تنقيب في أرشيف الأحاسيس: ذاكرة العطر.. أو السفر عبر الروائح النافذة

الخرطوم: زواهر الصديق
ربما جلست يوماً في مكان ما، فداعبت أنفك نسمات تحمل بين طياتها عطراً لشخص ما، أو رائحة لمكان أوطعام، تلك الرائحة لا بد أنها ستأخذك بعيداً وتعبث بذكرياتك تقلبها وتعيدها إليك تواً ولحظة، ربما استغربت لرائحة العطر التي تأخذك إلى رحلة الذكريات البعيدة. ومؤكد أنك تساءلت عما إذا كنت الوحيد الذي تسافر به الروائح عبر الأزمان والأمكنة في رحلة مع الذكريات السعيدة والحزينة على حد سواء.
حاسة الشم
تتحدى ذاكرة الروائح الذاكرات البصرية والحسية والسمعية، هكذا يقول العلم الحديث إذ أرجع ذلك إلى ما يُسمى بمعالجة الذكريات التي تتم في مركز حاسة الشم بالدماغ، فعند شم العطر يستدعي الإنسان كل الأحاسيس الخاصة بتلك الرائحة ما يُحدث داخله تغيرات نفسية وفسيولوجية.
وفي قصة سيدنا يعقوب الواردة في القرآن الكريم، نقرأ أنه عندما ألقى على وجهه قميص ابنه يوسف بعد انقضاء سنوات طويلة على فراقهما – وكان كفيفاً- شم رائحته، لكن لم يتوقف الأمر على استعادته للذكريات بل استعاد بصره بسبب الصدمة النفسية العميقة التي تعرض إليها جراء (شمه) رائحة ابنه.
روايات العطر
وفى الثقافة السودانية، نجد أن للروائح والعطور مكانة خاصة، ليس بسبب طيبها بل لأن تبعث في نفوسنا أحاسيس متناقضة، وتجعلنا نعود إلى أرشيف ذكرياتنا، ولأن المرأة السودانية أدركت بفطرتها أثر الروائح؛ أصبح لها شفرة خاصة في صناعة العطور النسائية، لذلك نجد أن إجراءات صناعة عطر (العروس) مثلاً تقتصر على القريبات من الدرجة الأولى، مثل الخالات والعمات حتى تضع كل واحدة منهن، حتى الأدب احتفى بالعطر والرائجة وحاسة الشم، ودونكم رواية (العطر) لـ (باتريك زوسكيند) و(روائح مدينة) لـ (حسين الواد)، و(تلك الرائحة) لـ (صنع إبراهيم)، وعدد ما شئت ثم أطلف لأنفك العنان وخزن في ذاكراتك، ثم استعيد كل شيء (يوماً ما

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..