مقالات سياسية

جامعة المغتربين (2) (صراع المصالح)

طارق الأمين علي ادريس

إكمالا لما بدأته في مقالي السابق الذي نشرته صحيفتكم الغراء قبل اكثر من ( 20 ) يوما تحت عنوان جامعة المغتربين اهدار وضياع حقوق المؤسسين والذي كان بمثابة حجر كبير القي في بركة راكدة بدأ على اثرها حراك فاعل ضجت به جميع القروبات الخاصة بجامعة وشركة المغتربين وملاكها والشركة التي تتبع لها الجامعة كاسم عمل (الافاق) وهي أكثر من (10) تقريبا مابين مؤيد ومعارض وشد وجذب واتهامات متبادلة طغى عليها من الوهلة الاولى في تقديري تغليب عنصر المصلحة الشخصية ، وقد تمخض النقاش الدائر في القروبات عن تبين وجود مجموعتين في الوقت الراهن كل منها تدعي حرصها على حقوق مساهمي ومؤسسي الشركة التي تتبع لها الجامعة وفي الوقت ذاته تتهم وتدعي على الاخرى ومن ابرز محاور الخلاف التي تلمسناها من خلال النقاش موضوع الطرح والاكتتاب الاخير الذي اقرته الجمعية العمومية للشركة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية حيث ترى المجموعة الاولى أن هذا الطرح ركز كامل اسهم الشركة في  عدد (36) مؤسس فقط وأهدر حقوق صغار المساهمين وحرمهم من الاكتاب في هذه الاسهم ومكن هذه المجموعة من الاشخاص من السيطرة على الشركة المالكة للجامعة وبعضهم لم يسبق له المساهمة في الشركة حتى وان قيمة هذه الاسهم لم تسدد للشركة ، وهذه المجموعة كما ذكرت سابقا في مقالي الاول تمثلها ادارة الجامعة الحالية وبعض المؤسسين ولا أدري حقيقة ماذا يعنون بالهيمنة والسيطرة ؟ وهم موظفين في الجامعة بعضهم معين بعقود عمل ، وبعضهم عضو بمجلس الأمناء  حسب نظام الجامعة المجاز من التعليم العالي وانا حقيقية لا افهم ولا ارى اي سبب للتخوف من الهيمنة والسيطرة واتخاذ القرارات داخل مجلس أمناء الجامعة من الجهة المسيطرة الا اذا كانت ادارة الجامعة نفسها تسعى للهيمنة وتجاوز مجلس الامناء والتعدي على صلاحياته وبخلاف ذلك لايوجد مايضطر للخوف لأن مجلس الامناء هو الجهة صاحبة الصلاحية الحريصة على تطوير الجامعة علميا وماليا وادارياً.

اما المجموعة الثانية ويمثلها مجلس ادارة شركة المغتربين صاحبة الحصة الاكبر في شركة الافاق المالكة للجامعة وبالتالي العدد الاكبر في مجلس امناء الجامعة فتناهض ادعاء المجموعة الاولى بالقول ان الاكتتاب تم وفقا للضوابط القانونية واستوفى كل المتطلبات الخاصة بقانون سوق المال وقانون الشركات لعام 2015 وروعي فيه الاعلان الصحيح وصدر فيه قرار من سوق المال بصحته وتم شطب دعوى متعلقة بالتفتيش اقامتها ادارة الجامعة تقول المجموعة الأولى انها بالاستئناف  الا ان كل ماتقدم لم يرض المجموعة الاولى فبادرت برفع دعوى ضد الشركة المالكة لـنسبة 60ـ% في الافاق المالكة للجامعة لدى المحكمة التجارية بالخرطوم ضد شركة المغتربين طاعنة في موضوع الاكتتاب الاخير لاتزال قيد النظر امام المحكمة والكل يترقب الحكم النهائي الملزم للطرفين، والغريب في الامر ان من يمثل المدعين في هذه الدعوى ووكيلهم القانوني هو المستشار القانوني السابق للشركة المدعى عليها ، والاغرب والادهى وأمر كذلك ليس ان يتفاقم النزاع بالوصول للقضاء بين جهتين يفترض ان يكون بينهما تنسيق وتشاور وتعاون لتكامل وتماثل اهدافهما ورسالتهما وانهما يسعيان حسب زعمهما لتحقيق مصلحة المؤسسين وان كل جهة تدعي انها حريصة على ذلك بينما المؤسسين والملاك الحقيقيين اصحاب الفكرة والملكية ابعد مايكون عن ماتقدم وانهم الخاسر الاكبر الوحيد من هذا الصراع واللهث المحموم غير المتكافئ في تقديري ، والاغرب ايضا مبادرة ادارة الجامعة برفع القضايا على الشركة التي تعتبر الشريك الاكبر في الشركة المالكة للجامعة كاسم عمل والتي من المفترض ان تدير الجامعة عن طريق نسبتها في مجلس الامناء بالخلط الواضح وعدم التمييز بين صفتهم العلمية والوظيفية والادارية وبين صفاتهم كمؤسسين في الشركة المدعى عليها حيث تلاحظ وجود ازدواجية وخلط تام بين الموقع الوظيفي وصلاحيات مجلس الادارة.

لقد نسي الطرفين المتنازعين كما تجاهلت كل الادارات السابقة التي تعاقبت على ادارة شركة المغتربين قبل تاسيس شركة الافاق الجديدة المالكة الحالية لجامعة المغتربين كاسم عمل ان هناك ملاك للجامعة خلافهم ومؤسسين ومساهمين آخرين اقتطعوا من قوت عيالهم للمساهمة في الجامعة.

اسقطوا من حساباتهم ان هناك جمعية عمومية هي السلطة العليا في الشركة وهي من تقيلهم وتعزلهم وتحاسبهم ومن تصدر القرارات المتعلقة بالجامعة باعتبارهم يمثلون الحصة الاكبر في الشركة التي تتبع لها الجامعة كاسم عمل واصبح جل حديثهم وصراعهم بمبررات الحرص على حقوق المساهمين ان هناك من حصل على عدد 600 الف سهم وهناك من يملك 1800 سهم بينما الواقع خلاف ذلك تماماً.

تجاهلوا عمدا على امتداد أكثر من 12 سنة متصلة تغييب المؤسسين عمدا عن مايدور بالشركة بل ان بعض المؤسسين لم يسمع حتى بشركة الافاق كشركة مالكة للجامعة الا مؤخرا من خلال بعض القروبات الامر الذي تسبب في تعميق عدم الثقة وتطور الازمة واستفحالها بينهم وبين المؤسسين وبين ادارات الشركة المختلفة وعدم الثقة في ادارة الجامعة كذلك باعتبارها جزء لاينفصل عن المنظومة بمعيار الحوكمة والعلاقة بين الاطراف بالاضافة لخلق تصور حالة ذهنية عامة لدى المؤسسين تعمل على تضخيم الامور وتوحي بعدم امكانية الوصول الى المعالجة السليمة.

تجاهل الاطراف المتصارعين المتناحرين ان هناك مصفوفة ومنظومة متكاملة قانونية وادارية ومالية وفنية لاينبغي تجاوزها اذا ماارادوا لهذا العمل ان يكون عمل مؤسسي وشفاف وممنهج تبدأ من راس الهرم ممثلا في الملاك الجمعية العامة مرورا بمجلس الادارة انتهاء بالادارة التنفيذية وضرورة ان تكون هناك ايضا علاقة واضحة بين الجامعة ممثلة في مجلس أمنائها وبين الشركة المالكة لها ممثلة في مجلس ادارتها بشأن مايتعلق بالنواحي المالية والادارية والحسابات والمشاريع الاستثمارية اما الجانب العلمي والاكاديمي فهو من صميم اختصاص مجلس الأمناء.

لقد انصب جوهر الصراع كما بدى لنا من خلال ماضجت به القروبات مؤخرا في الاكتتاب الاخير ومقدار الاسهم المملوكة للمؤسسين وان بعضهم يمتلك 600000 سهم تعادل نصيب كافة صغار المساهمين مجتمعين وان الغرض من ذلك السيطرة على الشركة وبالتالي على مجلس الامناء في الجامعة وبالتالي على ايرادات الجامعة ومداخيلها واستثماراتها عن طريق الشركة التي يتتبع لها بينما تذهب المجموعة الاخرى الى ان هذا ماتسعى اليه بالفعل اخراج الجامعة من عباءة وسيطرة ادارتها الحالية وارجاعها الى ملاكها الحقيقيين وانهم على استعداد لاي محاسبة ومساءلة وان وجودهم في الشركة صاحبة الحصة الاكبر مصدر قوة لهم ويحقق مصلحة المؤسسين وان القضاء سيقول كلمته النهائية في موضوع الاكتتاب
والحقيقة انه يوجد خلط تام بين المجموعتين في الاجابة على السؤال هل الجامعة تابعة للشركة ؟ أم ان الشركة تابعة للجامعة ؟ وايهما تدفع للاخرى الشركة أم الجامعة؟

وهل للشركة موارد بخلاف الرسوم الجامعية المتحصلة من الجامعة التابعة لها كاسم عمل ؟ وهل الوضع الطبيعي ان تورد وتودع الرسوم الجامعية والاستثمارات الخاصة بالجامعة في حساب خاص بالجامعة تديره ادارة الجامعة ؟ ام ان الوضع القانوني والطبيعي ان يكون في حساب باسم الشركة التي تتبع لها الجامعة تتولى الصرف منه على بنود تشغيل وميزانية الجامعة حسب مايقرره مجلس أمنائها وبناء على توصيته؟

هل الوضع الطبيعي ان يكون القرار بيد الملاك ؟ أم بيد مدير الجامعة والعاملين بها ؟ بالاضافة لملاحظة عدم التفرقة والتوازن بين مستحقات ملاك الجامعة وبين المتطلبات الاكاديمية والعلمية وايهما الاولى بالرعاية ؟ وكيفية ايجاد الاتزان المطلوب ؟ هل الوضع الطبيعي ان يجنب مبلغ مليون دولار رسوم طلاب اجانب ويتم زيادة رواتب العاملين باثر رجعي بقرار من مدير الجامعة كما علمنا مؤخرا من خلال النقاش ؟ ام توزيع ارباح على ملاك الجامعة الذين لم توزع عليهم اية ارباح منذ العام 2007 ولو جنيه واحد ؟ وكل ذلك بالطبع سببه الصراع عديم الجدوى وغياب معايير الحوكمة التي تضبط وتنظم العلاقة بين الجامعة والشركة المالكة لها وهذا وضع يجب ان ينتهي فورا حرصا على حقوق الملاك والمساهمين.

ان قضيتنا المحورية والاساسية كصغار مؤسسين من مساهمتنا في الجامعة من خلال وعبر شركة المغتربين الشريك الاكبر في الشركة المالكة للجامعة هي استرداد حقوقنا ومراعاة مصالحنا ومحاسبة ومساءلة كل من اساء ادارة الشركة اعتبارا من تاريخ تأسيسها والقيام بالتفتيش القانوني المطلوب على الشركتين وعلى الجامعة من الجهات الرسمية المختصة ومراجعة سجل الحصص والتأكد من تكافؤها وعدالتها وان نحظى بارباح على الاقل وان تحقق الجامعة اهدافها في زيادة نسبة قبول ابنائنا كمغتربين بنسبة 70% مع تخفيض الرسوم الجامعية ولاعلاقة لنا البتة باي صراع مصالح لايستقيم او يتفق مع هذه الاغراض.

 طارق الأمين علي ادريس
[email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..