جباية في حكاية

ساخر سبيل

جباية في حكاية

الفاتح يوسف جبرا

أمام منزل الحاج (عبد الفضيل) وقف شاب (يعلق) على كتفه شنطة جلدية سوداء ويمسك بدفتر وقلم.. يفتح (حاج عبد الفضيل) الباب
– أهلاً مرحب يا بني
– أهلاً يا حاج..
– إنت بتاع شنو؟ نحنا أمبارح القريبة دي دفعنا النفايات والعوائد والموية و….
– لكن يا حاج ما أظنك دفعت رسوم (تدفئة وضوء) عشان دي رسوم جديدة.
– (في استغراب): رسوم شنوووو؟
– مالك يا حاج مستغرب كده؟ دي رسوم (تدفئة وضوء)! ما سمعت بيها؟
– طبعاً يا ابني ما سمعت بيها هو نحنا نسمع بي شنو واللاّ شنو ما خلاص ما قادرين نلاحق الرسوم والجبايات دي!
– (يخرج من جيبه القلم ويمسك بالدفتر): قلت ليا يا حاج بيتكم ده مساحتو كم؟
– مالك ومالو كمان؟ عاوز بي مساحتو شنو؟ عاوز تطلع ليهو كروكي!
– كيف يا حاج عاوز بي مساحتو شنو؟ ما عشان نضرب ليك الرسوم بتاعتك بتاعت (تدفئة وضوء) دي!
– (في اندهاش): والله محن! أها وبتضربوها كيف دي؟
– ما حسب مساحة السطح المتلقي لأشعة ضوء الشمس يا حاج وكده وفى الحالة دى السطح هو طبعاً بيتك!
– يا ابني إنت عاوز تجنني؟ أشعة أيه؟ وسطح مين؟ ومساحة شنو؟
– يا حاج أهدأ شوية عشان أفهمك الموضوع لو ما عارفو
– طبعاً ما عارفو؟ هو نحنا بقينا نعرف حاجة ما كل دقيقة ناطي لينا زول شايل ليهو دفتر ايصالات وعاوز قروش… هي الحكومة دي قايلانا (وارثين)؟!
– شوف يا حاج الرسوم دي اسمها رسوم (تدفئة وضوء) يعني المواطن عشان يتدفّأ بالشمش دي وكمان يشوف بالضوء بتاعا لازم يدفع رسوم! يعني إنت يا حاج عاوز تدفّأ وتشوف ملح ساااكت!
– ملح في عينك يا ود يا قليل الأدب! هي الشمش دي بتاعت زووول؟
– يا حاج ما تهيج فيني ساااكت أنا زول عبد المأمور ساااكت ونحنا شركتنا دي اسمها (تتحصلون) يعني بتاعة تحصيل يعني ما عندنا أي دخل في مسألة فرض الرسوم دي!
– ومال الشركة العاملة (الفلم) دي اسمها شنو؟
– اسمها يا حاج (لمستقر لها)!
– (في دهشة): قلت ليا اسمها شنو؟
– لمستقررررن لها!
– لا حول ولا قوة إلا بالله هي حصّلت كمان! أها و(مستقرها) وين؟ أقصد مبانيها وين؟
– شفتا الجامع الكبير العاوزين يعملو ليهو صيانة ده.. بس العمارة الصفراء المقابلاهو!
دلف (حاج عبد الفضيل) الى المكتب الفاخر لمدير عام (لمستقر لها) ذو الوجه اللامع الذي تبدو عليه آثار النعمة و(الراحات) و(التكييف طويل المدي) …
– السلام عليكم،،،
– وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته إتفضّل – مشيراً الى أحد كراسي الجلوس الوثيرة، جلس (حاج عبد الفضيل) ثم قال مخاطباً السيد المدير:
– السلام عليكم،،،
– وعليكم السلاااام
– (مبتسماً) إتفضّل …
– الحقيقة بس يعني جاني في البيت ولد كده وقال ليا الشمش وما الشمش والضوء وما الضوء وتدفع رسوم وشنو ما بعرف داااك والمساحة في الارتفاع في السطح وما عارف شنو فقلت اجي أستفسر منكم وكده!
– أول حاجة يا حاج مرحب بيك .. وإن شاء الله الجية بتاعتك دي تكون في ميزان حسناتك..!!
– يا بني ميزان حسناتي ميزان (لساتكي) أنا عاوز أعرف رسوم (التدفئة والضوء) دي شنو؟ إنتو أصلكم ما بتشبعوا!
– يا حاج ما تزعل ساااكت.. كدى جاوبني براااحة يا حاج وبدون انفعال… الشمس دي بتاعة منو؟
– بتاعة ربنا!
– طيب ما نحنا بتوع ربنا… تبقى الشمش دي بتاعة منو مش بتاعتنا! وقع ليك يا حاج واللاّ أعيدو ليك ! بعدين يا حاج حقو رسوم (التدفئة والضوء) ديما تستكترا علينا لأنو الشركة بتاعة (لمستقر لها) دي هي شركة بر وإحسان وشركة خيرية لرعاية المسنين ولكفالة الايتام!
– (وهو يتجه نحو الباب): أيتام… أيتام أكتر مننا؟
انتشر في الشوارع أشخاص يرتدون زيّاً أصفر فاقع اللون رسم على صدره شعار شركة (لمستقر لها) وهو شمس حمراء ذات خيوط شعاعية، مهمتهم تحصيل رسوم (تدفئة وضوء) من المارة وأصحاب المحلات والمنازل:
– (وهو يخرج الدفتر ويمسك بالقلم): بالله يا خينا لو سمحت
– في شنو؟
– في شنو كيف؟ الشمس الضاربة في (صنقورك) دي ما شايفا؟
– وما تضرب إنت سيدا؟
– أنا ما سيدا لكن ستها اسمها (لمستقرن لها)! وبالله ما تلاوينا ساااكت ادفع خلينا نشوف غيرك!
– ادفع ليكم كم كده يعني؟
– (ينظر إلى رأسه متمعناً): كدى أقعد في الواطة دي ورينا راسك ده خلينا نضرب ليك رسومك!
– (يستخرج متراً من جيبه ويبدأ القياس): طيِّب المحيط في نصف القطر على باي نق تربيع.. طيِّب إذن المساحة تساوي مية وخمسين سنتيمتر مربع والسنتي بي عشرة قروش نكون عاوزين منك كده جنيه ونص …
بعد حوالى شهر وبينما كان حاج عبد الفضيل يستلقى على العنقريب فى مساء ذلك اليوم مطفئاً لمبة (الحوش) مستمتعاً بضوء القمر الفضي وهو يضع الراديو الترانزيستور على صدره يستمع إلى الأخبار إذا بخبطات على الباب:
– قوم يا حاج شوف الجاييينا نص الليل ده منو؟
يتجه حاج عبد الفضيل نحو الباب، يفتحه يفاجأ بشاب تدلى من كتفه شنطة سوداء ويمسك بقلم:
– ده بيت الحاج عبد الفضيل عمر؟
– أيوه في شنو؟
– معاك شركة (قدرناه منازل)!
كسرة:
يقبع المواطن عبدالفضيل نزيلاً بالتجاني الماحي بينما يرقد المتحصل في الغرفة «7» عنبر العظام!

تعليق واحد

  1. يا أستاذ جبرا

    والله نحنا ذاتنا بى قراية جنس مقالاتك دى… تسمع بينا يوم مشيتا (الطايف)

  2. الجماعة ديل ما ناقصين افكار جبايات . رجا لا تبحت في الوطا دي ساكت الله يخليك يا استاذ .
    كل يوم ما ينحشرو في جحر يخرجو بكم ايصال تحصيل وضريبه .

  3. استاذ جبرا تحية طيبة
    ياخى عندى ليك اقتراح :باين عليك عندك موهبة ومقدرة على كتابة السيناريوهات
    ماتكتب لينا كم سينايو كدا بدل المغص البنشوفو ونسمعو فى التلفزيون دا ؟
    ولا اقول ليك بلاش ياخى .. لانه اصلا ماعندنا ممثلين بعرفوا يمثلوا هم ذاتم مغسه

  4. الله يجازيك يا جبرة ,
    والله من طفية عبدالفضيل للمبة ,إنفقعت من الضحك لأنه عرفت الباقي , وبعد داك رقاد المتحصل في عنبر العظام !!
    لاحول ولا قوة إلا بالله , إن شاء الله ما يقروها ناس (تحصلون)!

  5. بالمناسبة ياجبرا الناس البيقروا مقالاتك ربما حسبوا إنك بتهظر وكده!! والكلام ده جد يا أخوانا 00قبل أكثر من سنة تقريبا ظهر بعض الشباب وهم يحملون دفاتر فى شارع القصر ومحيطه ويطاردون أى سيارة تقف على جنبات الشارع ويطلبون مبلغ واحد جنيه رسوم ركن السياره فى الطريق العام !!وصادف إن أحد الشباب إشتبك مع واحد من نوع عبد الفضيل وكان خارجا من البنك وفى يده شيك إرتد ولشلاقة الشاب طلب منه تسديد الرسوم فنظر اليه الرجل والشرر يتطاير من عينه وقال للشاب (شوف المرة الجاية حادخل العربية فى جيبى وأخش البنك وأشوفكم تهنبتوا الناس كيف!!يا أولاد الحكومة دى ماتوديكم تزرعوا بدل تعلمكم (الشحدة) دى ما شحده عديل هسع00 والفرق بينك والمجذم الراقد تحت الشجرة ديك شنو؟ حسبى الله ونعم الوكيل 00ودعوة الرجل وجدة إستجابة فى ما يبدوا فقد سحبت الحكومة جيوش (الشحادين) من الطريق العام منذ ذلك الوقت 00ويبقى السؤال يا جبرا أين ذهبت يا ترى الاموال التى جبيت حتى تاريخ الانسحاب الغريب جدا00 من الشوارع وفى أى جيب إستقر؟ الجواب متروك لفطنتك و السادة القراء 0

  6. تعرف يا جبرا…….اثناء قراءة مقالك هذا…فقعت لى ضحكة قوية …انتبهت لها المدام….فصاحت فى وجهى[يا راجل انت جنيت ولا شنو؟؟؟]……فاكرانى لحقت عمك عبد الفضيل!!!والله غايتو الله يستر مايكون كلاما صاح وانا ماشاعر……

  7. من الشايفنو دا والله ما غريبة وحيجي يوم تكون فيهو رسوم تتنفسون وتنظرون(اتذكرت مقالك عن الحمامات واضافا للرسوم حتكون هناك رسوم تتبولون و00000 يديك العافية يا جبرا وكل الذين يخففون عنا طمام البطن ووجع القلب )

  8. عام 99 كن نقوم باجراءات السفر لاننا تعاقدنا مع وزارة المعارف السعودية وعانينا كل اصناف العذاب اى مكان تذهب ليه يطلبوا منك قروش كنت مقدم استقالتى قبل سنة ولقيت نفسى شغال وراتبى بمشى وين ماعارف المهم البت عشان ناخد شهادة خبرة والزمن ضيق قالت لى لازم نفصلك هسى واصلا انا ماشاغال قلت ليها افصلينى وانا واقف قدامها ماقصرت كتبت لى الفصل من العمل بسبب الغياب هههههههههههههههههههههه ياجماعة والله انا مستقيل المهم رجعنا وتقابلنا مع بعض الاصحاب فقلت لهم ياجماعة والله نسيتوا فى قروش مادفعتوها صاحوا بصوت وااااحد قروووووش شنو يازول قلت ليهم مبلغ من المال يدفع للنقل النهرى

  9. والله ياحبيبنا جبرة فى عطبرة القريبة دية الجماعة ختوا تريزة جنب البحر وقعدوا معاهم دفاتر التحصيل وأى واحد ينزل يملى ليهو جالون موية يقطعوا ليهو وصل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..