مقالات وآراء

“ذاكرة” الصحافة الحية

كلام الناس
نورالدين مدني

البا

*لست من الذين ينكفئون على الماضي ويتغنون بأمجاده ومحاسنه ، لكننا نحتاج كثيراً للإستزادة من تجاربه الإيجابية  في الواقع الاني ونحن نسعى للإنتقال إلى المستقبل نحو وضع أفضل للأجيال القادمة.
*كتبت هذا بمناسبة النقد الذي وجهه الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والطبوعات الصحفية – في عهد الإنقاذ – السفير العبيد مروح للمؤسسات الصحفية التي لاتلتزم بتوفير مكتبة خاصة بها ، وهو يؤكد أهمية المكتبة لتغذية المادة التحريرية ومدها بالمعلومات المفيدة.
*تذكرت كيف كانت المؤسسات الصحفية قبل  “الإنبهال” الصحفي – في عهد الإنقاذ أيضاً – تهتم بالمكتبة الخاصة بها ، وأذكر كيف كانت مكتبة “الصحافة” زمان عامرة بالكتب الثقافية والمتخصصة والمراجع القانونية ، قبل أن “تعدم” أيضاً في عهد الإنقاذ وتختفي معها بعض الأقسام المهمة لتغذية التحرير الصحفي.
*كان هناك قسم للأرشيف “الورقي” وللصور الفوتوغرافية وكان الأرشيف الورقي مصنفاً حسب الموضوعات المتخصصة والأحداث والمناسبات ، وأرشيف الصور الفوتوغرافية منظماً حسب الحقب السياسية واالأحداث والمناسبات والشخصيات والرموز العامة.
*كان قسم التصوير الفوتوغرافي بوزارة الإعلام والثقافة – طيب الله ثراه – مرجعاً مهماً للصحفيين والإعلاميين بما يوفره لهم من صورلكل الحقب التأريخية ، وكان يمد الصحف يومياً بأهم الصور الإخبارية ، ولا أنسى كيف سبقت وكالة السودان للأنباء على عهد مديرها الصحفي المهني المقتدر مصطفي امين بإدخال نظام إرسال الصور بالراديو من مواقع الأحداث مباشرة ، وكان وقتها – قبل ثورة التقنية الحديثة –  يعتبر فتحاً كبيراً في مجال التغطية الصحفية والإعلامية.
*أعلم أن التقنية الحديثة وفرت الكثير من هذه المعينات المهمة لتغذية التحرير الصحفي ، لكنها في بعض الأحيان كانت على حساب العمل التحريري الميداني الأهم لتنمية مهارات وقدرات وخبرات الصحفي ، وأنها في رأيي الشخصي لاتغني عن المكتبة الخاصة ولا أقسام البحوث والمعلومات والأرشيف الخاص بالصحيفة.
*أذكر أنني كنت  في دورة تدريبية على عمل سكرتير التحرير في لبنان وزرت ضمن هذه الدورة صحيفة “النهار” ، وكانت الأوضاع الأمنية في بيروت غير مستقرة ، كنا نسمع أصوات الرصاص ليل نهار ، كان ذلك عقب إغتيال رئيس تحرير مجلة “الحوادث” البيروتية سليم اللوزي ، وعند وقوفي في قسم الأرشيف طلب مني مسؤول الأرشيف أن أطلب أية صور ، طلبت منه – في محاولة لتعجيزه – صور حركة هاشم العطا (19 يوليو1971م)  في السودان ، فإذا به يخرج  دون عناء تفتيش ملفاً كاملاً بصور قادة حركة 19 يوليو وقصاصات من الصحف تحوي معلومات عن ماكانت تسمى وقتها ب”الحركة التصحيحية” لمايو..
*نقول هذا كي نؤكد أهمية المكتبة الخاصة وهذه الأقسام المعينة للصحف ، ليس فقط  لتغذية العمل التحريري وإنما لأنها تمثل “ذاكرة” الصحافة الحية .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..