مقالات سياسية

بعد فات الأوان .. ياعلي عثمان تريد العودة ؟

اليكم هذه القصة .. التي تشابه عودة علي عثمان محمد طه المحتملة للقصر ..
كان الضابط يكتب قصيدة حب لزوجته وهو يواجه جيوش النازي . ولم يكن يعلم الضابط الإنجليزي وهو يكتب سطور رسالته إنها ستصل متأخرة .. ربما تصور أن تصل بعد أسبوع أو أسبوعين أو بعد شهر على أكثر الإحتمالات أمام ظروف الحرب .. ومات الضابط ولم تصل الرسالة وإن كان قد وصل إلى زوجته خبر وفاته في الحرب وبعد 50 عاما وأثناء رحيل القوات الروسيه من ألمانيا في تسعينات القرن الماضي عثر أحد الجنود على بعض الأوراق القديمه وكان من بينها رسالة الضابط إلى زوجته .
وتلقت الزوجه الرساله بعد خمسين عاما من كتابتها وكانت قد تجاوزت الخامسه والسبعين من عمرها والغريب أن هناك أشياء كثيرة تصل متأخرة بعض الوقت .. إننا قد نجد حلما قد تأخر .. أو غاية جاءت بعد فات الأوان ولكن أن تصل الرسالة بعد خمسين عاما فهذه مصادفة غريبه بعض الناس يسعى إلى حلم من الأحلام ويحاول أن يجد له أي طريق ولكن الحلم يخونه مرة ومرتين وفجأة يظهر الحلم من جديد ويبدو واقعا .. وهنا يشعر الإنسان أن الحلم جاء متأخرا وربما تأخر عاما أو أكثر ولكن الأشياء تكتسب معنى وإحساسا خاصا حينما تجئ في وقتها .. ما قيمة أن يجد الإنسان الحب وهو يعيش خريف عمره فلا هو قادر على العطاء .. ولا هو قادر على أن يعيش اللحظة التي تمناها يوما في شبابه .
ماقيمة أن نكسب المال .. وأن قيمته الأساسيه أن نجد معه المتعه والسعادة ولكن إذا جاءنا المال ونحن لا نريده ولا نستطيع أن نفعل به شيئا خسرنا معه الإحساس وخسر معنا القيمه .
كان من الممكن أن تكون الرسالة التي تلقتها السيدة العجوز قمة السعادة بالنسبة لها لو إكتشفت أن زوجها مازال حيا .. وأنه سيعود إليها وهو يحمل سنوات عمره الطويل .
لكن الرسالة أشعلت في الرماد بعض النيران في ليلة شتاء طويلة وسرعان ماخفت كل شئ
ماقيمة أن نجد النجاح إذا فرضنا سيكون هناك نجاح بعودة علي عثمان إلى القصر بعد أن أفنى عمره كله في سراديب الفشل والإخفاق ودمار الدولة ؟
.. إن النجاح إحساس جميل ولكن بشرط واحد أن يأتي في الوقت المناسب فوقت النجاح ياعلي كان قبل إنفصال الجنوب وقبل دمار الدوله . ربما ستكون عودتك في قمة السعادة لو كان قدمت للوطن عملا وطنيا واحدا كإبقاء الجنوب في حضن الوطن كان سيذكرك به التاريخ لخرج كل الشعب مطالبا بعودتك , وقمة السعادة في عودتك لو أن الإنقاذ مازالت حية أو لو كان عودتك ستعيد للدولة حيويتها ومكانتها إقليميا ودوليا لكنك عدت والدولة ماتت وشيعتها الإنقاذ إلى مثواها الآخير وأنت من أكبر المساهمين في جريمة موتها .. فلا توجد دولة أصلا , توجد عصابات دمرت وسرقت ونهبت وقتلت …فعودتك غير مجدية أرجع من حيث أتيت فالضرب على الميت حرام ياعلي …
ماذا ستفعل عودتك بعد أن دمرت الخدمة المدنية تحت إشرافك بسياسة التمكين وهاجرت الكوادر النيره وتم إستبدال الذي أدنى بالذي هو خير حتى وصلت الخدمة المدنية إلى أسوى مرحلها ؟ ماذا ستفعل عودتك بعد أن تم تدمير التعليم الذي نهضت به أمم سبقناها علما وإدارة ونتفوقها مواردا كماليزيا وسنغافوره ورواندا وأثيوبيا ؟ ماذا ستفعل عودتك ياعلي بعد أن قمت أنت وبإشرافك بتدمير مشروع الجزيرة كأكبر مشروع مروي إنسيابيا في العالم فأصبح صحراء قاحلة ؟ والآن أبشرك تم بيع 800 فدان منه إلى الصين كإستحقاق قروض لم يتم سدادها بعد أن حان وقتها … ماذا ستفعل عودتك بعد أن إستأثر المؤتمر الوطني بكل مفاصل الدولة وبأجهل الكوادر وإستحل المال العام والحجر والبشر تنكيلا وتعذيبا لكل من يخالفه الرأي أو يتحدث عن الفساد الذي أصبح له لسان وشفتين ؟ .. ماذا ستفعل عودتك للمواطن الضعيف المريض بالسرطان والكبد والفشل الكلوي بسبب ما تم إستجلابه بحاويات الموت التي أتى بها ضعفاء النفوس الذين وليتموهم أمرنا وتخرجوا من مدارسكم وعقولكم الخربة ؟
أما عن القصر ياعلي الذي تريد العودة إليه لم يكن كما تركته لقد أسكنه الله أخطبوطا يبطش يمنى ويسرى (صوفي وختمي زاهد الدنيا !!! ) لكنه لم يترك مالا ولا متعة من متاع الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا إنقض عليها …وبإسم الشعب والوطن نهب هذا الأخطبوط الذي ظهر فجأة في ليلة حالكة الظلام ووسط دهشة كل الحاضرين وليس المغيبين نهب الأراضي والهبات بالملايين حتى تخطى حدود الوطن .
إن عودتك يا علي كخطاب هذا الضابط الإنجليزي إلى زوجته العجوز فأشعلت في الرماد بعض النيران في ليلة شتاء طويلة وسرعان ماخفت كل شئ .
حسبنا الله ونعم الوكيل

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..