منوعات

في الموت و”الموات” ..!

«الإنسان هو مجد العالم وسخريته ولغزه» .. ألكسندر بوب ..!

(1)
الموت انتحاراً على طريقة الهيرا كاري في اليابان ليس جريمة، بل صورة من صور ممارسة الحرية في تدليل الذات .. أن تملك كل شيء عندما تخسر كل شيء .. ولا عجب أن اليابان هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك طريقة انتحار رسمية مسجلة باسمها! .. أما الهندوس فيؤمنون بأن الولادة هي أم الشرور جميعا، فيتاخمون الموت على طريقة «بوذا» بالوصول إلى النرفانا وهي ? بحسبهم – حالة من الدخول في العدم الكلي، تخلص الأجساد من شرور الدنيا وأحزانها بعد الموت! .. لكن أكثر فلسفات الموت خشوعاً ونبلاً هي عند سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه تجاوز الخوف من الموت إلى الفزع من سوء العمل فالخاتمة، عندما تمنى لو أنه لم يخلق أبداً (ليت أم عمر لم تلد عمراً، ليتني كنت تبنة)..!
(2)
الإعلام العربي كان ــــ ولا يزال! ــــ يلعب على أوتار عاطفة الجماهير ويؤجج فيهم توق الإنسان الأزلي نحو مواقف البطولة والمجد، فبات الشارع العربي مصلوباً في وقفة إعزاز عظمى لأبطال الموت انتحاراً تحت شرفات الحكام والمسئولين، أو قاب قوسين أو أدنى من أبواب المعارضة الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع! .. الهوس الجماعي هو الذي صور بو عزيزي ? مطلق شرارة الثورة في تونس – بطلاً أكثر شجاعة من فرسان الخوارج لأنه قضى نحبه ولم ينتظر .. بينما هو في حقيقته مواطن مسكين، مغلوب على أمره، وقع ـــ مكرهاً لا بطل! ـــ في مصيدة الانفعال .. مثل ذلك الهوس يسلب المجتمعات المسلمة أعز مقومات تمايزها واستقلاليتها .. تلك الهستيريا الجماعية هي طبيعة المجتمع الإسرائيلي ذو الهوية الجماعية القاتمة، وهي ليست من صفات خير أمة أخرجت للناس ..!
(3)
الموت في المنهج الصوفي ليس نهاية، بقدر ما هو تغيير مكان وتبديل وجود، وفي تاريخ التمرد العسكري لا يقدم الموت أو يؤخر شيئاً في خطوات مشوار استراتيجي مرسوم سلفاً، طالما كانت القناعة بمشروعية الحرب أو حتمية السلام لا تقبل القسمة على قائد أوحد .. لكن تاريخ حركات التمرد ? في السودان – مع الموت، يؤكد أنه منعطف تاريخي يتمخض دوماً عن تعديل منهجي أو تغيير جذري ..الأحياء في السودان بعد موت الزعماء يشغلهم ـــ دوماً! ـــ طول وعرض وارتفاع تلك المسافة الفاصلة بين موت «الرموز» وحياة «الحركات» ..!
آخر لحظة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..