعية من خلال تطبيق تغييرات رئيسة في السياسات وتحسين إدارة عائدات الموارد الطبيعية ومعالجة المعوقات الأوسع نطاقاً متمثلة في بيئة الأعمال وبناء رأس المال البشري لدعم التغيير الهيكلي وإلغاء قيود الصرف لتوحيد أسعار الصرف في السوق الرسمية والموازية، وقالت المدير الإقليمية لشؤون السودان وإثيوبيا وجنوب السودان، إن تطبيق الحكومة لمجموعة من النُهج المباشرة من شأنه أن يساعد السودان في المضي قدماً في طريق التحول الهيكلي اللازم لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي الشامل للجميع، و الذي يؤدي بدوره يؤدي إلى إحداث خفض دائم لأعداد الفقراء.
ذلك التقرير قدم لحكومة السودان نصائح حقيقية وسهلة التنفيذ إن التزمت بها لكان حال السودان اليوم يختلف ولما حدثت ألازمات التي يواجهها اليوم من ارتفاع للأسعار وانهيار للعملة وانتشار للفقر، أي نعلم البنك الدولي نصح الحكومة بخفض قيمة العملة ولكن تدريجياً وبالتزامن مع تلك الإجراءات حتى تصل العملة لسعرها الحقيقي، ولكنها لم تفعل شيئاً من كل تلك النصائح غير إنها خفضت قيمة العملة وفي مرة واحدة، فكانت النتيجة هذا الوضع المدمر. بالأمس نقلت وسائل الإعلام العالمية خبراً مفاده أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أعلن حالة إنذار للسودان بشأن ارتفاع أسعار الغذاء في البلاد وذكرت منصة التنبيه والأمان التابعة للبرنامج أن السودان يشهد ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع بعد تحرير سعر القمح ورفع الدعم الحكومي عنه وإقرار الحكومة لموازنة العام برفع سعر الدولار الجمركي من 6 جنيهات إلى الضعف مرتين و أن الأسواق في السودان تعيش حالة أزمة.
عندما يضرب برنامج الأغذية العالمية جرس الإتذار فهذا يعني أن موعد الانزلاق إلى الهاوية قد شارف و واجبها يحتم عليها تنبيه الحكومة السودانية لتتخذ إجراءات عاجلة فالأمر حقيقية يحتاج إلى أن تعلن حالة الطوارئ لإنقاذ الموقف، ودائماً هناك فرص للنجاة يمكن للحكومة أن تستغلها وتتدارك الأمر، ولكن رغم ذلك تتمسك بفرص الهلاك، وهذا الإنذار الذي أطلقه برنامج الأغذية ليس للحكومة وحدها بل وللشعب أيضاً ليقول كلمته. عموماً ما تقوم به الحكومة تجاه الاقتصاد السوداني ويتسبب في استمرار العناء والشقاء والموت البطيء يجعلها تثبت دائماً إنها هي فقط أزمة هذا البلد، و بهذا تقدم للمواطنين بمن فيهم أعضاء حزبها آخر دليل يؤكد عدم كفاءتها.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..