مقالات ثقافية

نص سردي :- جِلسة

فيصل مصطفى

نص سردي :-
جِلسة
لم تكن جِلسة سرية
ملامح وجوه الجلساء
تبدو تلقائية الحركة و السكو.
أداء الألسن يتمظر عفوياً
كل ما يصدر عنهم
يُؤكد نفي السرية
ثمة لوحات تشكيلية
تلتصق بجدران المكان
الستائر مسدلة
تتناثر فازات زهور حول الجلساء
تكتظ الطاولة بآنية زجاجية
تجاورها قوارير مليئة بسائل أحمر
تصطف مقاعد
بطول أضلاع المجلس الثلاثة ؛؛؛؛
يظل الضلع الرابع خالياً
تقاطروا مثاني
توافدوا زرافات
تواجدوا وحداناً
إكتمل شملهم
قبل أفول الشمس
جلسوا كل جوار صفيه
بغتة
إنفجر متن الكلام
ظلت حواشيه تراوح
بين الهمس و السكون
صمتوا لهنيهات
ثم إستأنفوا الحديث مجدداً
طفى الحوار الجانبي
طغى رحيق القول
تتابع
تسلسل
صار طلياً
تسلل صداه عبر الكوى الصغيرة
مخترقاً هيمنة الصمت
كأن لحظة البدء قد أزفت
بغتة إنقطع رسيس القول
لم يعد ثمة لغط يعلو

* * *
كانوا طرائق عدداً
تمايزت سحناتهم
إختلفت مشاربهم
تباينت مواقيت أعياد ميلادهم
تباعدت مواطن مساقط رؤوسهم
ليس لهم نموذج إرشادي موحد
إعتورته متغيرات العصر
تفاوتت قدراتهم
تعددت مراميهم
وئدت طموحاتهم تحت مظلة دكناء !!؟…
إنسلخوا عن مآثرهم العريقة
تعاركوا مع ذواتهم الممزقة
جمع بينهم هاجس الشأن العام
ظلت همومهم الخاصة تلاحقهم
ثمة من حفيت قدماه بحثاً عن عمل
هناك من ظل مبحراً بلا أشرعة توقاً لمرسى !!؟…
و ثالث غرق في دوامة مراجعة الأطباء
و رابع كادت الأرض أن تميد به !!؟…
و خامس فغر البحر شدقيه ليبتلعه
و سادس غدرت به من ظنها ملاكاً !!؟…
و سابع لاذ بصمت مطبق
و ثامن و تاسع و عاشر و و و
حجبوا خباياهم !!؟…
ثمة من يشكك في سويتهم
ظلوا وقتاً طويلاً يبحثون حول طواياهم

* * *
الحرب الكبرى قادمة
بؤر الحروب الصغيرة
لا تكف عن الإشتعال
كان يوماً مشؤوماً
أحدث زلزالاً !!؟…
إرتج على إثره العالم إرتجاجاً
ذاك يوم له مابعده
هل تغير وجه العالم
العالم ما عاد العالم
ذاك الذي كنا نعرفه
هذا عالم متوحش
يحكمه قانون الغاب
القوى العظمى تقصي ما دونها
تصدى له أحدهم ساخراً
أهذه بكائية ترسينا فيها
أعترض ثالث
إنكما تنحرفان بمسار السياق
في صوت واحد
أليس منتدى الليلة مفتوحاً ؟…
ليس الى هذا الحد !!؟….
أنا أتعاطى مع دلالة اللفظ
لا يعني هذا محو التخوم
نحن هنا بلا تخوم !!؟….
تدخل رابع لفض الإشتباك .

* * *
كانت سحب الدخان
قد علقت بفضاء المكان
تبادل أحدهم مع آخر مواقع الجلوس
صب ثالث شاياً
كركرت الأرجيلة
همس لنفسه ( نفخ الأراجيل سأم )
إنحل عقد النظام
إنفرط
تناثروا
تداخلوا
تُبودلت الأمكنة
طالت الشاعر اللائذ بصمته
كان محتقناً
منفصلاً عن ما يدور حوله
على حين غِرة إنفتح هويسه
تدفق ماء الكلام عذباً رقراقاً
إنتقل بهم من الهم العام الى الخاص
مستخدماً ثلاثة مستويات من الأزمنة
تماهت الضمائر
صار هو أنت !!!….
و أنا هو !!!…
من المخاطب ؟…
و أين المتكلم ؟…
و متى يجئ الغائب ؟؟…
ظل الجالسون بلا حراك
يرقبونه
يحدقون صوبه
يلاحقون في صمت ما يساقط فوه
هتف قائلاً وأنا من أنا ؟…
أنا ذات أم موضوع !!!…
أنا وعي أو لا وعي !!!…
ربما أنا وعي متجاوز !!!…
هتفوا جميعاً
بل أنت تجليات ال ( نحن ) ؛؛؛

* * *
إنقضى الربع الأول من الليل
شارف الوقت على الإنتهاء
أخذ بعضهم يجمع أوراقه
يهمون بإدخالها في حقائبهم
يتأهبون للإنصراف
بينما ظل الشاعر يهمهم في خفوت
العالم لم يعد العالم
هذا عالم متوحش
يقصينا
بل يقصي أربعة أخماس قاطينه
يجعلنا نحفر أرماسنا بإيدينا
قاطعه بعضهم
لا تكن نذير شؤم
كف الشاعر عن الهمهمة
إنطوى على وعيه المتجاوز
بارح نصفهم المنتدى
ظل النصف الآخر يثرثر
إنتصف الليل
أُسدل الستار

فيصل مصطفى
[email protected]

تعليق واحد

  1. نص جميل يا استاذ لك التحية.
    سمعنا انك قضيت جزء من حياتك فى اليمن، ليتك تكتب عن ذكرياتك هناك، فاليمن مرّت بالكثير من الحقب التي يلفها الغموض. وهل صحيح ان مواطنا سودانيا كان يعمل هناك وصل فى مرحلة ما لمنصب كبير في حضرموت؟ وما سر العلاقة القوية بين اليمن و دول القرن الافريقي بصورة عامة. لا شك ان مذكرات قاص مثلك ستكون ممتعة وتلقى الضوء على الكثير

  2. حقاً
    أنا من عشاق اليمن
    لذلك عشت بها
    ما يقارب العقدين
    من الزمان
    و عشقت صنعاء بوجه خاص
    و أحببت اليمنين
    و لا سيما المبدعين
    و لي أصدقاء أعزاء منهم
    و هم دوما في خاطري
    و لا بد أن أكتب عنها
    يوما ما
    و أنا حاليا أبث
    بين نصوصي السردية
    بعض ملامح حياتي
    في اليمن
    و الحديث عن صنعاء يطول
    مع خالص مودتي

  3. نص جميل يا استاذ لك التحية.
    سمعنا انك قضيت جزء من حياتك فى اليمن، ليتك تكتب عن ذكرياتك هناك، فاليمن مرّت بالكثير من الحقب التي يلفها الغموض. وهل صحيح ان مواطنا سودانيا كان يعمل هناك وصل فى مرحلة ما لمنصب كبير في حضرموت؟ وما سر العلاقة القوية بين اليمن و دول القرن الافريقي بصورة عامة. لا شك ان مذكرات قاص مثلك ستكون ممتعة وتلقى الضوء على الكثير

  4. حقاً
    أنا من عشاق اليمن
    لذلك عشت بها
    ما يقارب العقدين
    من الزمان
    و عشقت صنعاء بوجه خاص
    و أحببت اليمنين
    و لا سيما المبدعين
    و لي أصدقاء أعزاء منهم
    و هم دوما في خاطري
    و لا بد أن أكتب عنها
    يوما ما
    و أنا حاليا أبث
    بين نصوصي السردية
    بعض ملامح حياتي
    في اليمن
    و الحديث عن صنعاء يطول
    مع خالص مودتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..