مقالات سياسية

أصوات من السجون

أصوات من السجون

قبل أيام قارنت حال سجوننا مع سجون أخرى وصلت إلى درجة أنها تمنح مساجينها الفرصة ليتواصلوا مع العالم، في الوقت الذي ما زالت فيه سجوننا تمنع استخدام التلفون ليتواصل السجناء مع أهلهم. ويبدو أن هذا الموضوع مؤثر جداً على نفسيات السجناء، فقد وصلتني اتصالات كثيرة يطلبون مني مناشدة المسؤولين بحل هذا الإشكال، وأعتقد أن الموضوع يحتاج إلى إعادة وإدارة السجون يجب أن تكون كلها نظر، فالحياة أصبحت مقلقة وتحتاج إلى أن يكون الإنسان على تواصل مع أهله باستمرار وهذا حرمان قاتل له ما بعده.

قبل عدة أيام مدير الإدارة العامة للإصلاح والسجون اللواء ?حاتم النور?، قال إنهم يحملون السجناء على أكتافهم وإنه لا يوجد تعذيب في السجون، ونحن نقول له إن الإحساس بالقهر أسوأ أنواع التعذيب.

شكوى ثانية من سجناء سجن كوبر تحديداً وهي أنهم يعانون من الجلوس على الأرض أثناء التمام، فبعض منهم كبار سن وبعض يعاني من البواسير هذا إضافة إلى أن الأرض صلبة والجلوس عليها مدة طويلة سبب للكثيرين مشاكل صحية، رغم أنه في وقت سابق سمحت الإدارة باستخدام الكراسي ولكنها قبل أيام قامت بمصادرتها رغم أنها ملك لهم، كما أن إدارة السجن أضافت للأسرّة التي تتكون (من طابقين الدبل بد) طابقاً ثالثاً لتصبح ثلاثة سراير، مما يحمل الغرف مزيداً من الضغط هذا غير أن الطابق الثالث خطر على النائم، فقد حدثني أحدهم أنه سبق وأن وقع ولو لا عناية الله لحدث ما لا يحمد عقباه.

شكوى ثالثة تتعلق ببعض محكومي المادة التي عرفت بــ(يبقى لحين السداد) ويقول بعض المدانين بها يفترض أن مكانهم سجن الهدى وليس كوبر، ورغم أن هذا موضوع له علاقة بظروف السجن والسجناء ولكن أعتقد أنه يحتاج إلى وقفة، ربما لأنهم يرون أنهم ليسوا أصحاب جرائم خطرة ويستحقون سجناً أفضل من كوبر العتيق، هذا إضافة إلى الشكوى من مشاكل الحمامات والأكل والبيئة، والتي لن أخوض في تفاصيله ولكن بعض هؤلاء المساجين كانوا أعزاء لو لا القدر فارحموا عزيز قوم ذل.

مدير الإدارة العامة للسجون قال أيضاً إن هناك 500 سجين أجنبي بالبلاد أكيد جنسياتهم مختلفة، ولكن علمت أن هناك اثنين منهم سعوديان، والسودان يا حبة عيني يقال إن لديه 1500 سجين في السعودية، وقد قال لي إخوة سعوديون ذات مرة إنهم في سجونهم شايلين السودانيين على كفوف الراحة، وكأنهم يقولون لنا عليكم أن تعاملوا سجينينا بالمثل.

كل هذه الشكاوى معني بها السيد مدير الشرطة أولاً فهو من من يضع سياسات السجون ويقف على تنفيذها، وهؤلاء المساجين هم أبناء هذا الوطن حتى وإن كانوا مجرمين أو مخطئين أو متورطين سيخرجون يوماً وحتى لا يعودوا استوصوا بهم خيراً، فالإصلاح هو إعادة تأهيل الشخصية ولن تتحقق في سجون غير مؤهلة وبمعاملة قاسية.

عموماً الذي أود قوله إن السجن لم يكن اختيار أحد، والأقدار هي من ساقت إليها كل من دخله رغم أن قناعتي، أن الحكومة هي من هيأت لهم كل الظروف ليصبحوا مجرمين أو ليقعوا في الأخطاء، ولو لا ذلك لما كان هناك 22 ألفاً. ما زال أمام الإدارة العامة للسجون مشوار طويل لتقول لنا إنها تحمل المساجين على أكتافها.

أسماء محمد جمعة
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..