مقالات سياسية

تااااني يا حاج آدم؟!.. تاني جيت تهترش..؟! إخجل!

أتعرف يا حاج آدم لماذا أدافع عن هذا الشعب بناجزيَّ و قلمي؟ إنه الحب الكبير و التقدير العظيم و الاحترام الشديد لهذا الشعب الكريم الذي رعاني منذ المدرسة الأولية و كان عمري 7 سنوات.. و هناك بدأ يمدني بألواح الأردواز و الطين الصلصال.. و بالكتب المقررة في المنهج و كتب المكتبة و الكراسات و أقلام الرصاص و الريشة و المحبرة و الحِبر.. و حين بلغ عمري 11 عاما و دخلت المدرسة الوسطى البعيدة عن مدينتي، آواني في الداخلية بكل ملتزمات الداخلية.. و تكفل بإطعامي و جهز لي ماء الشرب و زاد من إغداق الكتب و الكراسات علي.. و ما بخل يوماً في أمر تربيتي الذهنية و البدنية.. و لا تراخى عن زرع حب الوطن في قلبي..
و دخلت المدرسة الثانوية فزاد عطاؤه فوق ما كنت أتصور.. داخليات بها جميع أسباب الرفاهية المصاحبة للتعليم الجاد جداً.. و طعام فيه كل ما تشتهي الأنفس.. طعام لم يكن معظمنا يحلم بالحصول عليه في بيته.. فواكه و حلو و…. و بعضنا لم ير التفاحة في حياته و فاجأته في سفرة الداخلية مهيأة في اغراء.. و يضيق المقال عن ذكر كل العطاء الذي كان مبذولاً لنا في داخليات المدارس الثانوية.. لكني أذكر التربية الوطنية و العسكرية ( الكديت) و كان من ضمن التربية العسكرية أن يقطع تلاميذ السنة الثانية إجازاتهم للحضور إلى معسكر تدريب يقام لمدة شهر و لا زلت أذكر تلك الأهزوجة الطريفة:- ” بك نحمي الحمى يا كديت، رغم تعبك برضي ليكا جيت.. النار يا كديتي متى انتهاك….. عمي شداد حلف اليمين: تجي ترجع بيتكم سمين.. النار يا كديتي متى انتهاك؟! قلنا نلقى الحلو زادوا فيه و كتَّروه.. جيت لقيتم يوم غيبوه.. النار يا كديتي متى انتهاك؟!..”
كانت(النار يا كديتي متى انتهاك؟!) تمثل صراع النفس بين أداء الواجب و بين العودة السريعة إلى الأهل لقضاء بقية أيام الاجازة وسطهم.. يا حليل ناس طقت ” دوام بطراهم!”
أما في الجامعة، فحدث عن الداخليات التي أسماها النميري فنادق الخمس نجوم.. إذ كان للفرد منا سريران أحدهما داخل الغرفة، و الآخر في الفناء.. و كان الفرد منا يأكل ما يشاء في سفرةٍ بها من الطعام الشهي الكثير.. تأكل أي كمية تشاء و تشرب من اللبن أي كمية تشاء.. و لا حاجز يقف بينك و بين ما تريد في السفرة.. و قبل هذا، و فوق هذا، يأتي الطالب من إجازته ليتسلم نثرية مريحة ( بيرسري) لشراء احتياجاته من ملابس و غيرها.. و يتسلم مبلغ 150 جنيهاً كل شهر مصروفاً للجيب..
ياخي!
كنتم شركاء لنا في المدارس و الجامعة يا حاج آدم.. و أعطاكم هذا الشعب ما أعطانا من كريم العطايا في قاعات المحاضرات و في الداخليات بكل متطلبات الراحة التي كانت فيها.. و أموالاً تعينكم على مواصلة التعليم دون تشويش.. لكنكم جاحدون.. عاقون.. ناكرون لجميل الشعب.. و قد ذبحتم أول ما ذبحتم مشروع الجزيرة البقرة الحلوب التي كانت تمد الشعب بكل احتياجاته البسيطة و تمدنا، و أنتم معنا، بكل متطلبات التعليم الراقي..
إخجل يا حاج آدم.. إخجل.. راجع نفسك قبل أن تطالب بما يثقل كاهل الشعب مرة أخرى كما طالبته بتحرير العملية التعليمية في كافة مراحلها ابتداءً من الروضة إلى الجامعة و كما صرحت أنْ:- ” على القادرين أن يدفعوا ليتلقوا التعليم، أما الذين لا يستطيعون أن يدفعوا، فعليهم بالاتجاه لجهات كوزارة الأوقاف وديوان الزكاة أو الصناديق الحكومية..”
يبدو أنك نسَّاي، يا حاج آدم.. نساي جداً.. جداً و الله.. ما كلكم كده! تتنكرون لمن أحسن إليكم و تتطاولون عليه حين اغتنيتم من بعد فقر مدقع.. كلكم كده..! و نحن نعرفكم فرداً.. فرداً.. نعرفكم كما نعرف جوع بطوننا,,
أيها الناس، إن هؤلاء الذين يتبوأون قمة المجتمع و يتبجحون بهزيل القول و يتطاولون على الشعب كانوا يقفون في صف البيرسري انتظاراً لعطايا الشعب السوداني الكريم ليتعلموا أحسن تعليم متاح في العالم.. نعم أحسن تعليم متاح في العالم.. و لما نالوا ما نالوا من تعليم، نسوا الشعب، بل و أفقروه.. و أتوا، بعد افقاره، يطالبون من يريد أن يعلم أبناءه من الشعب أن يتوجه إلى الشحذة من دواوين حكومتهم التي لا تعطي إلا الشحيح من العطاء.. و حتى الشحيح من العطاء لا تعطيه إلا بعد بذل ماء الوجه و بعد خراج الروح..
إخجل يا حاج آدم!.. إخجل..! أنت مطالب بالكثير من الشعور بالخجل.. إخجل..! إخجلوا كلكم.. كلكم..! هذا إذا بقي لديكم شيئ من ضمير.. و إذا كانت النفس اللوامة تعرف الطريق إلى أسواقكم و منتدياتكم و اجتماعاتكم الماسونية و جزركم المعزولة عن الشعب الذي ابتلي بكم.. و ما زال صابراً على بلاويكم التي تأخذ شكلاً مخيفاً كل مرة توجهون كلمة إليه بقصد إقناعه بأفعالكم المذلة له..
إخجل يا حاج آدم!.. إخجل..!
و حسبنا الله و نعم الوكيل يا حاج آدم. حسبنا الله و نعم الوكيل.. و لا حول و لا قوة إلا بالله..!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا أستاذ عثمان. آدم لا يخجل .صدق الترابي عندما علم بالتحاقة بجماعة الحقير قال الله يلعن الفقر .

  2. الحاج آدم يعاني من عاهات نفسية مزمنة لم يجدي معها الثراء المتأخر الذي نزل عليه بالحرام، والسبب هو الفقر المدقع الذي كابده لسنين طويلة، فهو عندما يتحدث عن الصابونة والقميصين فإنما يعني نفسه.

  3. الحاج آدم يعاني من عاهات نفسية مزمنة لم يجدي معها الثراء المتأخر الذي نزل عليه بالحرام، والسبب هو الفقر المدقع الذي كابده لسنين طويلة، فهو عندما يتحدث عن الصابونة والقميصين فإنما يعني نفسه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..