السودان الأن: بعد تفاقم الأزمات، ما جدوى بقاء الرئيس البشير وحكومته على سدة الحكم؟‎

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى:( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ )الأعراف الأية(89)
الواجب على من تقلد منصبا أو تولى ولاية أن يتقي الله فيمن تولى عليهم ، وأن يعاملهم بالحسنى ، ويرفق بهم ، ولا يشدد عليهم .
روى مسلم (1828) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ ، قَالَ : ” أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ ؟ ، فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ ، فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ ، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: ( اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ ، فَارْفُقْ بِهِ )
قال المناوي رحمه الله :-
” (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا) من الولاية كخلافة ، وسلطنة ، وقضاء ، وإمارة ، ونظارة ، ووصاية ، وغير ذلك ؛ نكرة ، مبالغة في الشيوع ، وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم ،أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل ، ( فاشقق عليه) أي أوقعه في المشقة،جزاء وفاقا ( ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم) ، أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة ( فارفق به) ، أي افعل به ما فيه الرفق له ، مجازاة له بمثل فعله .. ” انتهى من ” فيض القدير” (2/ 106) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة ؛ حتى الإنسان يتولى أمر بيته ، وحتى مدير المدرسة يتولى أمر المدرسة ، وحتى المدرس يتولى أمر الفصل ، وحتى الإمام يتولى أمر المسجد.
ولهذا قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً) ، (وشيئاً) نكرة في سياق الشرط ، وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم ؛ أي شيء يكون).
سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عين والياً، وأراد أن يمتحنه، قال: ” ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ قال: أقطع يده، بحسب الآية الكريمة، قال: إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم فان عجزنا عن ذلك اعتزلناهم ).
ولقد عبر الإمام ابن حزم في كتابه المحلى عن هذا المعنى بقوله: “إنه إذا مات رجل جوعا في بلد اعتبر أهله قتلَة، وأخذت منهم دية القتيل، -ويضيف ابن حزم بأن للجائع عند الضرورة أن يقاتل في سبيل حقه في الطعام الزائد عند غيره “فإن قُتِل -أي الجائع- فعلى قاتله القصاص، وإن قتل المانع فإلى لعنة الله لأنه منع حقا وهو طائفة باغية”.انظر الإمام ابن حزم، المحلى، الجزء السادس، المسألة رقم 725 ص226 و227.
الكل يرى الأزمات الكثيرة والكبيرة والمتعددة والتى تمسك بخناق المواطن من شحٍ فى الوقود وندرةٍ فى الخبز،فالصفوف الطويلة للمواطنين، سواء كان للوقود أو الخبز تعبر،عن مأساة حقيقية،بأن البلد تدار برزق اليوم باليوم،اى العمل على إيجاد الحلول بعد وقوع المشكلة،هكذا تدار الدولة بواسطة الحركة الإسلامية بعد أكثر من ربع قرن من الزمان،تدار من غير خططٍ أو تخطيط لكل المجالات التى تنهض بها الدولة ،ومن غير تفكير،فقط القبضة الأمنية هى السائدة،من أجل البقاء على كرسى السلطة حتى ولو كان ثمن هذا البقاء موت المواطنين جميعاً،ومن عجبٍ نسمع تصريحات بعض المسئولين عن عجز فى الميزانية أو عدم وجود مبلغ محدد فى الخزينة العامة،ونقرأ ونسمع عن تهريب كميات كبيرة من الذهب،وفقدان الكثير من موارد السودان ،وذلك مرده لضعف الرقابة على المال ،وإنعدام الوازع الدينى لدى الأفراد الذين أسندت لهم مسئولية،إدارة الموارد العامة أو المال العام،ومما يجدر ذكره أن أن هنالك أزمات أخرى خلاف أزمتى الوقود والخبز،وذلك مثل إرتفاع أسعار الدواء،رسوم المدارس الحكومية أقول الحكومية وليس الخاصة،إرتفاع أسعار السلع الضرورية،إذ أن هذه الأسعار كلما تشرق شمس يومٍ جديد تجدها زائدة بمتوالية هندسية،إنقطاع التيار الكهربائى لساعات طوال فى اليوم الواح،إنقطاع الإمداد المائى لساعات فى اليوم ،والمواطن المغلوب على أمره،فى حيرة وتعجب من هذه الكوارث التى ألمت به،والحكومة عاجزة تماماً عن إيجاد حلول جذرية لهذه المشاكل الملحة،والسبب فى ذلك لأن كل المسئولين بالدولة،يعيشون حياةً مخملية،يسكنون القصور،ويمتطون الفارهات من العربات المظللة،ويأكلون مالذ وطاب،وإجازاتهم يقضونها بالخارج فى أجمل المدن العالمية،وأولادهم يدرسون فى أعرق الجامعات العالمية،ومرضاهم يستشفون فى أفضل المشافى فى العالم،لذا لا يهمهم مايحدث من ندرةٍ فى الخبز،أو إنعدام فى الوقود،وغيرها مما يعانيه المواطن،وبعد كل هذا الفشل المتواصل فى عدم القدرة على توفير الخدمات للمواطنين،ماذا ينتظر الرئيس البشير وحكومته،أليس من الأسلم والأجدى أن يفسحوا المجال لغيرهم حتى ينصلح حال الناس؟
والله ولى التوفيق
د. يوسف الطيب محمدتوم/المحامى
أمدرمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أرأيت لو أن شخصاً بالغاً نزل ضيفاً على قومً ونام عندهم فتبول على الفراش، هل يستطيع القيام عن فراشه هذا فينكشف أمره؟

    فذاك هو حال المؤتمر الوثني والسودان.

  2. أرأيت لو أن شخصاً بالغاً نزل ضيفاً على قومً ونام عندهم فتبول على الفراش، هل يستطيع القيام عن فراشه هذا فينكشف أمره؟

    فذاك هو حال المؤتمر الوثني والسودان.

  3. عزيزي دكتور يوسف، لك الود والتقدبر والاحترام.
    هل سياق العبارة الافتتاحية في مقالك هذا صحيح؟ كتبت:(قال تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين)، اعتقد انه كان يجب ان تكتب: ( قال تعالى على لسان نبيه فلان: ربنا افتح ،،،،،،،).
    إقتباس (1):
    قال المناوي رحمه الله:
    (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا) من الولاية كخلافة ، وسلطنة ، وقضاء ، وإمارة ، ونظارة ، ووصاية ، وغير ذلك ؛ نكرة ، مبالغة في الشيوع ، وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم ،أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل ، ( فاشقق عليه) أي أوقعه في المشقة،جزاء وفاقا ( ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم) ، أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة ( فارفق به) ، أي افعل به ما فيه الرفق له ، مجازاة له بمثل فعله .. ” ( من ” فيض القدير” 2/ 106). أهـ.
    هل هنالك يا دكتورأهمية لشرح (المناوي) هذا الذي تقول أنك قد أخذته من (فيض القدير)؟؟؟
    أليس هذا الكلام في منتهى الوضوح، ولا يستدعي فهمه النقل من ذلك المصدر؟، اعتقد لو قلت هذا الحديث لأي رجل عادي (خريج مدرسة اولية) سوف لن يشكل عليه، ولن يحتاج لفتح القدير هذا ولا المناوي ولا غيره،،، فرجاءا” ، لا تصادروا عقول القراء بهذا الاسلوب.
    اقتباس (2):
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله،
    وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة ؛ حتى الإنسان يتولى أمر بيته ، وحتى مدير المدرسة يتولى أمر المدرسة ، وحتى المدرس يتولى أمر الفصل ، وحتى الإمام يتولى أمر المسجد .
    ولهذا قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً) ، (وشيئاً) نكرة في سياق الشرط ، وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم ؛ أي شيء يكون). ا.هـ.
    مرة” أخرى: مالذي يضيفه شرح ابن عثيمين لي ولك وللقارئ العادي جدا” بهذا الشرح؟؟
    هذه الكتب الكبيرة والتي تشرح الحديث والقرآن لا تعدوا أن تكون توضيحا” للواضح وشرحا” للمشروح وتبيانا” للبين، ومن الأجدى للناس أن ينبذوها وراء ظهورهم ولا يضيعوا اوقاتهم فيها ويفهموا الدين كل حسب استعداده العقلي واحساسه الخاص ونصيبه من التقوى.
    خـــــــــروج:
    والله العظيم ثلاثا”، كنت جالسا” في أحد المساجد بعد أداء الصلاة لأن الامام أخذ كتابا” وبدأ يعظنا منه، وكان يشرح الآية الكريمة: (من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى واضل سبيلا”)، وكان الشرح كمايلي: أعمى أي: لا يرى كما قال (ابن كثير)،، وقتها ضحكت في حزن وقلت في سري : يا شيخ دي عايزة ليها (ابن كثير) ولا (ابن قليل)؟؟
    الى متى يا ترى نتحرر من هذا القيد المتمثل في تقديس كتب الأولين واقوال السابقين، ونتحرر من الحجر على العقول، ونقول ما نفهمه مباشرة من القرآن او الحديث؟؟
    26/يوليو/2018

  4. عزيزي دكتور يوسف، لك الود والتقدبر والاحترام.
    هل سياق العبارة الافتتاحية في مقالك هذا صحيح؟ كتبت:(قال تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين)، اعتقد انه كان يجب ان تكتب: ( قال تعالى على لسان نبيه فلان: ربنا افتح ،،،،،،،).
    إقتباس (1):
    قال المناوي رحمه الله:
    (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا) من الولاية كخلافة ، وسلطنة ، وقضاء ، وإمارة ، ونظارة ، ووصاية ، وغير ذلك ؛ نكرة ، مبالغة في الشيوع ، وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم ،أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل ، ( فاشقق عليه) أي أوقعه في المشقة،جزاء وفاقا ( ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم) ، أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة ( فارفق به) ، أي افعل به ما فيه الرفق له ، مجازاة له بمثل فعله .. ” ( من ” فيض القدير” 2/ 106). أهـ.
    هل هنالك يا دكتورأهمية لشرح (المناوي) هذا الذي تقول أنك قد أخذته من (فيض القدير)؟؟؟
    أليس هذا الكلام في منتهى الوضوح، ولا يستدعي فهمه النقل من ذلك المصدر؟، اعتقد لو قلت هذا الحديث لأي رجل عادي (خريج مدرسة اولية) سوف لن يشكل عليه، ولن يحتاج لفتح القدير هذا ولا المناوي ولا غيره،،، فرجاءا” ، لا تصادروا عقول القراء بهذا الاسلوب.
    اقتباس (2):
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله،
    وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة ؛ حتى الإنسان يتولى أمر بيته ، وحتى مدير المدرسة يتولى أمر المدرسة ، وحتى المدرس يتولى أمر الفصل ، وحتى الإمام يتولى أمر المسجد .
    ولهذا قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً) ، (وشيئاً) نكرة في سياق الشرط ، وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم ؛ أي شيء يكون). ا.هـ.
    مرة” أخرى: مالذي يضيفه شرح ابن عثيمين لي ولك وللقارئ العادي جدا” بهذا الشرح؟؟
    هذه الكتب الكبيرة والتي تشرح الحديث والقرآن لا تعدوا أن تكون توضيحا” للواضح وشرحا” للمشروح وتبيانا” للبين، ومن الأجدى للناس أن ينبذوها وراء ظهورهم ولا يضيعوا اوقاتهم فيها ويفهموا الدين كل حسب استعداده العقلي واحساسه الخاص ونصيبه من التقوى.
    خـــــــــروج:
    والله العظيم ثلاثا”، كنت جالسا” في أحد المساجد بعد أداء الصلاة لأن الامام أخذ كتابا” وبدأ يعظنا منه، وكان يشرح الآية الكريمة: (من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى واضل سبيلا”)، وكان الشرح كمايلي: أعمى أي: لا يرى كما قال (ابن كثير)،، وقتها ضحكت في حزن وقلت في سري : يا شيخ دي عايزة ليها (ابن كثير) ولا (ابن قليل)؟؟
    الى متى يا ترى نتحرر من هذا القيد المتمثل في تقديس كتب الأولين واقوال السابقين، ونتحرر من الحجر على العقول، ونقول ما نفهمه مباشرة من القرآن او الحديث؟؟
    26/يوليو/2018

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..