مقالات سياسية

راسي ( كبَس)، مسحتُ 6 أصفار، صار سكان السودان 35 نسمة فقط!

? لقد استعبدَنا الحاسوب بعد أن سلمنا أمرنا له حتى في القيام بأبسط عمليات الجمع و الطرح و الضرب.. و نثق في الأرقم المعطاة، و قد تكون غير مطابقة مع المنطق..
? العيب ليس في الحاسوب، لكنه في الاعتماد عليه و دون تدقيق للأرقام قبل أن ( نلقمه) إياها! إنه لن يعطيك أي مخرجات سوى ناتج مدخلاتك.. و كبسة الرأس عدوة للمنطق و للأرقام عند التعاطي مع البشر، مع أن الأخذ و الرد يحسمان النقاش في هذا الحالة.. أما عند تعاطيك مع الحاسوب ( الدلدول)، و أنت في حالة ( كبسة رأس) و الجزم بصواب رؤيتك للأشياء التي تطرح نفسها في مخيلتك فتلقم الحاسوب إياها، ليأتيك بالناتج و أنت في حالة ( قَفْلة) تامة..
? أعتقد أنني تعاملت مع الرقم 35 مليون سوداني بشكل يضحك حيث ألقمت الحاسوب الرقم بدون أصفار! كان السبب ( قفلة) عاتية.. ذكرتني الآن بحادثة كبسة الرأس التي حدثت لي في زمان غابر..
? قال لنا بروفيسير/ باراساد أستاذ الرياضيات الاقتصادية و المنطق بجامعة الخرطوم، قبل امتحان النقل من السنة الثانية ( اقتصاد) إلى السنة الثالثة أنه سيضع الامتحان من 7 أسئلة.. و أن من يحل الأسئلة السبع كاملة حلاً صحيحاً سوف ينال 140 درجة من مائة.. و تُخصم ال 40 درجة لتُضاف إلى الدرجات التي ينالها الطالب في مادة المنطق..!
? كنت- دون ادعاء- أحد المبرزين في الرياضيات.. فانتويت الحصول على النمرة الكاملة بالإضافة إلى ال 40 درجة الاضافية.. لم أنَم عصر ذاك اليوم.. إذ بدأت المذاكرة بجدية شديدة في الساعة الرابعة عصراً.. و واصلت حتى موعد الامتحان!
? فتحتُ ورقة الأسئلة.. بدأتْ المراوح الكبيرة، داخل قاعة الامتحانات، تردد مقطعاً من أغنية الكابلي :- ” قتيلك قالت أيهمو.. قالت قالت أيهمو.. فإنهمو كثر!” و الأرقام تختفي وتعود لتتداخل مع غيرها داخل الورقة طوال الوقت.. رفعتُ رأسي لأجمع شتات الأرقام فيه هوناً ما، فإذا بإحدى الزميلات ترفع رأسها في نفس اللحظة و ترمقني بعيون مخيفة..! عدت مسرعاً إلى ورقة الأسئلة.. و المراوح تردد مقطع أغنية الكابلي دون توقف.. ” قتيلك قالت……”، قلتُ لنفسي ” دعينا نغادر هذا المكان!” قلتها بالانجليزية (Let us get out of here! ).. قمتُ متثاقلاً من الكرسي.. حملتُ كراسة الأجوبة و سلمتها بما لها و ما عليها.. و خرجتُ من القاعة..
? سافرت في الاجازة الصيفية.. لم أفتح صفحة أي كتاب رياضيات و لم أراجع كشكول المحاضرات طوال أيام الاجازة.. و عدتُ مبكراً إلى ( البركس) للإعداد لامتحان الملحق.. لم أقرأ كثيراً في الداخلية.. و جاء يوم الامتحان.. و عند الباب التقيت البروفيسير/ باراساد، حييته.. طمأنني قائلاً:- سوف تنجح يا ولدي.. سوف تنجح! (You will pass, my boy, You will pass ! ).. و نجحت..
? لم تكن مشكلتي هي النجاح أصلاً، بل كان هاجسي الأكبر هو عدم قبولي بقسم ( الاقتصاد البحت) حيث لا مكان فيه للطلبة الذين سقطوا في الرياضيات أولاً.. ثم اجتازوا الملحق.. و مع ذلك فقد تم قبولي بذلك القسم.. و أعتقد أن للبروفيسير/ باراساد يدٌ في قبولي بذاك القسم..
? ما جرى لي مع امتحان الرياضيات في السنة الثانية اقتصاد بجامعة الخرطوم، أشبه بما جرى لي مع المقال الذي كتبته بعنوان: ( أنت سوداني؟ إذن، عليك لوحدك ديون تبلغ مليار و 250 مليون دولار!! )..
? بعد كتابة المقال، و قبل انتهاء منه، ساهرتُ حتى الفجر أقرأ عن الأصفار.. و أتابع كتاباً عن الخوارزمي، الذي يقال أنه هو من ابتدع رقم الصفر في عام 154 هجرية حيث كانت الأرقام تتوقف قبله عند الرقم 9.. عدت، بعد صلاة الفجر، إلى المقال أُدخل فيه بعض المعلومات..
? إستخدمت الحاسوب لقسمة مبلغ 45 مليار دولار على 35 بدلاً عن 35000000 سوداني، و جاء الحاصل مليار 285 مليون و نيف دولار اختصرته إلى مليار و 250 مليون دولار.. لم أفكر ملياً في الرقمين الذين أدخلتهما.. لذلك أخذت ناتج القسمة على علاته.. مؤمناً بعبقرية الحاسوب دون التفكير في ماذا أدخلتُ فيه..
? ألغى الحاسوب و الحاسبات الآلية جزءاً غير يسير من النشاط الطبيعي لأدمغتنا.. صرنا لا نتعامل في حل أسهل العمليات إلا بالاستعانة باللجوء إلى الهواتف الذكية أو الحاسوب و ما إليهما..
? و مع ذلك، فإن عدم وضع ستة أصفار على يمين الرقم 35 لا يلغي حقيقةَ أن نظام ( الانقاذ) حمَّل كلاً منا ديوناً أكبر من أحجامنا.. و هو يدخلنا في متاهات القروض و رهن أراضي بلدنا بأبخث الأثمان.. على مدى أطول الأزمان..
? و حكاية الصفر يمين الواحد في عالم الارقام حكاية لا نهائية، بالعشرة و تمر بالمليون و المليار و التريليون و الكوادريليون و هلمجرا..
? و شَرَه نظام الانقاذ للاقتراض باسم السودان و السودانيين شرهُ لا نهائي.. و رهن أراضينا للمقرضين لا يتوقف.. أيها السودانيون.. و لن يتوقف إلا بانتفاضة جارفة لكل من المقترضين العابثين و كل القارضين لإمكانات السودان الاقتصادية المتاحة..
? أيها الناس، قوموا إلى انتفاضتكم بعون الباطش القهار، فقد انتظرتكم الانتفاضة كثيراً!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عزيزي كاتب المقال :

    لم كل هذا العنت وقد كان يكفيك كتابة سطرين فقط اعتذارا” عن خطئك الذي سارت به الاسافير ، وما ذنب الحاسوب اذا غذيته بمعلومة خاطئة واعطاك النتيجة الخاطئة ؟؟ وهل نحن بحاجة الى ان نعرف نباهتك وشطارتك في الرياضيات عندما كنت بالجامعة ويدرسك مستر فلان وتحكي لنا عن (المراوح) التي تغني ، وعن زميلتك بالجامعة التي كانت تشاركك الاستماع لغناء (المراوح)، وسهرك المضني في القراءة عن الاصفار وافادتنا بان الخوارزمي هو من اخترع الصفر وانك قد صليت الفجر ثم عدت لكتابة المقال ، ولانك كنت مرهقا” فقد (ألقمت) الكمبيوتر رقما” دون اضافة الاصفار مما ادى الى النتيجة الخاطئة والى آخر هذا الموال الممل الذي لا يستفيد القارئ منه شيئا، وكان سيراك كبيرا” باعتذارك فقط .

    اما ما يؤلم بحق فهو اتلافك للشعر الذي كان يتغنى به الكابلى والذي قلت ان (المراوح) كانت تردده ، فهذا البيت سيدي هو من قصيدة ابي فراس الحمداني الذائعة الصيت والتي كانت تدرس في منهج الثانوي والتي مطلعها :

    اراك عصي الدمع شيمتك الصبر ،، اما للهوى نهي عليك ولا امر ؟
    اما شطر البيت الذي اوردته من غناء (المراوح )، بعد ان احدثت به تلفا” عميقا”، فقد ورد كما يلي :

    تسائلني من انت ؟؟ وهي عليمة ،،، وهل بفتى مثلي على حاله نكر ؟
    فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ،،، (قتيلك)، قالت : أيهم ،،فهم كثر !
    (وذلك بالسكون على الميم في أيهم ، وضمة اختيارية على الميم في (فهم) التي استبدلها بكلمة “انهمو”).

    ولذلك لا يجوز ان تقول (أيهمو) بدلا” عن (أيهم) ولا ان تقول (انهمو) بدلا” عن (فهم) والا لاختل وزن البيت ، وهذا ما فعلته مكررا” حتى جعلت الخليل بن احمد يتململ في قبره.
    هذا ولك محبتي واحترامي .

    خروج :

    اعزاؤنا (بعض) كتاب الراكوبة ،، قليلا” من الاحترام للقراء،،وقليلا” من غناء (المراوح ) ، فان كان لا بد ،، فالتزموا اوزان الشعر ، خاصة ان كان لابي فراس وامثاله،، كي لا يحدث لنا (تلبك) في الاحاسيس.

  2. الأستاذ عثمان محمد حسن لا تثريب عليك وجل من لا يسهو واذكر حادثة حصلت في ادراج مبلغ بواسطة احد برامج الحاسوب المعروفة وكان المبلغ 5 مليون وبضعة آلاف وظهرت القيمة خطا بسبب موضع الفاصلة العشرية فظهر المبلغ 57 مليون وبضعة آلاف ولم ينتبه احد لذلك الخطأ حتى تنبه له احد المحاسبين وكاد يغشى عليه من هول المبلغ ولكن جات العواقب سليمة وافلتنا منها

    تحياتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..