بريطانيا تخرج من الإتحاد الأوربي وتدخل في تحديات جديدة
بما ان الطيب يرى كل الناس طيبين فأن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني افترض ان البريطانيون أو أغلبهم مع البقاء في الإتحاد الاوربي . لم يتصور ان يصوت البريطانيون للخروج. ارتكب خطأ كبيرا بموافقته – في حالة إعاة ترشيحه – على إجراء استفتاء عن مستقبل بريطانيا في الإتحاد الأوربي.أخطأ ثانية حين لم ينظر إلي ما وراء اللنديين المنفتحين . كان هنالك غيرهم من من لهم نظرة مختلفة .
التصويت جاء بنتيجة.9 51% مقابل 48.1% صوت سبعة عشر مليون لصالح الخروج بفارق مليون واحد وبعد ثلاثة واربعين سنة تقرر بريطانيا الخروج من الإتحاد الأوربي . نتيجة فاجأت الكثيرين واولهم رئيس الوزراء الذي قدم استقالته .
صدمةأعقبها ارتفاع المطالبات بإنفصال اسكتلندا عن بريطانيا والبقاء في الإتحاد الأوربي. بريطانيا مكونة من انجلترا واسكتلندا وويلز وآيرلند االشمالية. وفقدان الجنيه الإسترليني القوي لخمس قيمته.
بالنسبة لمن صوتوا للخروج فإن فقدان الجنيه بعض قيمته افضل لهم- بحسب رؤيتهم – من ان يفقدوا بعض خصوصيتهم.
اصوات الشباب تفضل البقاء. فهم يرون فرصا متزايدة في الإتحاد الأوربي الكبير بينما قررت اصوات كبار السن الخروج- اوربا بصفة عامة اكثر سكانها كبار سن. العقلية التقليدية تخاف من التغييروتتردد كثيرا قبل ان تؤيده حتى لو اتى في صالحها.
يرى التقليديون الحفاظ على بريطانيا بتاريخها وعملتها و تقاليدها العريقة. يميل المحافظ إلى التشكيك في نوايا الآخر. ومن ثم بناء ردود أفعال وفق لذلك قد لا تكون ودية. بينما يميل المنفتح على الآخرين للحوار بصبر والبحث عن حلول ودية للخلافات. تساعده قدرته على المبادرة والجرأة الإبتكار بعكس المنزو المتقوقع المتشكك الذي ينظر لكل ماهو جديد بحذرشديد. المحافظون بصفة عامة تقلديون يخافون التغييير.بينما العمال والشباب اكثر حداثة ونزعة للمبادرة والبحث عن فرص جدية.
وفي الحقيقة فإن تكوين بريطانيا الجغرافي نفسه يشير إلى استقلالية بحكم كونها جزيرة منعزلة عن العالم. حتى عندما قبلت بعد مفاوضات شاقة للإنضمام تمسكت بالإحتفاظ بعملتها بدلا من التخلى عنها والتعامل باليور كما فعلت دول الإتحاد الأوربي.
رفضت ان تكو العمل بتاشيرة شنقن التي تعطي لحاملها التجول في كل اوربا.وحتى ما يربطها بأوربا نفق مخبأ تحت البحر.
الإتحا الأوربي ليس كيانا مثالي . ليس كل الدول الأوربية قوية وغنية ومتقدمة. هنالك بالتأكيد وجهات نظر مختلفةفي العديد من القضايا. قضية الهجرة المتفجرة أخير ليست إلا واحدة منها. هنالك قضايا الإرهاب وكيفية التعامل معه. وهنالك مسألة تعثر أقتصاديات بعض أعضاء الإتحاد .هنالك دول تعاني من ازمات مالية حادة كاليونان . ويتوجب على الإتحاد الاوربي دعمها حتى تتجاوز ازمتها. كما يعمل الإتحاد لإستيعاب دول اخرى تحتاج إلى هيكلة وربما إعادة تأهيل.
لكن بقاء الدولة مهما كانت قوية في كيان اكبرله مزايا عديدة . ويكفي ان الإتحاد السوفيتي السابق ظل ند لأمريكا لعقود طويلة ابتداء من جذب الحلفاء وتجيير دول العالم وسباق التسلح وغزو الفضاء وحتى التنافس القوي في الأولمبياد. هذا ما تحاول روسيا المحافظة عليه الآن رغم فقدانها للعديد من اراضيها. فقد استقلت العديد من الجمهوريات السوفيتيه وانضمت للإتحاد الاوربي.
والقوة هي في صالح المتحدين حيث تتوجه طاقاتهم لدفع عجلات المركبة للتقدم بينما الجهود المتنافرة في تضادها تبقي المركبة في مكانها دفعا او جذبا وربما مزقتها. هنالك الكثير من الإشكالات وحتى النزاعات التي كانت تحل داخل اروقة الإتحاد الأوربي.مثل التي تنشا بين المزارعين من دعومات بعض دول الإتحاد مما يؤثر في الأسعار وعدالة فرص التسويق واشكالات العبور والضرائب وغيرها. لكن بخروج بريطانيا يتعين عليها التفاوض بين دول لكل منها استقلالها ومصالحها.
المانيا هدمت جدار برلين وتوحدت واحتضنت المانيا الغربية شقيتها الشرقية التي انهكتها الإشتراكية وافقرتها. والآن المانيا موحدة قوية تقود الإتحاد الأوربي.
في العالم العربي فإن سبع امارات صغيرة تنازلت عن بعض سيادتها لصالح اتحاد كبير. وهذا الإتحاد منحها قوة .حصنها من تهورات الحكام واطماع الجيران .منحها مزايا تفضيلية عديدة . كل هذا جعلها دولة الإمارات العربية دولة متقدمة ومركو تجاري جاذب ورقم عالمي هام. وهو امر ربما كان يصعب تحقيقه لو ظلت امارات صغيرة قد تتوافق بعضها وقد لا تتوافق. بينما العراق الذي كان موحد وقوي و متقدم. يرقد فوق ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم .ويرتكز على تاريخ عريق. نجد عراق اليوم يتمزق الآن بصورة محزنة بين سنة وشيعة واكراد كل يريد دولته المستقلة.
في السودان بالتصويت ايضا انشطر السودان الكبير إلى دولتين تعاني احدها من ازمة اقتصادية حادة وتعاني الأخري حرب داخلية شرسة. الكثير من السودانيين يصعب عليهم التعامل مع الخريطة الجديدة. الناظر للخريطة الجديدة يخال الحدود الجنوبية تنزف. وهو أمر يعززه الواقع المعيشي الصعب لمواطني الدولتين والتردي الكبير في كثير من مرافقهما.
امريكا نفسها هي واحد وخمسين دولة متحدة . لكنها هذه الولايات اعطت الكثير من صلاحياتها للإتحاد الفدرالي . والآن امريكا دولة عظمى تقود العالم بفضل اتحاد كادت ان تعصف به حرب اهليه قبل مئتين عام
ربما جاءت هذ النتيجة في صالح امريكا. فالإتحاد الأوربي بقيادة المانيا وفرنسا له رأي في ما يخص سياساتها في الشرق الأوسط وباقي العالم. أو على الأقل لا يوافقها في عدد من القضايا. الإتحاد الأوربي مع روسيا والصين كان يقلل من فعالية السياسات والطموحات الامريكية. بينما بريطانيا المستقلة يمكن ان تتوافق في كثير من الأمور مع امريكا كما تبدو خيار ممتاز لأمريكا فهي من جهة ثقل اقتصادي وتاريخي وأدبي كبير كما ان عملتها تناطح الدولار واليورو. وهي كدولة لها ارث معنوي في دول كثيرة في العالم بحكم علاقاتها المتواصلة مع مستعمراتها السابقة. ويكفي ان العالم يتكلم الإنجليزية لغة اولى.
بخروج بريطانيا تزيد فرص امريكا في المزيد من الهيمنة . بوجود دولة قوية مثل بريطانيا تدعم سياساتها . حليف قوى في المنصات الدولية. وخيار راجح في المجال التجاري الذي يقوم على التنافس الحر. بريطانيا داخل الإتحاد الأوربي هي دولة من سبعة وعشرين دولة بينما خارج الإتحاد هي دولة لها حريتها في التعامل مع من تريد سياسيا و تجاريا. وهو أمر له جانبين.
في السابق مالت بريطانيا في عهد تاتشر المرأة الحديدية نحو امريكا . وربما كان السبب هو تشابه انفي تاتشر وريقان الرئيس الامريكي الأسبق .لكن ارتماء بريطانيا في احضان امريكا جاء رغم انوف الكثيرين من البريطانيين .وهو امر لم ينساه البريطانيون رغم انهم حققوا بعض المكاسب من هذا التقارب الشديد مع امريكا. لكن ريقان ارسل الاسطول الأمريكي آلاف الأميال عبر االمحيطات. ضرب ليبيا في الثمانينات لإختلاف حول مدى المياه الإقليمية في خليج سرت. وارسلت تاتشر الأسطول البريطاني آلاف الأميال لحرب الأرجنتين اثر نزاع حول جز فوكلاند. واتخذت سياسات اضرت بالعمال في بريطانيا.
امريكا عادة ما تكون عدائية تحت رئيس جمهوري. ومعظم حروبها يبدؤها الجمهوريون و يطفؤها الديمقراطيون. هولاء يرسلون الجيوش وأولئك يسحبونها.الجمهوريون محافظون على طريقتهم .ولهذا فإن العالم يجب ان يتحسب لبعض التهور حال فوز ترامب. وفي ظهور رئيس وزراء بريطاني -في ظل اجواء هذا الخروج من الإتحاد الأوربي – ربما لا يكون مثل كاميرون المتفهم.
قرار الخروج ربما تندم عليه بريطانيا فقد كانت اكثر قوة بالإتحاد. تركها الإتحاد تتعامل بالأسترليني بينما دوله تنازلت عن عملاتها وتعاملت باليورو بما فيها المانيا صاحبة المارك القوي. وسمحت لها بالبقاء خارج تأشيرة الشنقن التي تتيح لحاملها التجول في كل اوربا. ولديها العديد من رعاياه يعملون في الإتحاد الأوربي كما كان يمكنها تمرير الكثير من اجندتها مستفيدة من مظلة الإتحاد الأوربي.. يتيح مزايا عديدة في الحركة والإستثمار وفرص عمل عديدة وحرية الحركة وتأسيس الأعمال والإنفتاح على ثقافات اخرى.نقل الخبرات بحرية اكثر وبمرونة. بدلا عن التقوقع في مكان واحد. يكفي ان نعلم ان الشباب – وهم عادة الأكثر مبادرة – هم الذين يريدون البقاء في الإتحاد. دولة واحدة مهما كانت قوية لن تكون اقوى من اتحاد فيه سبعة وعشرين دولة هي نفسها واحدة منها.ولا ننسى ان سياسة )فرّق تسُد( Divide& Rule هي التي ساعدت بريطانيا في ان تكون اكبردولة استعمارية في السابق.
بريطانيا الآن تواجهها تحديات كثيرة منها الإسراع في تهدئة افراد العائلة الذين أغضبتهم بخروجها المفاجئ بعد ان اعطوها خصوصية وقدروا وضعها. الآن عليهم بذل الكثير من الوقت والموارد في توفيق الاوضاع عبر المناقشات والتعديلات القانوية وغيرها من الأمور. لا يبدو ان احد كان مستعد لهذا الخروج بما في ذلك من فازوا .
كما تواجه بريطانيا مهمة توفيق اوضاع الكثير من مواطنيها المنتشرين في الإتحاد الأوربي وتوفيق اوضاع الأوربيين في اراضيها. التعامل مع العالم الخارجي بصورة منفصلة ومعالجة آثار خروجها غير المتوقع على عملتها واقتصادها واستثماراتها الداخلية والخارجية. والاخطر مواجهة التشظي.هنالك اصوات تطالب بالإستقلال مثل اسكتلندا التي صوتت لصالح البقاء في الإتحاد الأوربي.
وبالنظر للجانب الآخر ربما كان في وجود بريطانيا المستقلة مرونة اكثر في علاقاتها مع الدولة الأخرى.حرية اكبر في اتخاذ القرارات.
من يدري ربما تستطيع بريطانيا أن تقدم للعالم وهي خارج الإتحاد الأوربي اكثر مما لو كانت داخله.
قد يكون هذا هوالتحدي الجديد الذي يتعين عليها خوضه .
الاخ الكريم / منير — لك التحية– بريطانيا لاتعدم الحيل والافكار ستسمع قريبا تكوين تحالفات اقتصادية في افريقيا واسيا بين رساميل بريطانية وموارد محلية افريقية واسيوية وسيتوهج الق دول الكمونولث وستبرز أفكار ترعي مصالح بريطانيا فالديمقراطية واثراء الرأي بالرأي الاخر يحقق أمانة وعدل في الحكم وذلك اساس الحكم الرشيد الذي ينشده عندنا الاسلام ونفتقده نحن المسلمون في السودان الذين تشيعنا بأفكار حسن البنا واجتهادات الترابي ومفردات نافع وتسرب الوطن منا ولم نعد نعرف شيئا عن العدالة والامانة بيننا ( سعلوة).