أخبار السودان

للتاريخ

هنادي الصديق
انتهت عطلة العيد الذي جاء ليس كغيره من الأعياد، جاء العيد والبلاد ممزقة والمواطن يلعق جراحه وفي البال تتردد كلمات الزعيم محمد أحمد المحجوب رحمة الله عليه في ندوة أعقبت أول انتخابات بعد الاستقلال، حيث قال قولته الشهيرة:
(وقد اخترنا لأنفسنا حياة التقشف في منازلنا وفي جهاز حكمنا، حتي لا نمد أيدينا للآخرين فنكون طوع ارادتهم، فمن يستجدي الاخرين فقد أراق ماء وجهه، ومن أراق ماء وجهه لا يحترمه الناس، حتى لا يأتي للحكم من يحاول أن يبيع هذه البلاد أو يجعلها تبيعة لواحدة من الأمم، فيكون إستقلالها لفظا لا معنى ولا قيمة له. فنبدأ معركة جديدة قد تكون معركة دامية، لأننا نريد أن نسترد استقلالاً ونسترد حرية ليس من بين يديَ الأجنبي، بل من بين أيدي الوطني الذي لا يعرف قيمة الاستقلال والحريّة لهذه البلاد).
انتهت كلمات المحجوب، ولكنها كانت قراءة بعيدة لسياسي حقيقي أصابت كبد الحقيقة وهي تصوَر واقعاً نعايشه الآن بعد ستون عاماً.
فقد انتهت عطلة العيد وعاد المواطنون للعمل وللجامعات وعادت معهم أزمات الوطن وهي تتصدر الاخبار بالصحف والاسافير، شكاوى من مواطنين بمختلف الولايات من زيادات مبالغ فيها في تعرفة المواصلات دون تدخل من الجهات المسؤولة، وشكاوى متلاحقة من تكدس النفايات في الأسواق واختلاطها بمياه الامطار، وما يترتب على هذا من مشاكل بيئية خطيرة يسببها توالد الباعوض والذباب خاصة مع دخول فصل الخريف، وشكاوى اخرى من زيادات جنونية في اسعار الخضر والفاكهة واللحوم، أدت لحالة كساد وعزوف من قبل المواطنين في ظل إنعدام السيولة وتجفيف الصرافات الآلية منها، هذه وغيرها من المشاكل التي لن تجدي معها كافة المسكنات والإرشادات والخطط والروشتات التي ظل يتبارى في وصفها دهاقنة الاقتصاد من قبيلة الانقاذ بهدف طرق كافة الابواب والسبل الكفيلة بإعادة الامور لنصابها والسيطرة على حالة التذمر والتضجر التي انتابت المواطنين خاصة بعد التلاعب المستمر بحقوق وأموال المواطن من تجفيف للبنوك، فهل هذا لا يشبه ؟ وهل بعد ذلك يمكن ان نقول إن السودان نال إستقلاله فعلاً؟ وقد تحققت مقولة الزعيم محمد احمد المحجوب بأن آتى من باع البلاد، وعاث فيها الفساد، وبات المواطن يبحث عن حريته واستقلاله من الوطني فعلاً وليس الاجنبي، فكم من الرجال والأرامل وقد ضاقت بهم الحيل في رمضان، يستجدون حقوقهم لإطعام صغارهم وكسوة عيدهم.
فهل وسط كل هذا من رأى أحد المسؤولين يساسق كبقية المواطنين في الصرافات ليل نهار ؟؟
وهناك من لم يتمكن من إخراج زكاة فطرته مالاً، لانه لم يكن يملك هذا المال وقتها رغم وجوده ببنوك الدولة التي تمنح المسؤولين الاموال بالعملتين المحلية والاجنبية، ليصرَفوا بها امورهم، ولقضاء إجازاتهم خارج السودان، متنقلين بين السعودية وتركيا وغيرها من دول الترف والنعيم التي تنعدم فيها الفاقة والحاجة، تاركين رعاياهم يعانون ويلات الجوع والعطش والمرض، متناسين موت الفجأة والغفلة الذي لا يمهل صاحبه للإغتسال مما إقترفت يداه بحق شعبه او إصلاح ما يمكن اصلاحه، ولم يتبق أمام الشعب لاسترداد حريته سوى أن يرفع أكفه بالدعاء على من اهمَه وإستغله وضيَق وشقَ عليه، بأن يشقق ويضيق عليه، ولعل ما قاله أحدهم، بأن المظلوم لا يجب أن يكون وليَاً من اولياء الرحمن حتى يستجيب الله دعاءه، ولو كان الظالم من أولياء الله لنزع الله الولاية منه بظلم غيره).
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..