مقالات سياسية

أعاصير الحركة الشعبية

كثيرون يعتقدون أن الحركة الشعبية قطاع الشمال مختلفة وستكون أفضل من حركات دارفور بعد انفصال الجنوب باعتبار أنها أكثر نضجا وخرجت من رحم حركة سياسية كبيرة و مرت بتجارب كثيرة وأنها تملك إرثا سياسيا يجعلها قادرة على العبور وجذب الناس إليها خاصة في ظل فشل الأحزاب السياسية ، ولكن يبدو انهم قد أخطأوا التقدير فهي أيضا ماضية في طريق النهاية للأسباب نفسها التي أنهت حركات دارفور وجعلتها لقمة سائغة للحكومة ، مما يجعلنا نتوقع أن تكون هي أيضا مثالا للحركة الشعبية الأم التى ألقت بالجنوب إلى هاوية الصراعات والحروب.

يقول المثل ( السعيد بشوف في أخوه ) وما رأته الحركة الشعبية قطاع الشمال في حركات دارفور و الحركة الشعبية كان ينبغي أن يجعلها قادرة على أن تصنع لنفسها نموذجا مختلفا قادرا على تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها تلك الحركات ، ولكن ضيعت على نفسها فرصة ذهبية فهي لم تفهم الدروس ومضت في الطريق نفسه لتصبح صورة طبق الأصل من الحركة الشعبية الأم و حركات دارفور .. ومن شابه أمه وأخاه فما ظلم .

هذه الأيام تشهد الحركة الشعبية أحداثا عاصفة تعيد إلى الأذهان مسلسسل حركات دارفور التى بدأت بالسيناريو نفسه ، استقالات واتهامات ثم صراعات وانشقاقات قادتها إلى نهاية لا تتوافق مع انطلاقها وبعدما كانت تملأ العالم ضجيجا بدأت تغيب عن المشهد تدريجيا من أول عام لها إلى أن أصبحت مجرد مجموعات تبحث عن مناصب لدى المؤتمر الوطني الذي حملت السلاح ضده متهمة إياه بالظلم متذرعة بالحوار .

تفاصيل الصراع في حركات دارفور تتشابه إلى حد كبير مع تفاصيل صراع كامن ظلت تدور رحاه في الحركة الشعبية سرا ، ولكنها ظلت محافظة على تماسكها فترة من الزمن ويبدو أن الأمر (لِحِق الحد) ،إذ برزت إلى الواجهة تكتلات لها رؤى واتجاهات مختلفة لا تجد القبول عند القادة ، ومن ضمنها اتجاه يقبل بالتسوية وهو ما يرفضه الحلو ، وأصحاب هذا الاتجاه يئسوا من نضال مكلف وطويل ولا تظهر له نتائج أو بوادر نصر على حكومة المؤتمر الوطني التي أصبحت قادرة على (جرجرة ) الحركات المسلحة وتشتيتها واستقطابها ولأن الحركات هشة فالأمر يمضى فيها بسهولة .

أزمة حركات دارفور كانت تكمن في عجزها عن إيجاد رؤية مشتركة والاتفاق والالتفاف حول قيادة موحدة ثم القبلية وهي نفسها أزمة الحركة الشعبية الآن ، ويبدو أنها متلازمة تصيب الحركات المسلحة السودانية بالوراثة .

خلاصة القول أنني أعتقد أن إسقاط حكومة المؤتمر الوطني عبر السلاح قد ثبت فشله بالتجربة ، ابتداء من التجمع الديمقراطي ومرورا بحركات دارفور وانتهاءً بالحركة الشعبية التى بدأت تظهر عليها أعراض المتلازمة التي أصابت كل الحركات الأخرى وقريبا ستجد نفسها مجرد اسم وأشخاص معدودين ، خاصة وأن المجتمع الدولي بدأ يدعم فكرة التسوية السلمية فالأفضل لها أن (تلحق نفسها ) فهي أمام حالة تغيير ، وبغضّ النظر عن أي تفاصيل في ظرف السودان الحالي ، يستحق أن تراجع كل القوى السياسية المعارضة حساباتها وتبحث عن رؤية جديدة ومختلفة .

التيار

تعليق واحد

  1. يتحاسي كبار المحللين والكتاب الخوض في هذا الموضوع المبهم والغامض وما يعرف هو اقل من القليل في ظل تكتم الحركة الشديد فلا داعي للعجلة والشفقة والراس الخفيف

  2. يتحاسي كبار المحللين والكتاب الخوض في هذا الموضوع المبهم والغامض وما يعرف هو اقل من القليل في ظل تكتم الحركة الشديد فلا داعي للعجلة والشفقة والراس الخفيف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..