هل ضاعت حلايب وشلاتين

من المفيد لنا كسودانيين أن نفهم لماذا الخنوع والخضوع وعدم التمسك بالحق من جانب حكومتنا ، صبر الناس في السودان على الجوع والمسغبة وضياع حقوقهم في رفاه العيشة أسوة بالعالمين ، ولكن أن تصل درجة اللامبالاة بضياع الأراضى السودانية وذهابها لقمة سائغة في أفواه دول الجوار ، أنه والله العار الذى لا يماثله عار أخر فمن كنا نحسبهم أشقاء لنا يتفقون سراً على مصالحهم الخاصة ضدنا ، بينما نحن وبكل البلاهة التى وجدت على سطح الأرض ندفع بفلذات أكبادنا للدفاع عنهم وعن دولهم فهاهى السعودية قد جاهرت بعدائها لنا بإتفاقها سراً مع الجارة مصر على ترسيم حدود لنا فيها نصيب ، والأدهى والأمر ، أن لنا حدوداً مرسومة مع السعودية في عام 1974م ، قامت السعودية بركل هذه الاتفاقية في سلة مهملاتها ، وتركتنا وابنائنا يموتمون في صحارى اليمن من أجل مصلحتها إرضاء لدولة ما وقفت يوماً بجانبها ولا أرسلت جندياً للدفاع عنها ، ليست المصلحة الضيقة لهذه الدول هى الدافع الوحيد لهذا الترسيم ، ولكنه هوان حكومتنا على دول المنطقة، فكل ما يقوله قادة السودان في هذا العهد وجل ما يقومون به هو إيداع الشكاوى لدى الأمم المتحدة (كأن الأمم المتحدة قد نصرت أحداً من قبل)، يقابل ذلك الغطرسة والعنجهية من الجانب المصرى برفضها والنفى النهائى لهذه الشكاوى وتزعم مصر أنها مجرد مزاعم سودانية وليس للسودان حق في هذا المثلث، إنه الأستكبار بعينه فلو كان لمصر حق لذهبت إلى التحكيم وأغلقت هذا الملف نهائياً ، ولكن الهوان والاستهوان بالسودان بلغ مداه.
لحل مثل هذه المشكلات لا تنفع الطبطبة والتغطية على الجروح لأن حلايب تمثل جرحاً داخل كل سودانى لن يندمل إلا بذهاب هذا الاحتلال وعودة حلايب إلى حضن الوطن ولو كنت مسؤولاً عن هذا الملف لقمت بطرد سفيرى مصر والسعودية على الفور ولإستدعيت سفراءنا في هذه الدول ، ولقمت بإعادة كل جندى سودانى يحارب في اليمن دفاعاً عن ناكرى الجميل ، ولقمت بإرسال هؤلاء الجنود إلى حلايب للقضاء على هذا الاحتلال الذى يجثم على صدور أهلنا في حلايب ، لا يغرنكم غطرسة المصريين فهم مجرد كلمنجية ، يجيدون الحديث ولكنهم لا يجيدون الفعل ، فدول المنطقة لا تعترف إلا بمنطق القوة.
يدهش المرء غاية الإندهاش من مثل هذا الخنوع الذى تمارسه حكومتنا لمصر والسعودية ، مع أنهما بحسب القانون الدولى إنتهكا السيادة السودانية على أراضيها فهل نصمت ونسكت على مثل هذا الهوان كثيراً ، فلقد صبرنا حتى نفد من الصبر وليعد الحق لأصحابه.ولا لكل من يدعى أن المصريين أشقاء فلو كانوا أشقاء لما أحتلوا أرضنا.
[email][email protected][/email]