مقالات ثقافية

نص سردي:- ثغرة

فيصل مصطفى

نص سردي :-
ثغرة
منذ الوهلة الأولى
زاغ بصره
تطابق العرض مع
الطول.
إستحلب ريقه
تلمظ
ثمة أمنية قديمة
لا تنفك تساوره
بين الحين و الآخر
بغتة تصير رهينة لأشواقه !!؟…
فقط عليه أن يضع خطة
خمسية
ربما عشرية
و تصبح لقمة سائغة
ظل يشكلها
ينسج منها أحبولة
أنشوطة
لفها كالحرير حول عنقه
تدلت كالقلادة
زها بها
تباهى !!؟….

* * *
كان يغمره بالأكاذيب الصغيرة
عصب عينيه بمعسول الكلام
فرش له البسيطة سندساً
أخفى عنه نقائصه
وارى خطاياه
لمع واجهته
برقت
تألقت
توهجت !!؟…

* * *
عمد على ترويج فضائله
أدار رأسه
وضع أقداره ريشة
في مهب الريح !!؟…

* * *
كانت أرضاً
رحيبة
خصيبة
حصينة
محفوفة بأشجار
السيسبان
كانت هاجسه
حلمه
جنته
خلقها من الخيال
إبتدعها
نظمها قصيدة
كأنها قطعة
من المفقود !!!؟….
تجري النهيرات الكوثرية
من تحتها
ثمارها يانعة
قطوفها دانية
تتدلى رطباً جنياً
أفنانها مؤرقة
عوارفها مسدلة
ظلالها وريفة
مخضلة
مترعة
مفعمة
حرب للهجير
تجم الروح
تتشابى لها
تهفو إليها
للإحتظاء بها !!!؟؟….

* * *
عقد من الزمان إنشطر
من عمره
أهدره منتظراً
كأنه يمضي عقوبة طوعية
حبيساً بين الجبل و شجيرات القات
* * *
تخير مكاناً قصياً
فوق هضبة
كان وحيداً
معزولاً
ضرب حوله حصاراً
صادر المسرات الصغيرة
أمسك يده
ضيق على نفسه
حرمها من رعشة المفاجآت !!؟…
كاد أن يقيم سدوداً
بينه و بين شهوتي البطن و الفرج
فصل من الخشن ثيابه
إنتعل الغليظ من الأحذية
إتخذ من الزهيد ثمناً،
عمامته
متسخة
مشية
أصبحت
وئيداً
أجل الإقتران ب ( أنيسة )
وأد أشواقه للنسل
أرجأ طموحه
في أثبات الذات !!؟…
أن ينافس
أن يفخر
أن ينزق
أن يطيش
أن يشطط
أن يلهو
أن يزهو
أن يغامر
أن يخفق !!؟….

* * *
قهر شهواته
أمات هواه
جمد أحلامه
إلا تعلقه بأرضه الموعودة !!؟….
جمع لها القروش البيضاء
قرشاً
قرشاً
كدم الحجامة !!!؟….
أبت نفسه أن تنفصل عنها
توسدها
أحالها الى كبسولة
زرعها بين الأمعاء
خاف عليها من حرس الحدود
من أمن المطارات
من الطير الطائر !!!؟؟؟….
* * *
تباطأ كرور السنوات
كادت أنفاسه أن تنقطع
إستكمل العقد الأول
بطلوع الروح
هنا فقط
أنهى تعالقه بمواطن الإغتراب
قطع خط الرجعة
إستعاد جذوره المبتورة
غرسها عميقاً
كة في باطن أرضه المفترضة
أرضه
الرحيبة
الخصيبة
الحصينة
هاجسه الملحاح
جنته المعلقة
فردوسه المفقود
حلمه الأبدي !!؟؟….

* * *
قايض أزهر مراحل العمر بالأرض
* * *
كان يوم وطأت أقدامه أعتابها
ميلاداً جديداً
صفحة بيضاء
لم يخط الدهر عليها سطراً !!؟…
إنبثاق حياة بكر
تتخلق
تتبرعم
تتنامى
تحتفي بأسراب الطيور
حيث لا طيور بدون أشجار !!؟….
يضج المكان
بشدوها
بتغريدها
بصدحها
تشنف الآذان
يهتز
يطرب
يتمدد على النجيل
يتذوق لأول مرة طعماً طازجاً
يكرع ماءً قراحاً !!؟….
* * *
يمشي بين أرجائها مختالاً
يتبعه من الجانبين
موكب من الأزاهير !!؟؟…
* * *
وسط مهرجانات الفرح
وهو يجرى بصره
على بنود الوثيقة
وجد ثمة ثغرة !!؟….
تبطل ملكيته لهذه الأرض
كأن طعنة نجلاء
من يد آثمة
بخنجر مسموم
أنغرست في الظهر
ما أذهله !!؟…
إن مصدرها الصديق الحميم
لم يعد في هذا العالم
ثمة إنسان برئ !!؟…
تهاوى صريعاً
و حينما إستفاق
حاول أن يقاوم
زادت خسائره
واجه شركاءه
لم يجد حلاً مرضياً للجميع ؛؛؛
* * *
كاد ثلاثتهم أن يفقدوا صوابهم
لكنهم سرعان ما يجنحون الى الشطط
و هم يرفعون وثائق الملكية
في وجوه بعضهم البعض
و صراخهم يتعالى بلا صدى !!!؟؟؟….

فيصل مصطفى
[email protected]

‫5 تعليقات

  1. شكرا للقاص المبدع فيصل مصطفى على هذه القصة القصيرة المشوقة والمحكمة التنفيذ _ كخليط متجانس من سيمفونية وأوبرا ورواية لاجاثا كريستي.

  2. كان يوم وطأت أقدامه أعتابها
    ميلاداً جديداً
    صفحة بيضاء
    لم يخط الدهر عليها سطراً !!؟…
    إنبثاق حياة بكر
    تتخلق
    تتبرعم
    تتنامى
    تحتفي بأسراب الطيور
    حيث لا طيور بدون أشجار !!؟.

    استاذنا الجليل ، الاديب ، فيصل مصطفى ، لك التحايا والتقدير ارسمت من خلال جمال المفردات والحروف ، لوحه رائعه تحمل مزيج من الدهشه والإبداع .
    لك التحايا والتقدير وبارك الله في عمرك بالصحة والعافية.
    الإمام الكيمنى.

  3. هذا حقا
    ما رميت إليه
    الناقد الفذ (سوداني)
    الكتابة عبر النوعية
    شكراً نبيلاً
    مع معزتي
    لإنصافي

  4. عودتنا دوما ان نسافر خلف تعابيرك العميقة لنستوعب مضمون النص، وما اجمله من سفر يحلق بنا في فضاء الإبداع السردي، رغم قصر النص إلا أنه لا حدود له عند الغوص بين الكلمات…

    شكرا نبيلا لك أستاذ/ فيصل مصطفى
    تقبل تحياتي

  5. الأعز (فوضى الخيال)
    ما أنبلك و أوسع خيالك
    أن تغوص بين أصدافي
    لتنثر فاتن القول
    و تغمرني بتقريظك
    أكرمك الله
    مع خالص الأماني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..