رسائل باريس
من باريس أرسلت قوي المعارضة المدنية والمسلحة المنضوية تحت مظلة ( نداء السودان)رسائل موجهة إلي أكثر من جهة في الداخل والخارج ، أبرز النقاط في لقاء باريس هو تراجع أجندة العمل العسكري وتوقيع فصائل تحمل االسلاح علي اتفاق يدعو إلي إستخدام العمل السلمي والجماهيري لمواجهة السلطة القائمة ، مُخرجات لقاء باريس والهيكلة التي أوصلت الصادق المهدي إلي رئاسة الكيان المعارض ، وفي ظل مقاطعة جناح من الحركة الشعبية ( جناح الحلو) ويحمّل السلاح وغياب عبد الواحد والمعطيات الجديدة في الأقليم وفي العالم والتي صبت في صالح الحكومة السودانية ، كل تلك الأسباب والمعطيات جعلت مخرجات اللقاء محل جدل كثيف ، وبل رفض وتوجس من قبل كثير من قوي المعارضة ، المهم في الأمر أن اللقاء كان تعبيراً عن مواقف وقدرات وإمكانات القوي المكوّنة للتحالف والظروف الإقليمية والدولية الماثلة اليوم.
القوي الأخرى بخلاف حزب الأمة والتي وافقت علي رئاسة المهدي للكيان المعارض تري أنه الشخص المناسب في المرحلة الحالية ومن جهة أخري ربما رأت وقدرت أن أنسب طريقة لإبقاء الإمام ضمن هياكل الكيان، هو منصب (الرئاسة) ، ومن ضمن الأسباب أيضاً أن القوي التي تحمل السلاح في داخل الكيان تدرك أن العمل العسكري يواجه مصاعب حقيقية لأسباب داخلية وخارجية ، ولاننسي أن الكيان ربما تعرّض لضغوط خارجية حتي يمضي في خط التسوية.
وقبل أن ُتقدم فصائل وأحزاب (نداء السودان) علي الدخول في عملية سياسية متكافئة، تحقق السلام العادل والديمقراطية، وتكفل حقوق المواطنة وتفعيل عمل المعارضة في الداخل والخارج وتصعيد العمل الجماهيري ومواصلة الانتفاضة الجماهيرية (كما أعلنت) – عليها أن تتحس موقع أقدامها- وتُعيد النظر في الأدوات القديمة والتي لاتناسب واقع جديد (مُربك ) ، العمل السلمي الجماهيري المدني يواجه مشاكل وتعقيدات كثيرة ، الواقع الماثل يتطلب رؤية مختلفة وبرامج قابلة للتطبيق العملي ،وقراءة التغيرات التي حدثت في السنوات المنصرمة والظروف الاقتصادية والمعيشية (الخانقة) التي غيرت كثير من المعادلات القديمة .
والسؤال الذي ينهض في هذا المقام هل السلطة الحاكمة سوف ترحب بهذا التحول ( السلمي) للكيان المعارض، وكيف تنظر إلي هذا الجنوح نحو ( الخيار المدني والسلمي) ، تجارب الماضي البعيد والقريب تقول : الحكومة لاتُرحب بأي عمل معارض حتي لوكان سلمياً إلي الحد البعيد وسوف تواجه أي خطوة سلمية بإجراءات قمعية ، والكيان الجديد مُطالب بتحديث الأدوات والوسائل لمواجهة الواقع والظروف القاهرة جداً والتي تُصعّب مهمة أيه عمل مدني سلمي ،خطوة باريس كما قلنا فيها رسالة للخارج وتحديداً المجتمع الدولي ( أمريكا وأوربا)، وهذا ( المجتمع الدولي) له روابط ومصالح وتقاطعات وأجندات تصب في كثير من المواقف لصالح الحكومة، أمام الكيان المعارض مهمة (شاقة) لإستعادة العلاقة ( القديمة) مع المجتمع الدولي.
صحيفة الجريدة