مقالات ثقافية

رائحة إمرأة والبحث عن المختلف

رائحة إمرأة و البحث عن المختلف

منذ البدء كان “حسن الجزولي”مختلفاً
الخروج المبكر للتلميذ النجيب
من حجرات الدرس
الى ساحات الإبداع
أورثه النظرة الثاقبة للأشياء حوله
فظل يقارن بين المألوف و المختلف
همس لنفسه :-
( أن تكون مبدعاً ينبغي أن تكون مختلفاً )
لذلك نجد أن مفردات اللغة التي كُتب بها
نص “رائحة إمرأة”
تمت صياغته
في جمل تجنح صوب المختلف
دعنا نلاحق هذه الجمل
( بضع من النبيذ الأحمر ،
يهطل الجليد ،
تحاصرها الكآبة ،
مشاويرها
تلعق دوماً الطرقات ،
الصمت القارس ،
لملمة المشاعر ،
بقايا فتور على الأهداب ،
وقورة بكثافة ،
كان التبغ يذوب بين أصابعها
كأنها تتلذذ
برائحة الشواء على لفافة التبغ ،
خشخشة أوراق الشجر
تئن تحت حذائي
، فتلألأت أفكاري المشحونة بالأسى
، مع الثرثرة التي سالت ،
تنسج وقتها
، يجف عشب بوحي
فوق راحة لساني ،
كانت شرهة في الجدل ،
الأسى سال بكثافة ،
الطريق يلعق قدمي ،
بدعاش الشجن )
و هكذا تطرز تركيبات الجمل المختلفة
فواصل النص الذي يترك عبق رائحته
حول من يحظى بقرائته
تماماً كما علق عبق “رائحة إمرأة”
بوسادة الراوي !!؟…
نحن أمام نص سردي مختلف حقاً
على الرغم من أنه منذ الوهلة الأولى
يبدو كأنه يحكي
عن قضاء ليلة حمراء مع أنثى شبقة !!؟…
غير أنك سرعان ما تزيح الصورة المألوفة عن ذهنك ؛؛؛؛؛؛
و تشرع في متابعة الأحداث من زاوية
مختلفة المسار أيضاً
فالفتاة التي لم تتعد مرحلة المراهقة
ببضع سنين ؛؛؛؛؛
تغشى الحديقة
في أوقات الصقيع الجليدي !!؟…
مشاويرها دوماً تلعق الطرقات
التي لا يحلو للآخرين أن يمشوها
بل أنها تفعل ما لا يعتاد الغير فعله ،
جلستْ بقربي دون إستئذان !!!؟؟…
ما كانت جميلة جمالاً هياباً …
و ما كانت بتلك الرقة
الملازمة للأنوثة عادة ؛؛؛؛؛
إلا أنني أشهد أن بها بعض ظرف
و كثير شقاوة و رغبة لغيظ الآخرين !!؟…
نحن إذن
في معية
أهم شخوص النص المحورية تلك الفتاة المخلوقة من خيالاتها الجامحة وهي نسيج وحدها في كل تجاربها عبر مناحي الحياة و منعطفاتها ……
على الرغم من أنها لا تقرأ كتاباً و لا تسمع مزياعاً و لا تشاهد مرئيّة ، إلا أنها كأنها إحدى رموز
النخب الثقافية ؛؛؛؛؛؛؛
تتحدث عن الراب و أغنيات بوب مارلي
و طبقة الأوزون و جورج لوكاتش و ياسر عرفات و أفلام فيليني و أناشيد الفراعنة تهليلاً للنيل و الجنس و
الكوكايين و رحيق الحشيش !!؟….
كل هذا يصدر عن فتاة
تبدو للرائي من الوهلة الأولى
إنها عاطلة عن أي موهبة
سوى أنها شقية
و غرائبية الأطوار !!؟….

* * *
كانت ثمة سيدة ستينية
تجلس في ذات الأريكة
و في حجرها ذات القطة السيامية
الكفيفة …..
كأنها بديلاً للتي غابت
كانت فارهة الطول
مهيبة المحيا
جلستْ بجانبه
ظلت العمة صامتة كأنها
لا تصغي إليه !!؟…
كأني بها غابت في صمتها مع بقايا
ذكريات مبعثرة
يقول الراوي هامساً لذاته
تابعت العمة في صمتها المطبق من خلال قولها ….
( الجرعات الزائدة وضح فيما بعد أنها لم تكن بفعل أي صدفة
إنما تم ذلك بقصد الإنتحار )
ألم أقل أن المبدع المختلف
شخوصه دوماً مختلفين !!؟…

فيصل مصطفى
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..