أخبار السودان

السودان.. تقاليد رمضانية تتلاشى تحت ظلال الحرب

 

على وقع قتال دام قضى على الأخضر واليابس، استقبل السودانيون شهر رمضان المبارك، وفي نفوسهم حسرات على وطن مزقته حرب لا ترحم، وأهل شتتهم النزوح الداخلي، وآخرين احتضنتهم منافي اللجوء خارجياً، فالمعارك المشتعلة منذ أواخر شهر رمضان من العام الماضي، أفسدت على أهل البلاد فرحتهم بمقدم الشهر الكريم الذي اعتادوا أن يستقبلوه بعاداتهم وطقوسهم الخاصة.

ومع تمدد رقعة الحرب الجغرافية بات ملايين السودانيين محاصرين بين ذراعي الخوف والجوع، وطغت مآسي الحرب على كل مناحي الحياة، وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن حوالي 8 ملايين سوداني شردتهم الحرب من ديارهم وفروا إلى المنافي والملاجئ بحثاً عن الآن، في ذات الوقت الذي تهدد الجوع حياة 25 مليون سوداني.

وفي ظل أوضاع لم تشهد البلاد في تاريخها الحديث مثل أحداثها المؤلمة، غابت خلال شهر رمضان لهذا العام الكثير من العادات والتقاليد السودانية المتوارثة، إذ اختفت مناظر السودانيين وهم يفترشون (البروش) على شوارع العاصمة الخرطوم وكثير من المدن السودانية في انتظار لحظة الإفطار.

فالمشهد يعد من العادات السودانية اللافتة في المدن والأرياف، إذ يحرص الأهالي من سكان الحي الواحد أو القرية على الإفطار في مجموعات، في الساحات والشوارع الرئيسية، حتى يتشارك معهم عابر السبيل.

وكذلك غاب عن الأنظار مشهد الأطفال والشباب وهم يقطعون الطريق الرئيسي الرابط بين الخرطوم – ومدينة مدني، ويغلقونه أمام العابرين قبيل آذان المغرب وإلزامهم بضرورة النزول وتناول الإفطار، ولعل هذه من المشاهد المألوفة في رمضان، ومن العادات التي يحرص عليها سكان المدن والمناطق التي تقع على طرق المرور السريع وأكثر الولايات التي اشتهرت بها ولاية الجزيرة وسط السودان، والتي أصبحت بفعل الحرب ساحة للموت.

جاء رمضان هذا العام وشواطئ الأنهار في الخرطوم وود مدني وغيرها من مدن البلاد خالية من الأسر، الصائمين الذين يبحثون عن الراحة والاستجمام على ضفاف النيل، بعد نهار يوم غائظ، إذ يكتظ شارع النيل بمدينتي الخرطوم وأم درمان بالعائلات.

وكذلك في مدن ولاية الجزيرة المحازية للنيل، ودائماً ما يعقب الإفطار جلسات الأنس مع احتساء أكواب القهوة (الجبنة)، فيما ينظم آخرون برامج ترفيهية مختصرة تتخللها النكات والضحكات في مواجهة النيل الذي هو متكـأ للبهجة وترياق للحياة.

ورغم الحرب التي حرمت سكان العاصمة الخرطوم والكثير من المدن الأخرى إلا أن السودانيين، لا سيما الذين لجأوا إلى مصر وغيرها من دول الجوار، حاولوا خلق أجواء مماثلة لتلك التي كانوا يعايشونها في شوارع أم درمان، على أمل ألا تطول سنوات منفاهم الإجباري، وأن ينقضي رمضان، وهم في طريق عودتهم إلى الديار.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..